أم كلثوم التي حفرت مكانها على خشبة مسرح الخلود

صوت طالع من تراث عميق ومتجدد

Lina Jaradat
Lina Jaradat

أم كلثوم التي حفرت مكانها على خشبة مسرح الخلود

رحلت أم كلثوم في مثل هذا اليوم قبل 50 سنة.

وهذا رقم مهول قياسا بأعمار البشر وحياتهم القصيرة في حساب جريان نهر الزمن الخالد إلى ما لا نهاية. فمعظم من ذكرناهم بهذه المناسبة - وهم ممن لديهم ذكريات ما عن الحقبة الأخيرة من حياة "كوكب الشرق"، عن حضورها وأغانيها في سبعينات القرن العشرين - استهولوا جريان الزمن بهم بهذه السرعة، ثم تأسفوا. وربما أخذهم حنين جارح ومفاجئ إلى ذلك الوقت. كأنما ذكرياتهم عنه انقطعت وغاصت في قاع بئر عميقة.

هذا يعني أن لا شيء يبقى على حاله في مجرى نهر الزمن الخالد.

الخلود والعابر

وغالبا ما لا يقوى البشر على تفسير أو تعقل الصدمات والمصادفات المفاجئة التي يتعرضون لها في حياتهم، فيما هي تطوح بهم وتتقاذفهم على غير هدى، وتغير مساراتهم ومصائرهم من حيث لا يدركون ولا يعلمون.

وفي حال اعتبار أم كلثوم علامة خالدة في مجرى نهر الزمن، سرعان ما تتراءى لنا تلك الحقيقة الملحمية المهولة المغايرة: يطوي الزمن حياة ملايين البشر، بل ملياراتهم، دون أن يأتي خبر على ذكرهم واقتفاء أثرهم في سجلات التاريخ ومدوناته. فهذه لا يحظى بالذكر والتسجيل والخلود فيها سوى قلة قليلة نادرة من الأفراد. وهؤلاء غالبا ما ينسب ظهورهم وتأثيرهم، وكذلك أفعالهم ومنعطفات حياتهم، إلى طاقات وإرادات استثنائية جبارة، خلاصية أخروية حينا، وأحيانا إلى عوامل وظروف كثيرة، شخصية واجتماعية وتاريخية.

هذه حال أم كلثوم بعدما مضت اليوم 50 سنة على رحيلها وغيابها، وتركت في دنيا العرب دويا لا تزال أصداؤه تتردد كصوتها وكلمات أغانيها، على الرغم من العواصف والتحولات التي غيرت وجه العالم، وغيرت أيضا أشكال حضور ذاك الصوت، تلقيه والاستماع إليه جيلا بعد جيل.

تركت في دنيا العرب دويا لا تزال أصداؤه تتردد كصوتها وكلمات أغانيها، على الرغم من العواصف والتحولات التي غيرت وجه العالم

وهناك من يخرج صوت أم كلثوم وظاهرتها من تحولات العالم والتاريخ ومن تغير أشكال التذوق والمشاعر والانفعالات، ليدرجها في سجل الخوارق والمعجزات والخلود. وإذا كان هذا يصح في أنها صوت وظاهرة غير قابلين للتكرار، فإنه يصح أيضا في استحالة ثبات الاستماع إليها وسواها في مجرى الزمن وتحولات الأهواء والأذواق والحساسيات والقيم.

وهذا ما ينطبق كذلك على سيرة حياتها ومسارها كظاهرة فنية، شأن تغير نظرة الناس إلى أنفسهم في كل مرحلة من أعمارهم. فأن تستمع إلى أم كلثوم في سن العشرين، ليس كمثل أن تستمع إليها في الأربعين والخمسين. فالزمن عدو الثبات والتكرار، لأن مبدأه التحول واستقبال الآتي، وتبدل النظر إلى الماضي.

الفن والأخلاق والنساء

من يراجع اليوم بعض المتوافر من سيرة أم كلثوم كظاهرة فنية، لا بد أن يطالعه مشهد أول متكرر لها في طفولتها بقرية مصرية منسية في الدلتا مطالع القرن العشرين، بعد ولادتها فيها العام 1898. نلمحها في ذاك المشهد تمشي طفلة حافية القدمين على دروب الفقر والقسوة والسعي إلى تحصيل دراهم قليلة للعيش من طريق الغناء في الأعراس والموالد مع والدها الشيخ وأخيها البكر الشيخ، أو الذي صار بدوره شيخا.

AFP
صورة نادرة لأم كلثوم تعود إلى ثلاثينات القرن الماضي

أما نداء المدينة الذي جاء بالثلاثة إلى القاهرة العام 1922، فاستدخل في حياتهم ومخيلتهم الريفيتين آمالا ودوافع ومشاعر متناقضة: أن يمكنهم سعيهم الدؤوب والممض في القاهرة من أن توفر جاذبية صوت أم كلثوم وخبراتها في الغناء، مبالغ وفيرة من المال "غير النظيف" أو "الحرام" في تلك النظرة الشائنة إلى المهنة الفنية "الساقطة أخلاقيا" في المجتمع التقليدي المحافظ، خصوصا إذا عملت النساء في مجالها واحترفنها. هذا فيما كانت سوق الفن مزدهرة، منطلقة وناشطة في مصر والقاهرة، بعد ما أشاعته ثورة 1919 الشعبية المصرية من وطنية وتحرر ونهوض ثقافي وفني، وظهور طبقة وسطى جديدة في مصر، لا سيما في القاهرة والإسكندرية وجاليات النخب الكوزموبوليتة فيهما.

شعور الثلاثة بالخزي والعار الأخلاقيين، حملهم على ستر شعر الصبية المغنية وجسمها بأردية تحجب أنوثتها، وتظهرها كصبي ذكر يغني في الأعراس والمسارح. واستمرت أم كلثوم على هذه الحال سنوات كثيرة في قريتها أولا وفي القاهرة تاليا، إلى أن بدأ يراودها مزيج من الخوف والمحافظة الأخلاقية والرغبة والإرادة الذاتيتين في التحرر من ذينك الشعورين ومن سلطة الشيخين عليها، والدها وأخيها. وهذا إضافة إلى تعرفها في أوساط القاهرة الفنية والثقافية والصحافية الى من أخذ بيدها وساعدها في إظهار هويتها الأنثوية فيما هي تغني. ومن هذا المركب المرتج وأثره في تكوينها النفسي والأخلاقي، بدأت أم كلثوم مسيرتها الفنية القاسية في القاهرة.

وإلى قسوة طفولتها في القرية وصباها في المدينة، وإلى انقسام شخصيتها بين امرأة الناس والفن والشهرة والنميمة والشائعات، وبين امرأة الفضيلة والشرف التي حافظت عليها في داخلها، كان عليها أن تخطو خطواتها الصعبة في عالم الغناء القاهري وقسوته. وهذا كان يستحيل تحققه من دون تحررها من سلطة الشيخين، لكن بلا قطيعة معهما ومع قيمهما والوئام العائلي بين الثلاثة.

هذه كلها صفات لصوتها لا تخلو من قداسة أسطورية، خلاصية وأخروية. ولا يخلو من مثل هذه الصفات اسمها 

وكان عليها أيضا أن تختبر وتتعلم لغة تلك القسوة السائدة في علاقات الوسط الفني وتجيدها كما تجيد الغناء وتحترفه، وإلا لدفعها ذاك الوسط إلى هوامشه، وحال دون إرادتها ورغبتها في النجاح. وهكذا لابست حياة أم كلثوم الشخصية والفنية في قاهرة الثلاثينات والأربعينات حروب طاحنة كان عليها أن تخوضها مع أندادها من نجوم الغناء والطرب. وهي حروب تدور معاركها في أوساط الفنانين والصحافيين وعلى صفحات الصحف والمجلات الفنية. ثم إن عالم الفن والفنانين والصحافة، غالبا ما كان على صلة وثيقة بعلاقات السلطة ونزاعاتها المرتبطة بقوة بالبلاط الملكي المصري وحاشيته. وفي حالات كثيرة كانت النساء وسمعتهن وكراماتهن، خصوصا المغنيات والفنانات، ضحايا تلك العلاقات السلطوية ومنازعاتها.

في هذا العالم القاسي كان على أم كلثوم أن تشق طريقها بنفسها ووحيدة إلى النجاح والشهرة بإرادة قاسية لا تلين.

الطريق إلى المجد

هذه ليست سوى بعض خطوط أو ملامح عامة لابست مسيرة أم كلثوم الطويلة في عالم الغناء والطرب منذ بداياتها وحتى صارت "كوكب الشرق" بلا منازع.

وهي بالألم والقسوة على النفس، وبكبح أهواء النفس والجسد ورغباتهما بإرادة ذاتية فولاذية تنطوي على إيمان بالله، بديهي وشخصي وداخلي وحميم، عبدت أم كلثوم طريقها إلى مجد لم يبلغه سواها من نجوم الطرب والغناء والفن في دنيا العرب في القرن العشرين حتى اليوم. لكنها حولت آلامها وقسوتها على نفسها وكبحها أهواءها ورغباتها إلى مدارات تعبير ملتهب بذاك الصوت، صوتها الجامح حتى أقاصي مقامات الوجد الصوفي.

Lina Jaradat
أم كلثوم

إنها "كوكب الشرق". وهذا لقب أفرَدَها على حدة، وأحاطها بهالة لم يحظَ بها أي من أولئك النجوم، ثم رفعها وحدها إلى مرتبة شاهقة فوق الآخرين. كأنما هي وحدها بلغت سدة الكمال والمنتهى والخلود، وثبتت فيها.

وهي في مصر كالنيل، كفيضان النيل، كالسد العالي، كالطمي، كالهرم، كالفرعون... كصوت عبد الناصر الذي استنجد بصوتها ليكون "قوة مصر الناعمة"، وليصير مدى صوته أوسع وأرحب، ويصل بين ضفتي المحيط والخليج. وهذه كلها صفات لصوتها لا تخلو من قداسة أسطورية، خلاصية وأخروية. ولا يخلو من مثل هذه الصفات اسمها الذي أطلقه عليها أهلها منذ ولادتها. والأرجح أن هذا ما أغناها عن تركه جانبا أو عن إخفائه والتستر عليه باسم فني ينسخه أو ينزعه عنها.

وطريق الخلاص الأخروي يكون دائما محفوفا بمكابدة الألم ولجم الأهواء والرغبات الدنيوية، ما خلا بلوغ سلطان الشهرة والمجد. وفي المتداول من سيرتها، ولدت أم كلثوم في ليلة القدر، حينما كان والدها الشيخ نائما في المسجد بقريته، فأبصر في منامه طيف امرأة في جلباب وحجاب أبيضين. ولما أوشكت امرأة منامه على الاختفاء، سألها الشيخ عن اسمها، فقالت إنها ابنة النبي أم كلثوم.

مقامات الصوت الطقوسي

في مثل هذا اليوم قبل 50 سنة، ملأ غياب "كوكب الشرق" شوارع القاهرة بذاك الطوفان البشري الملاييني المتلاطم في حال من الذهول والانخطاف والوجد الصوفي الأليم. وهذا لفقده صاحبة ذاك الصوت الخالد الذي يَحسب الحشد أنه يأتيه من مرتبة خلاصية عليا. مرتبة تنطوي على شيء مما يحف بأصحاب الكرامات والأولياء والمزارات والأضرحة.

ليس صوت أم كلثوم ابن الحاضر والآن وهنا، بل ابن نهر الزمن بأمدائه المفتوحة والمجردة من الأماكن والأوقات

يبلسم الصوت آلام المنطلقين في مداراته وجراحهم، تلك التي يكابدونها في حياتهم الدنيوية، ويمنحهم نشوة يمتزج فيها الحسي بالمجرد وشبه الخلاصي. فتصفو أرواحهم أو تغتسل بالوجد. وهذه المشاعر والانفعالات هي التي كان (وربما لا يزال) يبعثها صوت أم كلثوم وكلمات أغانيها في المستمعين إليها. وهذا لا يتحقق إلا على نحو طقوسي يتصل بتراث حي عميق الجذور، ويحرر رواده ومريديه أو يجردهم من الزمن والمكان المحددين، ويطلقهم في معراج مقامات الصوت.

في هذا المعنى ليس صوت أم كلثوم ابن الحاضر والآن وهنا، بل ابن نهر الزمن بأمدائه المفتوحة والمجردة من الأماكن والأوقات. والطقس الكلثومي ليس في الضرورة أن يكون جمعيا، بل قد ينفرد به شخص واحد أو شخصان، لكن الضروري ربما أن يكون الليل أو المناخ الليلي هو روح ذاك الطقس.

من يستعيد اليوم مشاهد من أرشيف حفلات أم كلثوم المصورة بالأسود والأبيض في مسارح وسرادق قاهرة الخمسينات والستينات في الحقبة الناصرية، يشاهد "كوكب الشرق" تقف كالهرم على خشبة المسرح قبالة جمهور الصالة الذي يطلق آيات التبجيل لنجمته المعبودة، ما أن تطل عليه كعرافة معبد تأخذه لأكثر من ساعتين في رحلة ينفصل فيها عن العالم والزمن، ويستسلم منسرحا مع مقامات صوت مطربته، مع تعرجاته ومنعطفاته، ذراه ومنخفضاته، المجردة إلى ما لا نهاية.

Claude Salhani/Sygma via Getty Images
جنازة أم كلثوم: تجمع 500 ألف مصري لتوديعها في القاهرة

ومقامات هذا الصوت الطالع من تراث عميق ومديد ومتجدد، تشبه المقامات الصوفية ومراتبها المتنوعة التي يرتقي إليها المريدون. كأنما صوت أم كلثوم وأسلوب غنائها الطربي على صلة وثيقة بالتراث الصوفي. وهو يأخذ المستمعين إليه نحو الذوبان في مقاماته ومراتبه.

أما مطربة هذه الأدوار أو عرافتها، فيكون حضورها على المسرح مركز ذاك الذوبان ومحوره. حركات جسمها ويديها وذاك المنديل المتدلي من إحداهما كعلامة لا تفارقها، إنما هي حركات انفعالية داخلية تمليها مقامات ومراتب صوتها المجردة، كالتجويد القرآني في أصوات كبار مشايخه الذين سبقوها بقليل من الوقت، وبلغ تجويدهم ومذهبه الراسخ قمته في حقبة صعودها إلى قمة الطرب. والتجريد الصوتي الطربي الكلثومي يشبه مدارات فن الخط العربي وتراثه الشديد التنوع. وهي تدعو المستمعين الذين يأخذهم صوتها إلى مداراته إلى الاستسلام لها والذوبان فيها.

أحمد رامي وأم كلثوم

وقد يكون الشاعر أحمد رامي شيخ أولئك المستمعين المنخطفين انخطافا كاملا بتلك المدارات وتجريداتها، على ما تظهره صوره الفوتوغرافية مستمعا إلى معبودته، وتظهره سيرته كذلك. وهو رفيق درب أم كلثوم بعد عودته من باريس إلى القاهرة العام 1924، حتى وفاتها سنة 1975. لكن تلك الرفقة كانت رفقة آلام تتيمه الروحي والصوفي بها طوال 50 سنة من عمره وعمرها، وظل ذاك التتيم على حاله إلى ما بعد موتها. ورامي كتب الشطر الأكبر من القصائد التي غنتها: 137 أغنية من أصل 383 أغنية أنشدتها "كوكب الشرق" في حياتها الفنية. وهذا حسب كتاب "كان صرحا من خيال..." الذي ألفه ونشره بالفرنسية الكاتب الفرنسي اللبناني الأصل سليم تركيه، وترجمه إلى العربية الشاعر الراحل بسام حجار، ونشرته "دار المسار" البيروتية 1999.

كتب أحمد رامي الشطر الأكبر من القصائد التي غنتها: 137 من أصل 383 أغنية

والكتاب هذا قد يكون وثيقة استثنائية عن مسيرة أم كلثوم الفنية وتتيم رامي بها، كما ألفها تركيه ورواها على لسان رامي نفسه، مازجا فيها الوقائع والأخبار وفن السيرة بالخيال الذي يجعل الكتاب أقرب إلى الفن الروائي، من دون أن تغيب عنه أجواء الحياة الفنية والثقافية والاجتماعية العامة التي زامنت حياة أم كلثوم في قريتها وفي القاهرة.

Creative Commons
أحمد رامي

ومن اعترافات أحمد رامي حسب مؤلف الكتاب، قوله إن "الشعور الذي أكنه لتلك المرأة (أم كلثوم) أصبح هو المناخ الذي عاشته مصر والعالم العربي (طوال أكثر من 50 سنة). فصوتها يدلني على التمزق في أعماقي، فأفقد صوابي فيما أستمع إليها (...) وكان أولئك المحتشدون في الصالة (حيث تقام حفلاتها الغنائية) مصفقين، يغتذون من روحي أنا". أي من القصائد التي كتبها رامي ودون فيها آلام تتيمه بها، فيما هو جالس في حضرتها في صفوف الصالة الأمامية، محولا قوة ذاك التتيم إلى وجد صوفي يعانق مقامات الصوت ومراتبه التي لا تحد ولا تبلغ. ويتابع رامي: "وكان ألمي يخنقني (...) لكنني تعلمت الصمت، وتعلمت التلاشي". وربما كان عليه أن يقول أيضا: تعلمت الكتمان. فبالكتمان المتألم أو الأليم وحده تستمر نشوات الوجد الغرامي الصوفي وتشتد.

وفي مكان آخر من الكتاب - ودائما حسب تركيه - يقول: "أفيض، أستسلم للسر (الذي بيني وبينها) كما تستسلم هي لغنائها. وحين يهلل الحشد وهي تغني، يكون تهليله صدى لإحساسنا الخاص". ويقول أيضا إنها "لم تتخل عن حلمها المجنون في أن يتزوجها البلاط الملكي. أما أنا فطوال الوقت كنت خارج الوقت أكتب لها القصائد". أما عن صوتها فيقول إنه "يهدهد الغضب والألم والتوق إلى عالم مقبل لا يأتي... وهي مثلي... وأنا مثلها، وبيننا فجوة من النقص. وكان شعري يعبر عن هذا النقص الذي يتحول في صوتها إلى النقص الذي تعاني منه البلاد. وقال عمر الخيام: الثمالة التي لا تفضي هي الطريق". أما زكي مبارك فيقول عن أم كلثوم إنها "تستر بمزاجها الغليظ قلبا يحترق".

أسهبنا في نقل هذه المقتطفات في الختام، للقول إن مقامات الوجد ونشوات الألم في صوت "كوكب الشرق" وكلمات أغانيها – خصوصا تلك التي كتبها لها أحمد رامي وغنتها بصوتها - هي مرآة حقبة مديدة للحال الروحية والعاطفية والانفعالية العميقة للإنسان العربي في القرن العشرين.

font change