برفضه اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترمب استقبال مئات الآلاف من اللاجئين من قطاع غزة، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تمسك مصر بسياستها الثابتة في دعم إقامة دولة فلسطينية. ولم يتغير موقفه هذا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما يعكس التزاما راسخا بهذه القضية.
وللتأكيد على موقف مصر الرافض لترحيل الفلسطينيين، استخدم السيسي عدة أساليب توضح كيف ستتصدى بلاده لمساعي ترمب لتفريغ غزة من سكانها. ففي 29 يناير/كانون الثاني، وخلال مؤتمر صحافي مع الرئيس الكيني الزائر وليام روتو، انتهز الفرصة للرد على الفكرة التي اقترحها ترمب في 25 يناير. وأكد السيسي بحزم أن مصر لن تكون طرفا في أي حل يُلحق الظلم بالفلسطينيين، مجددا الدعوة إلى إقامة دولة فلسطينية، ومتعهّدا بالعمل مع الرئيس الأميركي لتنفيذ حل الدولتين في المستقبل القريب.
وفي إشارة إلى المظالم التاريخية التي تعرض لها الفلسطينيون، أعرب السيسي عن ثقته في قدرة ترمب على فرض حل الدولتين، لكنه حذّر في الوقت نفسه من أن الشعب المصري لن يسمح له بالموافقة على أي مخطط يهدف إلى ترحيل الفلسطينيين من أرضهم قسرا.
سياسة ثابتة
وكانت مصر على الدوام من أشد المؤيدين لإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لها. وعلى مدار السنوات، لعبت القاهرة دورا نشطا في الدعوة لحل الدولتين، واستضافت في سبيل ذلك الكثير من الاجتماعات بين الفصائل الفلسطينية لتوحيد موقفها التفاوضي وإنهاء الانقسامات الداخلية.
وكان لمصر دور محوري في جهود تحقيق السلام في الشرق الأوسط، حيث نظمت وشاركت في الكثير من المؤتمرات الدولية التي هدفت إلى إنهاء هذا الصراع الممتد لعقود، وكانت أول دولة عربية وقّعت معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979، وبذلك تبوّأت مكانة بارزة في رسم ملامح مستقبل إقليمي تكون فيه الحروب العربية-الإسرائيلية ذكرى من الماضي.
وعندما اندلعت الحرب الإسرائيلية على غزة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عقب هجمات "حماس" على المدن الإسرائيلية في اليوم السابق، سارعت مصر إلى التحذير من أي محاولات لتهجير سكان غزة، معتبرة أن القصف العشوائي الذي استهدف القطاع قد يكون مقدمة لمخطط تهجير قسري. وفي الوقت نفسه، حذّرت من تحويل غزة إلى منطقة غير صالحة للعيش، داعية سكان القطاع إلى التشبث بأرضهم. ونصح السيسي بنفسه سكان غزة بعدم مغادرتها، محذرا من أنهم قد لا يُسمح لهم بالعودة إذا غادروا.