حضر، محافظة القنيطرة- تسللت قافلة من السيارات المسجلة في لبنان حاملة أفرادا من الطائفة الدرزية، واجتازت الحدود عبر طرقات قرية حضر المتعرجة في الرابع من يناير/كانون الثاني. وبدت تلك السيارات الباهظة اللامعة، كما لو أنها قادمة من عالم آخر، وهي تجتاز المحال التجارية، وتمر أمام المنازل على جانبي شوارع هذه المنطقة الفقيرة، التي تسكنها غالبية درزية جنوبي سوريا، والمحاطة بالتضاريس الصخرية والأراضي الزراعية.
كانت نقاط المراقبة مرئية فوق الأجزاء المغطاة بالثلوج من جبل الشيخ، أما في الأسفل فبدا السكان متعبين بعد أسابيع من عدم اليقين والاحتلال الإسرائيلي "المؤقت". أكثر ما يميز هذه الأرض المرغوبة لمواردها الطبيعية وموقعها الجغرافي، هو جبل الشيخ الممتد في الأفق، والذي يعرف باسم "حرمون" بالعبرية. حيث توفر مرتفعات الجولان، حصة كبيرة من إمدادات المياه لإسرائيل، وهناك اعتقاد واسع أن أكثر من 100 ألف سوري، فروا من تلك المرتفعات بعد أن استولت إسرائيل على المنطقة في عام 1967. وكانت الأمم المتحدة قد أدانت احتلال إسرائيل لأجزاء من مرتفعات الجولان لعقود من الزمن في قرارات مختلفة، بدءا من القرار 242 في عام 1967.
وعلى الرغم من أن الجزء الواقع على الحافة الغربية للقرية من مرتفعات الجولان، هو رسميا جزء من المنطقة منزوعة السلاح، التي تراقبها الأمم المتحدة والمعروفة باسم "منطقة الفصل" (AoS)، فإن هذا لم يمنع إسرائيل من الاستيلاء على المزيد من الأراضي في الأسابيع الأخيرة، بعد الإطاحة بنظام الأسد الدكتاتوري، الذي دام أكثر من 50 عاما في أعقاب هجوم خاطف شنته قوات المعارضة.
تزعم إسرائيل أن وجودها في هذه المنطقة يعود لأسباب أمنية فقط، وأن هذا الوجود مؤقت. ورغم أنها قلصت على ما يبدو وجودها منذ توغلها العنيف في الأراضي السورية أوائل ديسمبر/كانون الأول، فإن تاريخها في انتهاك قرارات الأمم المتحدة وبناء المستوطنات، التي ترفض الانسحاب منها، يترك سكان المنطقة في حالة من الرعب المستمر من احتمال تهجيرهم مع عائلاتهم من منازلهم. فهم لا يثقون في قدرة الأمم المتحدة على وقف أية محاولة أخرى من جانب "جارتهم" القوية في الغرب، لاحتلال المزيد من الأراضي، بما فيها أراضيهم، وفي الوقت ذاته يدركون أن الحكومة الحالية ليست قوية بما يكفي للوقوف بوجه إسرائيل، ومنعها من القيام بكل ما يحلو لها.