اتسمت حرب السودان، التي اندلعت بين قوات الجيش السوداني وميليشيا "قوات الدعم السريع" إثر المحاولة الانقلابية الفاشلة، التي قامت بها الميليشيا صباح يوم 15 أبريل/نيسان 2023، بالاستقطاب الحاد على جميع المستويات.وخلال ما يقارب العامين من استمرار الحرب، انكشف الوجه الحقيقي لميليشيا "الدعم السريع" في تعاملها مع السودانيين في شتى أنحاء البلاد، من الجنينة في غرب السودان، وحتى الخرطوم ومدني في وسط البلاد.
ورغم ذلك، استمرت محاولات بعض القوى السياسية في التشويش على الواقع، وتشويه طبيعة الحرب لتبرير موقفها المتماهي مع ميليشيا "قوات الدعم السريع"، عبر تصوير الحرب على أنها ضد الإسلاميين، واعتبارها امتدادا للحروب ذات الطابع السياسي، التي خاضتها حركات الكفاح المسلح ضد حكومات المركز على مر تاريخ السودان، كما حاولت تبرير مواقفها المتماهية مع "قوات الدعم السريع" بتصويرها ككيان يشترك معهم في العداء للإسلاميين، ويخوض الحرب ضدهم.هذا التوجه يُعد أحد الأسباب الجوهرية التي تُساهم في استمرار الحرب، ومفاقمة معاناة الشعب السوداني تحت وطأة هذا الصراع المدمر. فميليشيا "الدعم السريع" ليست كيانا سياسيا نشأ نتيجة مطالب اجتماعية قاعدية يسعى لتحقيقها، بل هي أداة قمع وإرهاب أنشأها البشير في 2013كإعادة صياغة لميليشيات الجنجويدبهدف حماية نظام حكمه. ووجود الإسلاميين فيها،يفوق بكثير وجودهم في أجهزة الدولة الحالية. يتضح ذلك في خطابهم الإعلامي، وشعاراتهم وسلوكهم، الذي يشابه إلى حد كبير سلوك الجماعات الإسلامية المتطرفة، من "القاعدة" وحتى "بوكو حرام".