منطقة الجزيرة سلة غذاء سوريا وخزانها النفطي

دير الزور والرقة والحسكة تضم 50% من النفط و64% من المياه و55% من القمح و78% من القطن

.أ.ف.ب
.أ.ف.ب
فلاح يحصد حقول القمح في الرقة، شمال شرق سوريا، 23 مايو 2024

منطقة الجزيرة سلة غذاء سوريا وخزانها النفطي

تقع منطقة الجزيرة السورية في الجهة الشرقية من البلاد، وهي محصورة جغرافيا بين نهري الفرات غربا ودجلة شرقا، وتضم ثلاث محافظات، دير الزور والرقة والحسكة، وهي المحافظات المعروفة بالمحافظات الشرقية، وتبلغ مساحتها نحو 76 ألف كيلومتر مربع، ما يوازي 41 في المئة من مساحة سوريا. وتشكل منطقة الجزيرة جزءا مهما من الحدود الدولية السورية مع العراق شرقا، وتركيا شمالا، وكان استخدام اسم "الجزيرة" في سوريا محصورا، حتى خمسينات القرن المنصرم، للدلالة على محافظة الجزيرة، التي بدل اسمها الزعيم السوري فوزي سلو إلى محافظة الحسكة، وعلى محافظة الفرات التي قسمت قسمين، محافظة دير الزور ومحافظة الرقة.

وبلغ عدد سكان محافظة الحسكة قبل عام 2011، مليونا و593 ألف نسمة، وهو في تزايد بمعدل نمو سنوي 2,46 في المئة. ويشكل سكان الحسكة ما نسبته 7 في المئة من إجمالي سكان سوريا، وتبلغ نسبة سكان الريف 64 في المئة وسكان الحضر 36 في المئة من مجموع سكان المحافظة. ووفق تقدير المكتب المركزي للإحصاء في سوريا في منتصف عام 2014، بلغ عدد سكان المحافظة مليونا و277 ألف نسمة، ويقدر عدد النازحين من مناطق أخرى بنحو 148 ألف نسمة، كما بلغ عدد من غادروا المحافظة إلى خارج سوريا نحو 263 ألف نسمة.

ألقاب "الجزيرة السورية"

عُرفت منطقة الجزيرة السورية عموما، ومحافظة الحسكة خصوصا، خلال فترة حكم آل الأسد التي امتدت 54 عاما، وفي كل المحافل الرسمية والمحلية والمراسلات الحكومية، بأسماء عديدة، في مقدمتها "سلة غذاء سوريا وخزانها النفطي" و"الجزيرة الخضراء" و"أرض الخير والعطاء" و"عاصمة القمح السوري" وغيرها من العبارات الرنانة. ويطلق عليها في الوقت نفسه، في المفاضلات الجامعية والتوظيفية، اسم "المحافظة النامية"، وكذلك محافظتا دير الزور والرقة.

بقيت محافظة الحسكة مهملة ومهمشة من دون أي خطط فعلية للتنمية والاستثمار وتعاني قصورا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية منذ وصول حافظ الأسد إلى سدة الحكم في عام 1970

بقيت محافظة الحسكة مهملة ومهمشة دون أي خطط فعلية للتنمية والاستثمار وتعاني قصورا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية منذ وصول حافظ الأسد إلى سدة الحكم في عام 1970، في سياق ما تسميه أدبيات "حزب البعث" المنحل، بـ"الحركة التصحيحية المجيدة"، بما فيها من زراعة وثروة حيوانية كبيرة ومصادر للمياه ومنبع للنفط والغاز.

فهي محافظة حقول وآبار النفط لكن بدون مصفاة للنفط أو محطات لتوليد الطاقة والكهرباء، وهي محافظة زراعة القمح والشعير والقطن، لكن بدون معامل للصناعات الغذائية أو الأعلاف والأسمدة أو مصانع للألبسة القطنية، وموطن للثروة الحيوانية لكن بدون معامل لصناعة الألبان والأجبان وغيرها، حيث تُنقل كل خيراتها إلى المحافظات الأخرى.

.أ.ف.ب
راعي أغنام في جوار حقل الرميلان النفطي شمال شرق سوريا، 8 يناير 2025

كما تعتبر الحسكة أغنى الأقاليم السورية بالثروة المائية، لا سيما السطحية منها، إذ تقدر ثروتها السنوية بنحو 64 في المئة من مجموع مياه سوريا.

وفي ظل عدم وجود مشاريع فاعلة في هذا المجال المهم وغيره من المجالات، تغيب منطقة الجزيرة عن الخريطة الاجتماعية والاقتصادية السورية، مع ما يعنيه ذلك من تأثير على استمرارية سوريا كدولة على الصعد كافة.

الجزيرة السورية بيضة القبان

لم تسلم الجزيرة من الثورة السورية منذ بدايتها في عام 2011 ضد نظام بشار الأسد، والتي كانت تركز في مجمل مطالبها على تحسين الوضع المعيشي والتطور الصناعي والاقتصادي والاجتماعي، وما نجم عنها من رد فعل السلطة باستخدام السلاح والمواجهة العسكرية لردعها واجهاضها، وما تخللها من تدمير للبنى التحتية وقطع الطرق العامة، وتوقف الإنتاج، ودخول دول عظمى على خط الصراع السوري، حيث كانت الجزيرة السورية بيضة القبان في هذا الصراع من حيث القيمة الاقتصادية والثروات، مما زاد معاناتها بشكل كبير، وتعرض المنشآت النفطية للتخريب والنهب وخروج مساحات واسعة عن الانتاج الزراعي وجفاف الكثير من ينابيع المياه وتوقف عشرات المشاريع عن العمل والانتاج.

بلغ إنتاج منطقة الجزيرة من القمح 2,15 مليون طن (55% من مجموع الإنتاج السوري) عام 2011، يشكل إنتاج الحسكة منه أكثر من 50%، كما تنتج الحسكة وحدها 35% من القطن

فعلى سبيل المثل، بلغ إنتاج منطقة الجزيرة من القمح 2,15 مليون طن (55 في المئة من مجموع الإنتاج السوري) عام 2011، شكل إنتاج الحسكة منه أكثر من 50 في المئة. في حين مثل إنتاج الجزيرة من القطن نحو 523 ألف طن (78 في المئة من إنتاج سوريا الإجمالي ذلك العام)، وقد أنتجت محافظة الحسكة وحدها 35 في المئة من إنتاج سوريا الإجمالي من القطن.

عاصمة الزراعة في سوريا

يقول الدكتور عبدالله الفارس، الأستاذ في العلاقات الاقتصادية الدولية في جامعة حلب الحكومية، وابن محافظة الحسكة، إن المحافظة تتميز بكونها منطقة تعتمد بشكل أساس على القطاع الزراعي في شقيه النباتي والحيواني، بالإضافة إلى قطاع النفط والغاز. ويشكل القطاع الزراعي الركيزة الاقتصادية الرئيسة في المحافظة نظرا الى مساحات الأراضي الزراعية الواسعة وتنوع محاصيلها، خصوصا الاستراتيجية منها، وأعداد العاملين فيها، حيث تصل نسبة العاملين في القطاع الزراعي إلى نحو 85 في المئة من نسبة السكان (عاصمة الزراعة)، فضلا عن تأمينها حاجة العديد من المنشآت الصناعية الإنتاجية من المواد الأولية والمواد الخام، مما جعل القطاع الزراعي يشكل موردا مهما من الموارد الاقتصادية ويساهم بنحو 27 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي السوري، ويؤمن حاجة الأسواق المحلية من المنتجات الزراعية والغذائية والسلع الاستراتيجية كالقمح والقطن والمواشي.

.أ.ف.ب
مقاتل كردي يقوم بحراسة حقول القمة، في بلدة القحطانية بالقرب من محافظة الحسكة، 30 مايو 2024

وتمتاز المحافظة بالمناخ والبيئة الملائمين للزراعة، كما تعد الشريان الأهم في إمداد البلاد بالقمح، المادة الأكثر حضورا في غذاء السوريين، حيث تشير الإحصاءات إلى أن المحافظة تنتج أكثر من 40 في المئة من حجم الإنتاج الكلي في سوريا فضلا عن الشعير والقطن، حيث وصل انتاج المحافظة من القمح عام 2011 إلى نحو مليون و700 ألف طن، في حين لم يتعد الانتاج في عام 2018 نحو 240 ألف طن فقط.

ووفقا للفارس، فإن أهم أسباب تراجع الإنتاج الزراعي خلال سنوات الحرب المنصرمة، الجفاف وانخفاض منسوب المياه نتيجة انخفاض منسوب الامطار، ونزوح الفلاحين من أراضيهم بسبب العمليات العسكرية، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وتراجع المساحات المروية نتيجة ارتفاع تكاليف الوقود وانقطاع التيار الكهربائي، وعدم توفر الأسمدة وتراجع جودة البذور، ليشكل ذلك فجوة في الطلب المحلي على القمح الذي يعتبر الأهم بالنسبة الى ا لسوريين.

الثروة الحيوانية 37 في المئة من الإنتاج الزراعي 

يشكل قطاع الثروة الحيوانية أهمية في الاقتصاد السوري حيث وصلت نسبته قبل بداية الثورة في البلاد إلى أكثر من37 في المئة من الإن تاج الزراعي في سوريا، وقدرت قيمته بـ3,17 مليار دولار عام 2012. ويتميز القطاع أيضا بجودة ونوعية المنتج فيه وبكونه يؤمن حاجة السوق المحلية من اللحوم والحليب ومشتقاته من جهة، ويمد العديد من الصناعات بالمواد الأولية كالصوف والجلود والشعر من جهة ثانية. كما يعتبر من القطاعات الواسعة الانتشار التي تشغل نسبة كبيرة من الأيدي العاملة وتعتبر مصدر دخل لغالبية السكان.

على الرغم من محدودية الإنتاج النفطي في سوريا، فإنه يساهم في دعم الناتج المحلي الإجمالي، حيث بلغ حجم الإنتاج نحو 380 ألف برميل يومياً في عام 2011، وكانت سوريا تصدر نحو 180 ألف برميل يوميا

وهو يساعد في توفير العملة الأجنبية للخزينة، إما من خلال تصدير منتجاته، أو تقليل استيراد العديد من المواد الأولية التي يوفرها للقطاع الزراعي أو الصناعي وللسوق المحلية.

وتتميز محافظة الحسكة بارتفاع نسبة الثروة الحيوانية فيها نتيجة ارتفاع النشاط الزراعي. ويوجد في المحافظة أكبر قطيع للأغنام في سوريا بلغ حجمه قبل سنوات الأزمة أكثر من 3 ملايين رأس غنم وشكل 18 في المئة من عدد الأغنام في سوريا، وفقا للدكتور عبدالله الفارس.

منبع النفط والغاز

على الرغم من محدودية الإنتاج النفطي في سوريا، فإنه يساهم في دعم الناتج المحلي الإجمالي، حيث بلغ حجم الإنتاج السوري من النفط نحو 380 ألف برميل يوميا في عام 2011، وكانت سوريا تصدر نحو 180 ألف برميل يوميا. ويقدر إنتاج محافظة الحسكة من النفط بنحو 200 ألف برميل يوميا، أي نحو نصف إنتاج سوريا من النفط.

يوضح الفارس أن تراجع الإنتاج النفطي السوري بشكل عام، يعود إلى الصراع القائم، وشكل النفط والسيطرة على حقوله أهم اسباب الصراع المسلح في المنطقة. وباتت معظم الحقول النفطية في محافظة الحسكة خارج سيطرة النظام السوري، وانتقلت إدارتها إلى قوات "الإدارة الذاتية" التي يرأسها "حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي" المعروف باسم قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي سيطرت على آبار وحقول مديرية نفط الحسكة في الرميلان والسويدية، في حين سيطر "تنظيم الدولة الإسلامية – داعش" على الحقول النفطية في منطقة الشدادي جنوب محافظة الحسكة (مديرية حقول نفط الجبسة بالشدادي). ولكن بعد طرد "داعش" من قبل قوات "الإدارة الذاتية"، وبدعم مباشر من قوات "التحالف الدولي"، أصبحت جميع الموارد النفطية تحت سيطرة قوات "قسد".

ويقدر الإنتاج النفطي اليومي بنحو 90 ألف برميل، يتم إرسال نحو 20 ألف برميل منها إلى الحكومة السورية عبر الطرق البرية بواسطة شركة وسيطة تابعة لعضو مجلس الشعب السوري السابق حسام قاطرجي، فيما يتم بيع باقي الإنتاج إلى محطات تكرير بدائية (بسعر نحو 20 دولارا للبرميل)، وإلى إقليم كردستان العراق ومناطق درع الفرات ونبع السلام الواقعة تحت النفوذ التركي شمال سوريا.

تقدر كمية الغاز في المنطقة بنحو 13% من إجمالي الغاز المكتشف في سوريا، وتلعب تلك الموارد دورا رئيسا في الخلاف الاستراتيجي بين السلطة السورية الجديدة، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)

أما بالنسبة الى الغاز، فتقدر الكمية الموجودة في المنطقة بنحو 13 في المئة من إجمالي الغاز المكتشف في سوريا، ويوجد معملان لإنتاج الغاز المنزلي، الأول في رميلان، وتصل طاقته الإنتاجية إلى نحو 12 ألف جرة غاز (تباع الجرة بـ 8 دولارات)، وتدير المعمل "الإدارة الذاتية الكردية"، والثاني في منطقة الشدادي وتديره الإدارة نفسها. 


وتشكل الموارد النفطية أحد أهم أسباب الخلاف الاستراتيجي بين السلطة السورية الجديدة، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بسبب أهمية النفط كمورد استراتيجي للدولة السورية، ومساهمته في دعم الناتج المحلي الإجمالي، والموازنة العامة، والحاجة الماسة اليوم من قبل الحكومة السورية للموارد الاقتصادية، لتمويل عملية إعادة الأعمار.

مورد اقتصادي لحكم الأسد

تعامل النظام السابق بقيادة حافظ الأسد مع الجزيرة على أنها مورد اقتصادي فقط، ولم تنعكس الإيرادات الكبيرة للمحافظة على تطوير المشاريع والتنمية والبنية التحتية. ويمكن تلخيص هذه السياسة في اتجاهين:

الاتجاه الأول، القطاع الزراعي، حيث بدأ الاهتمام بدعم القطاع الزراعي وتوفير مدخلاته من خلال منح القروض لحفر الآبار والانتقال من الزراعات البعلية إلى الزراعات المروية. وحدث هذا الانتقال مع بداية التسعينات وتوفر الموارد اللازمة بعد رفع الحصار الاقتصادي عن سوريا، والانفتاح على دول الخليج بعد المشاركة في تحرير الكويت، بالإضافة إلى الاكتشافات النفطية في دير الزور التي رفعت الإنتاج في سوريا إلى نحو 650 ألف برميل يوميا. ومن أهم الملاحظات على هذا الدعم:

أولا: التركيز على دعم زراعة القطن واعتباره محصولا استراتيجيا. وهذا لم يكن صحيحا من الناحية العملية، إذ إن كل كيلوغرام من القطن يحتاج إلى نحو 4 أمتار مكعبة من المياه، وقد ساهم ذلك بشكل كبير في تراجع مخزون المياه الجوفية والتأثير على استدامتها باعتبارها المصدر الوحيد للمياه في المنطقة.

ثانيا: النجاح في رفع الكميات المنتجة من القمح التي وصلت إلى نحو مليوني طن تقريبا، واستطاعت سوريا في حينها تكوين مخزون من القمح يكفي لنحو 4 سنوات.

سنوات الأزمة كشفت افتقار الجزيرة إلى كل المشاريع الاستراتيجية على الرغم من توفر مقوماتها كافة. وتمثل ذلك بعدم وجود محطة توليد طاقة كهربائية تعمل على الغاز

الدكتور عبدالله الفارس، أستاذ في العلاقات الاقتصادية الدولية في جامعة حلب

وفي الاتجاه الثاني، القطاع النفطي، حيث لم ينعكس الإنتاج النفطي على الواقع الخدمي لمحافظة الحسكة، وبقيت تصنف على أنها من المحافظات النامية. حتى فرص العمل التي كان يوفرها هذا القطاع بدأت تغلق أبوابها في وجه أبناء المنطقة مما دفعهم إلى الهجرة إلى لبنان وباقي المحافظات للبحث عن فرص العمل خلال سنوات الجفاف التي بدأت بعد منتصف عقد التسعينات.

وعود "أسدية" على الورق

زار بشار الأسد خلال فترة حكمه محافظة الحسكة مرتين في عام 2002 وفي 2011، أي قبل اندلاع الثورة ضده بأيام قليلة. كما أطلق مشروعا حكوميا باسم "تنمية المنطقة الشرقية"، ووضع حجر الأساس لإطلاق مشروع جر مياه دجلة.
ويقول الفارس إن الحديث عن تنمية المنطقة الشرقية بدأ في الخطة الخمسية العاشرة للدولة. وتبين نتيجة تحليل مؤشرات التنمية البشرية في حينها، أن المنطقة الشرقية (دير الزور والرقة والحسكة) تعتبر من المناطق الأقل نموا، ولديها أعلى معدلات الفقر في سوريا، 11 في المئة بالنسبة الى الحضر، و18 في المئة لسكان الريف، فيما كانت في باقي المناطق السورية 4 في المئة.
ومن أهم أهداف هذا المشروع، زيادة فرص الاستثمار والناتج المحلي الإجمالي للمنطقة وخفض نسبة البطالة والفقر وزيادة معدل الالتحاق بالتعليم وكذلك نسبة الإنتاج الزراعي بحدود 30 في المئة وإنتاج الطاقة الكهربائية بنسبة 90 في المئة، وتنمية التجمعات البشرية لتصبح مركز خدمات فاعلا على الحدود السورية التركية.

.أ.ف.ب
حقل الرميلان النفطي شمال شرق سوريا، بالقرب من الحدود التركية، 8 يناير 2025

على الرغم من كل الوعود التي أطلقها الأسد لتنمية المنطقة الشرقية، لم ينفذ شيء منها، بل على العكس، دفعت المنطقة ثمنا كبيرا لسياسات إلغاء الدعم على المنتجات النفطية وخصوصا للقطاع الزراعي، حيث قامت الحكومة برفع سعر ليتر المازوت من 7 ليرات سورية إلى 25 ليرة سورية، أي نحو 50 سنتا أميركيا، مما دفع المزارعين إلى التوقف عن ري المزروعات بسبب تكلفتها الكبيرة.

آمال المنطقة من الإدارة الجديدة

يقول الفارس إن سنوات الأزمة السابقة كشفت افتقار الجزيرة إلى كل المشاريع الاستراتيجية على الرغم من توفر مقوماتها كافة. وتمثل ذلك بعدم وجود محطة توليد طاقة كهربائية تعمل على الغاز، حيث تحتاج محافظة الحسكة تقريبا إلى نحو 800 ميغاواط، والمحطة الموجودة لم تكن تنتج أكثر من 100 ميغاواط في ذروة عملها، وتعرضت لضرر كبير بسبب القصف التركي.

كذلك، تحتاج الجزيرة إلى دعم مدخلات الإنتاج الزراعي من خلال المصرف الزراعي الذي توقف عن العمل منذ بدء الثورة السورية، وتفعيل عمل مؤسسة إكثار البذار لتوفير أصناف جيدة للمحاصيل الزراعية. كما تحتاج إلى إنشاء محطة ومصفاة تكرير للنفط لتوفير احتياجات المحافظة، ويمكن تأسيسها في البادية لتقليل آثارها على المناطق الزراعية، والاهتمام بقطاع المواصلات وربط المنطقة ببقية مناطق سوريا عبر طرق وسكك حديد بمواصفات عالمية، وإعادة إحياء مشروع جر مياه نهر دجلة الذي لم ينفذ، لما له من دور في تغذية المياه الجوفية، وري المحاصيل الزراعية. بالإضافة إلى الحاجة لتأهيل المدارس وإقامة جامعة خاصة في محافظة الحسكة والعمل على توحيد المناهج الدراسية، ووضع خطة استراتيجية لرفع معدلات الالتحاق بالتعليم بعد التسرب الكبير الذي حصل خلال سنوات الثورة السورية.

font change