مع اللحظة الأولى لسقوط نظام الطاغية بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، والتفكير ينصب على الخيار الذي ستسلكه الإدارة السورية الجديدة في ما يتعلق بالغطاء القانوني والدستوري للمرحلة الانتقالية. خرجت الكثير من الأفكار على السطح من مثل الدعوة إلى "مؤتمر للحوار" وقد تردد ذلك على لسان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أكثر من مرة، وتم تداول عدد المدعوين بأكثر من 1200 مدعو، بيد أن حجم عدد الأعضاء الكبير هذا جعل من قابلية تطبيق هذه الفكرة مستحيلا.
لذلك تم تجاوز هذه الفكرة والبحث عن أفكار أكثر عملانية، فجرى تداول فكرة "المؤتمر الوطني" على غرار فكرة "المؤتمر السوري" العام في يونيو/حزيران 1919، لكن أعضاء ذلك المؤتمر التسعين كانو أعضاء في "مجلس المبعوثان" العثماني ممثلين عن مناطق بلاد الشام المختلفة من مثل سوريا ولبنان. صحيح أن التمثيل كان حقيقيا على المستوى المذهبي والديني والثقافي، فتحدّر أعضاء المؤتمر من مختلف عناصر الهيكل الديني والمذهبي السوري، من سنّة وعلويين ودروز ومسيحيين ويهود وأعيان ريف ومثقفين ووجهاء مدن يتمتعون بالقوة الاجتماعية والسياسية في مجموعاتهم، وقد ترأس دورات المؤتمر محمد فوزي العظم وهاشم الأتاسي والشيخ رشيد رضا، لكن التمثيل كان حصيلة الانتخاب على درجتين. لذلك فإعادة تطبيق الفكرة اليوم يدخلك في جدل اللجنة التحضيرية والاختيار والتعيين. إذ ليس هناك إمكانية للقيام بأية عملية انتخاب تمثيلي في الوقت الحالي.
لذلك بدا أمام الإدارة السورية الجديدة خياران فقط، إما العمل بدستور 2012، وهو ما يعني أن يصبح نائب رئيس الجمهورية فيصل المقداد رئيسا انتقاليا، لكن هذا الخيار لم يكن مقبولا أبدا من قبل الشعب السوري، وخاصة القوى الثورية، كما أنه لم يطرح أبدا من قبل المجتمع الدولي الذي بدا مرحباً بساكن قصر الشعب الجديد أحمد الشرع.