الذكاء الاصطناعي والتعليم... حتمية تكنولوجية وقلق من تأخر الجامعات العربية

بين رفضه لأسباب أخلاقية والحاجة إلى قوننة استخداماته

Nash Weerasekera
Nash Weerasekera

الذكاء الاصطناعي والتعليم... حتمية تكنولوجية وقلق من تأخر الجامعات العربية

بعيدا من الاستخدام اليومي، الذي قد يبدو غريبا أحيانا، مثل تفسير الأحلام أو تقديم نصائح في الطبخ والحياة والمجتمع، يبدو الذكاء الاصطناعي أستاذا حكيما للعديد من الطلاب والمتعلمين في العالم. وهنا، لا نتحدث عن استخدامات تصنف سرقة علمية، كأن يكتب البرنامج بحثا كاملا أو يحل مسألة نيابة عن الطالب، بل نتحدث عن دوره في تبسيط الأفكار وشرح المفاهيم بأسلوب سهل ومفيد.

تشير التقارير الصادرة عن الشركة المصنعة لـ"تشات جي بي تي" إلى أن البرنامج يعالج بيانات مئات ملايين المستخدمين شهريا، مع تقدير عدد المستخدمين النشطين أسبوعيا بنحو 200 مليون. وهو رقم يعكس الانتشار الواسع للذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، ولا سيما في التعليم والتواصل وشرح الأمور اليومية والمعقدة. ومع ذلك، يشدد "تشات جي بي تي" على أهمية الاستخدام الأخلاقي، مشيرا إلى أن "الاستخدام الأخلاقي قد يساعدنا في إنجاز مهامنا". ويُبرز البرنامج فائدته في تسريع العمليات مع التركيز على الجانب الأخلاقي.

ينطبق هذا أيضا على برنامج "مايكروسوفت كوبايلوت"، الذي تأسس في عام 2023 ويستخدمه الملايين. عند سؤاله عن فائدته، يقدم إجابات مشابهة مثل: "أحب المعلومات والتعلم والنقاشات الممتعة. هدفي هو أن أكون شريكا موثوقا به وداعما في رحلتك لاكتساب المعرفة".

التعليم من بُعد

شهد التعليم من بُعد نجاحا ملحوظا خلال جائحة كوفيد-19 في 2020 إذ دفع العزل المنزلي المتعلمين والمؤسسات إلى تبني هذا النمط التعليمي على نطاق واسع. وفقا لإحصائيات أميركية رسمية، اعتمدت 90% من الشركات التعليم الإلكتروني عام 2020 أداة تدريبية فعالة.

في المملكة العربية السعودية، أظهرت منصة "مدرستي" نجاحا ملموسا، حيث سجل أكثر من 6 ملايين طالب وطالبة دخولهم اليومي عليها. أما في ألمانيا، فلجأ 19% من معلمي المدارس الثانوية إلى التدريس عبر الفيديو، في حين أثّر إغلاق المدارس على 85% من الطلاب، مما جعل التعليم من بُعد حلا سريعا وضروريا. وعلى مستوى الجامعات العالمية، توسعت برامج التعليم من بُعد على نحو ملحوظ بعد الجائحة، مما يشير إلى تغير جذري في مفهوم التعلم التقليدي.

على مستوى الجامعات العالمية، توسعت برامج التعليم من بعد على نحو ملحوظ بعد الجائحة، مما يشير إلى تغير جذري في مفهوم التعلم التقليدي

إلى جانب ذلك، عزز التباعد الاجتماعي الاعتماد على التعليم الفردي عبر الإنترنت، إذ أصبح المتعلمون أكثر ميلا الى التعلم الذاتي من خلال البحث الشخصي واستخدام المنصات التعليمية. ومع ذلك، فإن عزلة الطلاب عن الصفوف التقليدية غيرت الديناميكيات التعليمية. فأصبحت روح الجماعة والعلاقة مع الأستاذ مختلفة، مما أضاف تحديات وفرصا جديدة للتجربة التعليمية.

علاوة على ذلك، أدى الانتشار الواسع للأجهزة اللوحية والمنصات التعليمية المخصصة، إلى تعزيز القدرة على التهيئة للتعليم من بُعد، مما أتاح للمتعلمين الوصول إلى مصادر تعليمية جديدة وسهولة أكبر في اكتساب المهارات والمعرفة.

طالب في مدرسة ثانوية يستخدم أداة ذكاء اصطناعي

الذكاء والغباء

إلا أنه في المجال التعليمي، يدور نقاش متواصل بين المعلمين والطلاب حول جدلية "الذكاء" و"الغباء". يصف البعض الاعتماد المفرط على برنامج "تشات جي بي تي" بأنه نوع من الغباء، إذ يعتمد المستخدم على الآلة بدلا من التعلم والتفكير الذاتي. وعلى الجانب الآخر، يدافع المعلمون عن أهمية التواصل الإنساني وتبادل الخبرات مع المدرّسين، باعتباره جزءا أساسيا من العملية التعليمية، مقارنة باستخدام آلة يمكن ببساطة تحديد الطلبات منها.

بحلول عام 2022، ظهرت دعوات أكاديمية تحذر من تأثير أدوات الذكاء الاصطناعي على الكتابة الأكاديمية. في مقابلة لمجلة "ذي أتلنتيك" الأميركية، تحدث كايل جنسن، مدير قسم الكتابة الأكاديمية في جامعة ولاية أريزونا  (ASU)، عن التحديات التي تواجه التعليم مع انتشار أدوات مثل "تشات جي بي تي". يشرف جنسن على برامج كتابة يشارك فيها نحو 23,000 طالب سنويا، وهو يسعى مع فريقه إلى دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم بطرق تحسّن تجربة التعلم بدلا من مقاومتها. ومع ذلك، وصف بعض الأكاديميين انتشار هذه الأدوات بأنه قد يكون "بداية نهاية المقال الأكاديمي"، نتيجة الاعتماد الكبير عليها.

منذ جائحة كوفيد-19 في 2020، اضطر ميزان التزامن المكاني بين الطلاب والمعلمين إلى التغير، وأصبح الذكاء الاصطناعي يحتل مكانة بارزة في العملية التعليمية. ورغم الفضائح المتعلقة باستخدام الطلاب الذكاء الاصطناعي لسرقة الأبحاث، إلا أن هذه الأدوات ساعدت العديد من الطلاب في فهم أفضل لمناهجهم، وتحليل تفاصيل دراستهم، وتوفير الوقت للتفكير والإنتاج.

ساعدت هذه الأدوات العديد من الطلاب في فهم أفضل لمناهجهم، وتحليل تفاصيل دراستهم، وتوفير الوقت للتفكير والإنتاج

تقوم برامج الذكاء الاصطناعي على توليد المعلومات المتواصل. ورغم ملاحظات العلماء في شأن التكرار في بعض الإجابات التي تقدمها برامج الذكاء الاصطناعي، واستخدامه الواسع في الأبحاث أو حتى الامتحانات، إلا أن تحديد السؤال وتطويره يمكن أن يؤديا إلى أجوبة متقدمة ومختلفة تكون شارحة ومدققة ومعززة للمعرفة والفهم. في لبنان وسوريا، يستخدم الطلاب برامج الذكاء الاصطناعي لأغراض متعددة، مع إدراكهم أخطار الاعتماد الكامل عليه في الحل النهائي، بسبب قدرة الجامعات والأساتذة على كشف التلاعب، خصوصا من خلال الفحص الشفهي.

AFP / OLI SCARFF
آمي توملينسون، محاضرة في إعادة تأهيل الرياضة بجامعة هال، تقدم جلسة تعليم من بُعد حول العمود الفقري والحوض من مكتبها في حرم الجامعة

بعض الأساتذة اكتشفوا بسهولة الأبحاث المنتَجة باستخدام "تشات جي بي تي" ويُذكَر أكثر من أي برنامج آخر لريادته بين برامج الذكاء الاصطناعي، لكن الطلاب يرونه أداة تبسّط العمل وتساعدهم في الشرح. المشكلة التي ظهرت في أوروبا وبعض الجامعات الأخرى هي الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الشرح والترجمة وطريقة تحليل المعادلات والمفاهيم، أو المواضيع، مما قد يقلل أهمية دور المعلم التقليدي في تقديم التعليم والتفاعل الإنساني. ورغم ذلك، فإن تصوير صفحة من كتاب فلسفي أو علمي يجعل برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على تقديم شروح دقيقة، خاصة مع الطلبات المكررة مثل "بسّط أكثر" أو "اشرح أكثر"، التي أصبحت أشبه بـ"روح الذكاء الاصطناعي" في فهم احتياجات الطلاب.

يصف الطلاب بعض هذه البرامج بأنها أقرب إلى معلم صديق، إذ توفر شرحا مبسطا لنظريات معقدة مثل أعمال كانط أو هيغل. يمكنها أيضا تحويل نظرية مثل النسبية إلى عشرات الأمثلة العملية أو سرد المفاهيم الفلسفية كقصة. الجانب الإيجابي الأساسي يكمن في دعم الذكاء الاصطناعي غير المباشر للجامعات التي لا تُحدّث آلياته ولا تبحث عن استيعاب الطلاب والمتعلمين والصعوبات التي يعانون منها، حيث تعاني المناهج في بعض الجامعات من قدم المواد المقدمة للتدريس، وقِدم طرق التدريس. لم يعد الطلاب يقولون "لم أفهم المادة"، إذ أصبح الذكاء الاصطناعي أداة تعليمية تساعدهم في استيعاب أي موضوع بسهولة، من أبسط عمليات الطب، إلى العمليات الهندسية المقعدة، أو النظريات العلمية أو الأدبية، كل شيء تعرضه على البرنامج سيجتهد لك في شرحه.

تجارب

التقينا مجموعة طلاب يدرسون علم الاجتماع والفلسفة والهندسة، وأوضحت لنا الطالبة آية البشر أنها وطلاب آخرين ينظمون موادهم الدراسية بناء على خطط يضعها المدرسون و"تشات جي بي تي" حيث طرق التعليم وكثافتها في الجامعات اللبنانية تتطلب حجما كبيرا من العمل الفردي، كقراءة كتاب، ومتابعة دراسات وأبحاث مختلفة، هذا ما يجعل "تشات جي بي تي" مساعدا جيدا في إعطائه معلومات أو أبحاثا ليحللها ويشرحها ويلخصها أحيانا. يضمن لهم هذا الأخير طريقة لتنسيق النصوص، تنقيح المعلومات، وحتى اقتراح إضافات فعالة للأبحاث وشرح الأبحاث المعقدة ومعالجة الأرقام الاحصائية. يقول رامي ابراهيم: "ما يجعله ممتازا أنه لا يستجيب فقط، بل ينقح النصوص أو ينسق الأفكار بمنهجية محددة"، ثم يرسم خطة مركبة لأي بحث لتطويره.

يبقى استخدام الذكاء الاصطناعي ضمن الإطار التعليمي والمساعد محورا للتجربة والتطوير لكن ضمن منهج الاستفادة النشطة من التعليم والإنتاجية

في جامعة القديس يوسف في لبنان، فُعّلت رقابة خاصة لمراقبة استخدام الذكاء الاصطناعي، وفي الجامعتين الأميركية واللبنانية أيضا تم تبني أدوات لفحص تدخلات الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، يبقى استخدامه ضمن الإطار التعليمي والمساعد محورا للتجربة والتطوير لكن ضمن منهج الاستفادة النشطة من التعليم والإنتاجية.

تحدثنا مع الطبيبة السورية شانتال بشور، وهي مقيمة في ألمانيا وتحضر لفحص القبول الطبي. قالت إنها تستخدم الذكاء الاصطناعي للتدريب يوميا، إذ يقدم لها نماذج مرضية مختلفة ويساعدها في تحسين لغتها الألمانية عبر محادثات تفاعلية. أوضحت أنه يصحح أخطاءها ويدربها على استيعاب الحالات الطبية كأنها تعمل في عيادة حقيقية. ترى الطبيبة في "تشات جي بي تي" أداة فعالة للتعليم الذاتي والتطوير المهني.

AFP / OLI SCARFF
الدكتورة لورا ماين، محاضرة في السينما والإعلام ومؤرخة للسينما البريطانية بجامعة هال، تُعد جلسة تعليم من بُعد من منزلها في هال، شمال إنكلترا

في سوريا، كان المستخدمون يعانون من صعوبة الوصول إلى "تشات جي بي تي" بسبب الحظر المفروض من الشركة المصنعة، مما يدفعهم إلى استخدام برامج لتغيير هوية المستخدم. أو استخدام برامج أخرى مستحدثة  مثل "كوبايلوت"، حيث يُستخدم البرنامج على نطاق واسع للشرح والكتابة. تحدث إلينا بعض الطلاب الذين أكدوا اعتمادهم عليه لفهم المواد الدراسية.  فأشاد عبد الرحمن محمد، أكاديمي من حلب، بتجربته على برامج الذكاء الاصطناعي لترجمة بعض النصوص، وشرحها، وحتى تصوير بعض الصفحات والطلب من الذكاء الاصطناعي التأكد من دقتها وإصلاح وشرح المصطلحات المطروحة بالصفحات،  ناهيك عن الإشراف على حل الوظائف المتعلقة بكتابة بحوث مصغرة أو كبيرة، خاصة أنه في سوريا لا يتم تدريس منهج الكتابة البحثية بشكل جيد. حيث تحدث الينا أسامة عكاوي الذي يدرس علم الاجتماع  قائلا: "كنا نلجأ الى شراء الأبحاث المطلوبة من المكتبات دون أي جهد، لكن الذكاء الاصطناعي ساعدنا في كتابة الأبحاث وفحص منتجنا المكتوب".

وأشارت الطبيبة المتخصصة في الجراحة العينية ماريا العازار، إلى أنها تستخدم النسخة المدفوعة من "تشات جي بي تي" التي توفر صورا حديثة وشروحا تفصيلية ومراجع متزامنة مع أحدث التطورات الطبية العالمية، مما يجعلها أداة تعليمية أفضل بكثير، مقارنة بالمناهج التعليمية السورية التقليدية لتحصيل الاختصاص. وشرحت لنا الطبيبة أماني خضورة عن برنامج ذكاء اصطناعي آخر اسمه BioMind وهو برنامج مؤسساتي، أي يحتاج إلى تخصيص الاتفاق معه وتعمل معه بعض المؤسسات الطبية. شرحت لنا أن العمل مع نظم مبسطة مُهّد للعمل عليه في مؤسسات كبرى سواء في دول أوروبا والولايات المتحدة، أو الخليج العربي، والتي بدأت مستشفيات بعض دوله في إدخال منظومات الذكاء الاصطناعي في نطاق عملها.

من جهة أخرى، يستخدم طلاب آخرون البرنامج لتسهيل الأبحاث عبر تنظيم وبرمجة التقنيات والبنى الرقمية، مما يسهل العمل ويرفع مستوى الكفاءة في مجالات البناء الرقمي. وتعرب مهندسة الميكاترونيك هيا صالح، عن أملها في أن تقدّم الجامعات السورية منصة إلكترونية تهتم بالذكاء الاصطناعي، ليس فقط لتسهيل حل المشكلات، بل لأنه أداة تساهم في مواكبة التطور الرقمي وتعزز إبداعية الطلاب في تحويل الأفكار البسيطة إلى برامج ومشاريع رقمية ممكنة. وفقا لما ذكرته، توفر برامج الذكاء الاصطناعي ما يصل إلى 70% من الجهد المطلوب في المهام التعليمية والتنفيذية، مما يجعله أداة أساسية للمتعلمين في مختلف المجالات.

أخلاقيات البحث العلمي

أدى تطور الأجهزة اللوحية ومنصات البحث مثل "غوغل" إلى تسهيل الوصول إلى المعلومات بسرعة غير مسبوقة، مما جعل المعرفة في متناول الجميع. ومع ذلك، فإن ضخامة المعلومات المتاحة عبر هذه المنصات تخلق تحديا كبيرا، حيث يجد المتعلم صعوبة في التمييز بين المصادر الموثوق بها وغير الموثوق بها.

طورت الجامعات الغربية خلال السنوات الأخيرة نماذج لتعقب وفحص الأبحاث الأكاديمية، مثل الامتحانات الشفوية والفحوص المفاجئة

إلى جانب هذا التحدي، برزت مشكلة جديدة بفعل الذكاء الاصطناعي، الذي لا يقتصر دوره على تقديم المعلومة فقط، بل يمتد إلى إعادة صياغتها وتوليد أفكار ومقاربات علمية بلغة متقدمة، وأحيانا مدعومة بمصادر. هذا التطور جعل الجامعات تواجه مشكلات أخلاقية في اختبار وفحص الأبحاث العلمية المقدمة اليها. وعموما تملك الجامعات مجموعة محرمات تعاقب عليها ويسهل مراقبتها عبر محرك بحث "غوغل" ومعرفة مستخدميه من أجل كتابة أبحاثهم، أبرزها الانتحال والتزوير والسرقة الفكرية. تشمل هذه الممارسات:

  • الاقتباس دون توثيق المصدر.
  • الترجمة دون الإشارة إلى صاحب النص الأصلي.
  • استخدام أفكار أو بيانات دون الاعتراف بأصحابها.
  • إدراج أسماء باحثين دون علمهم.
  • استغلال جهود الطلبة في أعمال تُنسب الى آخرين.

لمواجهة هذه التحديات، طورت الجامعات الغربية خلال السنوات الأخيرة نماذج لتعقب وفحص الأبحاث الأكاديمية، مثل الامتحانات الشفوية والفحوص المفاجئة، بل ومنع استخدام الذكاء الاصطناعي داخل الحرم الجامعي. وعلى الرغم من ذلك، فإن بعض برامج الذكاء الاصطناعي تدعي صعوبة اكتشاف استخدامها، مما يضاعف التحدي أمام المؤسسات الأكاديمية.

يبقى السؤال مفتوحا حول كيفية تحقيق توازن بين الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وتجنب الإخلال بأخلاقيات البحث العلمي.

الجامعات والذكاء الاصطناعي

التقينا مديرة المشاريع في جامعة القديس يوسف، ومستشارة منظمة "يونسكو" ووزارة التربية اللبنانية، ودكتورة التربية ايلينا سعادة وأجابتنا عن مجموعة أسئلة تخص "تشات جي بي تي":

* كيف أُدخل الذكاء الصنعي عموما على الأطر المؤسسية والتنظيمية؟

- بدأنا في وضع مبادئ توجيهية ودليل لاستخدام الذكاء الاصطناعي منذ عام 2022، مع التركيز على الموازنة بين الاستفادة من التكنولوجيا ودور المتعلم في بناء المعرفة الخاصة له. الجامعات اللبنانية الأخرى تعمل على تطوير سياسات مشابهة لضمان الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي.

* هل هناك تخوف على البُعد الأخلاقي في ما يخص استخدام الذكاء الاصطناعي؟

- هناك قلق في شأن الخصوصية، حيث يتطلب الذكاء الاصطناعي الوصول إلى بيانات فردية يمكن أن تؤثر على الأخلاقيات العامة. كما ينبغي التحذير من الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي، خصوصا في المجالات الحساسة مثل التشخيص الطبي أو تقديم وصفات علاجية.

* ما أبرز التحديات والعيوب؟

- ضعف دقة المراجع التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، حيث يعتمد على نظم توليفية قد تخلط بين المعلومات المتشابهة، فضلا عن التأثير السلبي على الدور الإنساني في التعليم، مما قد يؤدي إلى عزلة الإنسان أو فقدان وظائفه.

* ماذا عن التوجه الرسمي في لبنان؟

- لا يوجد برنامج حكومي واضح لمراقبة استخدام الذكاء الاصطناعي في الأبحاث أو التعليم، علما أن وزارة التربية والجامعات اللبنانية تؤكد أهمية تطوير آليات تربوية تعزز التفكير النقدي والأخلاقي.

نظرة مستقبلية

في العلوم التطبيقية، أصبح الذكاء الاصطناعي أداة لا تُستخدم فقط للشرح والمساعدة، بل أيضا للتقييم ووضع المعايير. يتطلع الطلاب والأكاديميون إلى اعتماده وسيلة للتعلم وتحقيق الكفاءة، على الرغم من التحديات الأخلاقية المرتبطة باستخدامه. ورغم الانتقادات، تكشف برامجه عن إمكانات تعليمية ومهنية تعيد تشكيل مستقبل التعليم والتطوير الذاتي.

يكمن الخوف الأكبر في اتساع الفجوة بين المتعلمين العرب والمتعلمين في العالم الغربي حيث أصبح الذكاء الاصطناعي جزءا لا يتجزأ من حياتهم اليومية ومن مناهجهم التعليمية

لا بد أن يقوم المستقبل على توجيه الإبداع لتطوير حلول ومناهج تعليمية تتيح للمتعلمين استغلال الذكاء الاصطناعي في التطبيقات العلمية والعملية على حد سواء. يجب أن تتكيف هذه البرامج  مع المناهج المدرسية والجامعية لتحقيق تكامل تكنولوجي يواكب العالم الحديث.

ورغم ذلك، يكمن الخوف الأكبر في اتساع الفجوة بين المتعلمين العرب والمتعلمين في العالم الغربي حيث أصبح الذكاء الاصطناعي جزءا لا يتجزأ من حياتهم اليومية ومن مناهجهم التعليمية. وهذه الفجوة قد تعيق قدرة المجتمعات العربية على مواكبة التقدم التكنولوجي العالمي، مما يجعل من الضروري الاستثمار في دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم بشكل مدروس ومتكامل.

font change