رام الله– إذا أراد الفلسطينيون والعرب حل القضية الفلسطينية، فعليهم تجاهل فريق دونالد ترمب وأن يتعاملوا معه مباشرة، لأن فريقه عبارة عن مجموعة من الأشخاص الأيديولوجيين، هكذا يرى رئيس الوزراء الفلسطيني السابق والاقتصادي البارز الدكتور محمد أشتية السبيل الأمثل في التعامل مع الرئيس الأميركي بعد أيام من توليه مقاليد الحكم مجددا.
التقت "المجلة" الاقتصادي الفلسطيني البارز في مكتبه برام الله لإجراء حوار معمق، ونقاش فكري حول ترمب، و"حماس"، والسلطة الفلسطينية، وإسرائيل وحكومتها اليمينية المتطرفة، وأمور أخرى متعلقة بالصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
يرى الدكتور أشتية أن تشابك المصالح بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة من بين "شبكات الأمان التي يمكن أن تنقذ الأراضي الفلسطينية من الابتلاع".
ويضيف: "الموقف السعودي الواضح في موضوع التطبيع المشروط بمعالجة القضية الفلسطينية والوصول إلى حلها هو أحد الخيارات اليتيمة الباقية في المشهد السياسي العربي".
ويصف أشتية المنطقة اليوم وكأنها في حالة سائلة، وتبرز السعودية اليوم في المشهد لتوحيد العرب و"لملمة السيولة في المنطقة فيما يتعلق بسوريا وما يتعلق بلبنان وما يتعلق بفلسطين"، مضيفا أنه يجب التعاطي مع إسرائيل من منظور عربي- إسرائيلي، لأن التوازن لا يمكن أن يكون فلسطينيا- إسرائيليا "لكي لا تنفرد إسرائيل بنا واحدا واحدا".
ويرى أشتية أنه مع وجود الصهيونية الدينية الحاكمة اليوم في إسرائيل، لا يمكن أن يكون هناك حل سياسي، وأن الأخطر في الموضوع هو عندما تتناغم الصهيونية الدينية مع الصهيونية المسيحية التي تريد اليوم أن تحكم في أميركا، وخصوصا الملف الفلسطيني.
وعن حرب غزة، يرى أشتية أن الفلسطينيين كسروا الألم "الذي تحتكره إسرائيل. ألم الهولوكوست".
ويقول إنه ليس من المقبول أن تتنصل "حماس" الآن من المسؤولية السياسية لتداعيات هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وأن تعاملها مع القضية من منظور عسكري صرف غير صحيح، في الوقت الذي أفشلت فيه إسرائيل، على حد قوله، المسار السياسي، وأنها سترتكب خطأ العمر إذا كررت خطأها في غزة بنقل الحرب إلى الضفة الغربية.
وأعرب عن قلقه من أن إسرائيل سوف تستخدم عملية إعادة الإعمار من أجل التهجير الطوعي للفلسطينيين من غزة بعد أن فشل التهجير القسري.
وهذا هو نص الحوار كاملا:
* هل بات الخيار العسكري أو المقاومة خياراً فاشلاً؟ وهل انهار هذا الخيار، خاصة بعد أن اتضح جبروت إسرائيل في كل مرة يلجأ الفلسطينيون فيها إلى مقاومة مسلحة؟
- أنا عضو لجنة مركزية بحركة "فتح"، ونحن ندعي أننا أصحاب الطلقة الأولى والرصاصة الأولى، وبالتالي نحن أول من تبنى الكفاح المسلح في مواجهة الاحتلال الصهيوني الإحلالي الإبدالي. وانتقلنا من استراتيجية الكفاح المسلح التي آتت أكلها.
الكفاح المسلح نقل الشعب الفلسطيني من قضية لاجئين إلى قضية سياسية، وإدراكاً منا لميزان القوى انتقلنا إلى مربع مفاوضات مدريد التي على ضوئها تغير ميزان القوى في العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وغيره، وتحرير الكويت من صدام حسين، ومخرجات الإقليم والعالم جاءت بمؤتمر مدريد، والقيادة الفلسطينية قررت المشاركة في مفاوضات مدريد، وانتقلت من استراتيجية الكفاح المسلح إلى استراتيجية التفاوض.
بالنهاية، تم إفشال المسار السياسي من قبل حكومة إسرائيل التي قتلت رابين الذي كان شريك المسار السياسي، وجاءت باليمين أو الصهيونية الدينية التي لا تؤمن بالسلام مع الفلسطينيين، وبسبب إفشال وليس فشل المسار السياسي جاء الرد الفلسطيني على أساس أن إسرائيل لا تعرف إلا لغة المقاومة.
أيضا هناك خلل في التشخيص. فميزان القوى الذي فيه برزت المقاومةُ في الإقليم وبشكلٍ أساسي حركةُ "حماس" وغير ذلك لم تكن هناك قراءة صحيحة لميزان القوى، الأمر الذي أدى إلى أن المقاومة لا تنجز في الوقت الذي أفشل فيه المسار السياسي.
* أنت تحدثت عن إفشال المسار السياسي فهل ذلك بسبب بدء صعود نفوذ اليمين القومي المتطرف في السبعينات أيام مناحيم بيغن لأن الجميع يقول الآن إن اليمين المتطرف يتصاعد نفوذه يوما بعد آخر ولكن الموضوع يعود إلى السبعينات...
- سؤالك مهم، الصهيونية كحركة استعمارية عبرت في ثلاث مراحل:
الصهيونية العمالية العلمانية التي أقامت دولة إسرائيل بقيادة بن غوريون من عام 1948 حتى عام 1977. وهذه بنت المستوطنات لأسباب سياسية.
2- ثم جاءت الصهيونية القومية عام 1977برئاسة مناحم بيغن وبنى منظور استعماري استيطاني على أسس أمنية قومية.
3- اليوم نحن نعيش في مرحلة الصهيونية الدينية فمرجعية السياسة ليست المحكمة العليا في إسرائيل ولا الكنيست ولكن التوراة.
وهذه الحالة هي التي لا تعترف فيها الصهيونية الدينية بالآخر. ولما صارت أحداث 7 أكتوبر ماذا قال نتنياهو: "إنهم العماليق". الإشارة ترجع إلى التوراة كما قال شاؤول: اذهبوا إليهم اقتلوهم اقتلوا أطفالهم ونساءهم ورجالهم واقلعوا شجرهم واقتلوا حميرهم وبغالهم... إلى آخره. ولذلك المعركة اليوم التي تفرضها إسرائيل هي من منظور ديني بحت. الصهيونية العلمانية وحزب "العمل" وأدواته وحلفاؤه كانوا ينادون بوحدة شعب إسرائيل، ولذلك الذي بنى الجدار جدار الفصل العنصري على أرض فلسطين هو أحد أهم حمائم حزب "العمل"، حاييم رامون. الصهيونية الدينية والصهيونية القومية هي التي كانت تنادي بوحدة أرض إسرائيل ولذلك بالنسبة له اليوم هذه الحكومة تقول إن لليهود الحق الحصري في استيطان أي قطعة أو أي جزء من أرض إسرائيل الكبرى. وتحديدا يهوذا والسامرة والتي هي الضفة الغربية. ولذلك المعركة اليوم هي معركة من نوع آخر تماما، معركة مع الصهيونية الدينية التي تريد الاحتفاظ بـ"أرض إسرائيل" ولذلك مع هذه الصهيونية الدينية لا يمكن أن يكون هناك حل سياسي، لا يمكن أن يكون هناك حل سياسي. الأخطر في الموضوع هو عندما تتناغم الصهيونية الدينية مع الصهيونية المسيحية التي تريد أن تحكم في أميركا اليوم، ولذلك هذا الحال لن يأتي بالحل الذي ينشده العالم. جميع الحلول السياسية للقضية الفلسطينية بنيت على مبدأ تقسيم الارض.
قرار التقسيم الأول: 1937.
قرار التقسيم الثاني: 29 نوفمبر 1947.
حل الدولتين يعني تقسيم الأرض.. ما هو حل الدولتين؟ يعني دولتين على أرض فلسطين التاريخية.
جميع الحلول التي قبل بها الفلسطيني والعربي وتؤمن بها الدول العربية وتؤمن بها أوروبا وبعض الناس في الولايات المتحدة، بنيت على تقسيم الأرض بمعنى حل الدولتين. الصهيونية الدينية لا يمكن الوصول معها إلى حل الدولتين، لأنه بالنسبة له وحدة "أرض إسرائيل" أهم من أي شيء آخر، ولذلك مع هذه الحكومة لا حل ولا أفق لحل إلا أن يتغير ميزان القوى وتندحر الصهيونية الدينية وتنتقل إلى نوع رابع من الصهيونية بالنسبة إلي وهو الذي تتجه إليه إسرائيل وهو الصهيونية الاقتصادية، التي حدودها أمنية ولكن مصالحها اقتصادية، لم تتبلور حتى الآن، ولكن هم ذاهبون إلى هذا الاتجاه.
* إذن ما العمل إذا تم ما يسميه سموتريتش ورفاقه من المتطرفين الإسرائيليين أن دولة يهوذا أصبحت تسيطر الآن على إسرائيل؟ هناك شطب كامل للفلسطينيين من المعادلة السياسية، ما العمل الآن؟
- سؤالك في غاية الأهمية اسمح لي. أولا بالنسبة لنا علينا أن نتحالف مع الزمن.. الزمن عدونا غدا، وحليفنا بعد غد لماذا؟ برنامج نتنياهو وحلفائه يرمي إلى تدمير إمكانية إقامة دولة فلسطين بمنظور حل الدولتين بمنظور تقسيم الأرض. يريد أن يدمر ذلك لأن هذه هي الصهيونية الدينية التي لا تؤمن بتقسيم الأرض.. طيب. هذه أول مرة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يصبح عدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية سبعة فاصل ثلاثة مليون إنسان بين النهر والبحر مسلمين ومسيحيين، ويصبح عدد اليهود بما فيهم المستوطنون والإسرائيليون بين النهر والبحر سبعة فاصل واحد مليون إنسان، الفلسطيني يتزايد بواقع ثلاثة فاصل ثمانية في المئة، والإسرائيلي يتزايد بواقع اثنين فاصل واحد في المئة. الميزان الديموغرافي على المدى البعيد هو لصالح الفلسطيني. وبناء عليه إذا اندحر حل الدولتين نحن اليوم نعيش في إطار الدولة الواحدة. الحكم الذاتي الفلسطيني: السلطة الفلسطينية اسمها السلطة الفلسطينية للحكم الذاتي الانتقالي، هذا هو الاسم الرسمي في الوثائق. الآن، إذا راحت فكرة حل الدولتين فإننا الآن نعيش في الدولة الواحدة وفي حالة الدولة الواحدة يحصل أمران:
- الأمر الأول: إسرائيل تتحول إلى نظام فصل عنصري، وهي كذلك اليوم. ولذلك نذهب إلى ما يمكن أن نسميه نموذج جنوب أفريقيا للصراع الفلسطيني الإسرائيلي المبني على الحقوق وليس على تقسيم الارض، حقوق في الدولة الواحدة. هذا الأمر إسرائيل ترفض حل الدولة الواحدة وترفض حل الدولتين، ولهذا نتحالف مع الزمن.
إن إسرائيل دولة عنصرية تمارس نظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين وهي تريد أن تنشئ دولة بنظام فصل عنصري ضد الفلسطينيين. الديمقراطية الإسرائيلية في الكنيست هي لليهود ومحجوبة عن الفلسطينيين. لذلك اليوم بالنسبة لنا ما العمل؟
تعزيز الجبهة الداخلية للفلسطينيين من أجل مواجهة التحديات. ولذلك لا بد لنا من أن نعقد جلسة للمجلس الوطني تلم مختلف الطيف الفلسطيني من أجل أن يكون هناك برنامج نضالي سياسي متفق عليه وطنيا نتفق على الهدف وعلى أدوات تحقيق هذا الهدف. لا يذهب أحد إلى السلام منفردا ولا يذهب أحد إلى الحرب منفردا. نذهب إلى الحرب أو السلام مجتمعين ببرنامج سياسي نضالي نوحد فيه الرؤية ونوحد فيه أدوات تحقيق هذه الرؤية. ولا بد لنا من تعزيز المشهد العربي والتمسك بالموقف العربي الذي عبرت عنه المملكة العربية السعودية. المنطقة اليوم في حالة سيولة، في حالة السيولة يعني انفلاش، ولذلك لا يمكن لنا إلا أن نتوحد خلف مشهد عربي واحد. اليوم المملكة العربية السعودية تمثل حالة لملمة السيولة في المنطقة فيما يتعلق بسوريا وما يتعلق بلبنان وما يتعلق بفلسطين ولذلك ربطت المملكة العربية السعودية موضوع الضغوطات وموضوع التطبيع مع إسرائيل بثلاث قضايا أهمها بالنسبة لنا هو مسار سياسي يفضي بحل القضية الفلسطينية، هذا بالنسبة لنا ثالثا.
رابعا، في ظل قيادة المملكة العربية السعودية لهذا المشهد الذي نريد أن نراه هو توازن مصالحٍ يعكس توازن قوى، توازن القوى بيننا وبين إسرائيل لا يمكن أن يكون فلسطينيا إسرائيليا، لأنه غير متوازن، توازن القوى مع إسرائيل يجب أن يكون عربيا إسرائيليا لكي لا تنفرد إسرائيل بنا واحدا واحدا كما كان الحال عليه، ولذلك علينا أن نتعلم الدروس والعبر بأن ميزان المصالح يستند إلى ميزانِ القوى وأنا أعتقد أن اليوم سمو الأمير محمد بن سلمان علّم بايدن درسا لن ينساه بايدن في حياته في خمسة أشياء:
جاء بايدن إلى السعودية ليدعو إلى حلف عربي ضد إيران، لكن جرى اتفاق على علاقات حسن جوار مع إيران... هذا واحد.
اثنان: بوساطة صينية.
ثلاث: لما طلب بايدن رفع إنتاج البترول، كان الرد السعودي: الذي يقرر "أوبك +". "أوبك + روسيا". وجاء القمة العربية وحضرتها كل الدول العربية، ولذلك بجميع الأحوال المشهد بالنسبة لنا هو أن يعكس ميزان المصالح في الإقليم في ظل حالة السيولة التي تعيشها المنطقة ميزان قوة جديدا وهذا الميزان الجديد يجب أن يرتكز إلى ثلاثة مفاصل: السعودية، مصر، أعتقد بالنسبة لنا طبعا الأردن. وهنا إذا عمل هذا التكتل بطريقة صحيحة تصبح فلسطين بخير. إذن ما العمل؟ جبهة فلسطينية متوحدة، ميزان مصالح يعكس ميزان قوة وبالمجمل العام نحن نتحالف مع الزمن إذا ما لم ننجز اليوم. ولأن إسرائيل تريد أن تخسرنا حل الدولتين.
آخر شيء هو ان عنصر الزمن على المدى القصير ضدنا ولكن على المدى البعيد معنا؟ اليوم عدد المستعمرين المستوطنين في الضفة الغربية 761 ألف مستوطن يشكلون 24 في المئة من مجمل السكان. ولذلك الإسرائيلي عندما يقول: سموتريتش دولة يهوذا، ما في دولة يهوذا، بمعنى الاستعمار الاستيطاني في فلسطين لا يشبه الاستعمار الاستيطاني الفرنسي في الجزائر لأنه بين الجزائر وفرنسا البحر الأبيض المتوسط. المستعمر في الجزائر الأم له فرنسا، المستعمر في الضفة الغربية لا يوجد حدود جغرافية فاصلة بين الضفة الغربية وإسرائيل، المسافة بين كفارسابا (مدينة في إسرائيل) وقلقيلة المسافة مشي. لا تتعدى كيلومترا واحدا. ولذلك لا توجد حدود طبيعية. اي ان تقوم دولة للمستوطنين تسمى دولة يهوذا، فالجواب لا، ولكن هناك هيمنة للمستوطنين على صناعة القرار السياسي في إسرائيل من جانبين صناعة القرار السياسي وصناعة القرار الأمني، لأن كل مستوطن في الضفة الغربية يخدم في الجيش، فهو في الليل مستوطن وفي النهار جندي. وهم ممثلون في الكنيست وسموتريتش ساكن في الضفة الغربية، وبن غفير كذلك الحال، وبعض أعضاء الكنيست الآخرين ولذلك بدأ المجتمع في إسرائيل يتجه إلى اليمين، واندحر معسكر السلام. لا يوجد في إسرائيل اليوم معسكر سلام، ولا يوجد في إسرائيل اليوم معسكر يسار، لا يتعدى، ماعنده أصوات الحسم ليكون عنده أعضاء في الكنيست اندحر هذا المسار، ولذلك على المدى القصير إسرائيل تدمر إمكانية إقامة دولة فلسطين، ونخسر على المدى القصير حل الدولتين ولكن نتحالف مع الزمن من أجل أن تصبح إسرائيل لا يهودية ولا ديمقراطية، حيث تصبح دولة فيها أغلبية فلسطينية، هذا الذي يجرف الأساس الذي بنيت عليه إسرائيل. إسرائيل بنيت كدولة يهودية وهي لن تكون بالمستقبل، وتحولت إلى دولة عنصرية بإقرار كل العالم. وأن ديمقرطيتها ادعاء كاذب.
* ذكرت التحالف مع الزمن لكن أين إنجازات الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة؟
- سؤال مهم... أولا: يجب أن لا يغيب عن ذهننا جميعا أن الفلسطيني عاش حالة من التيه من عام 1948 حتى عام 1965، انطلاقة حركة "فتح" وإيمانها بالكفاح المسلح نقل القضية الفلسطينية كما ذكرت لك من قضية لاجئين إلى قضية سياسية.
خضنا معركة وجود ضد إسرائيل ووجدنا. وإسرائيل التي قالت فيها غولدا مائير، في 29 نوفمبر 1969 في جريدة "التايمز" اللندنية.. سألوها ماذا ستفعلون بالفلسطينيين؟ قالت لهم- استكمالا للمقولة الصهيونية أن فلسطين أرض بلا شعب- "اين هم فهم ليسوا موجودين".
إذن نقلنا شعبنا من التيه إلى الوجود ونقلنا شعبنا من لاجئين إلى أصحاب حقوق سياسية واعترف العالم بأن حقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للتصرف وخضنا معركة التمثيل لأن الفلسطيني كل واحد يدعي أنه يمثلنا، فنضالات الشعب الفلسطيني ونضالات منظمة التحرير وعمادها حركة "فتح" قد جاءت في مؤتمر فاس عام 1974 بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني. واعترفت بذلك الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وصار يجلس على كرسي فلسطين من يمثل الشعب الفلسطيني، وحافظت منظمة التحرير وحركة "فتح" على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني عندما أراد حافظ الأسد ومن بعده ابنه بشار أن يضعوا القضية الفلسطينية ورقة في جيوبهم، قاتل ياسر عرفات ضدهم في طرابلس وفي لبنان. وعندما أراد صدام من خلال أبو نضال وغيره أن يضع القضية الفلسطينية في جيبه قاتلنا ضد ذلك، وعندما أراد القذافي أن يضع القضية الفلسطينية في جيبه قاتلنا ضد ذلك، وحافظنا على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني المستقل من الداخل. ومن ثم إيمانا منا وإدراكا لميزان القوة الذي تشكل في مرحلة ما بعد العراق وما بعد تحرير الكويت ذهبنا إلى مؤتمر مدريد ومن ثم إلى أوسلو وتم الاعتراف من قبل إسرائيل بأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في رسائل متبادلة بين إسحاق رابين وياسر عرفات وأنشأنا السلطة الوطنية الفلسطينية التي جاءت نتيجة الإجماع الوطني بقرار المجلس الوطني عام 1974 الذي قال في برنامج النقاط العشر يتم إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية على أي جزء يتم الانسحاب منه أو تحريره.