سياسة ترمب في الشرق الأوسط... بين الأماني القديمة والوقائع الجديدة

ستحاول الإدارة الجمهورية العمل بدفع أكبر لتنفيذ الاتفاقات الإبراهيمية وتعميمها

رويترز
رويترز
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد توقيع اتفاقيات إبراهيم، في واشنطن، 15 سبتمبر 2020

سياسة ترمب في الشرق الأوسط... بين الأماني القديمة والوقائع الجديدة

في يومه الأول بالبيت الأبيض، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب بمحضر صحافيين ومسؤولين في المكتب البيضاوي: "نظرتُ إلى صور غزة وهي تبدو كموقع هدم كبير. ينبغي إعادة بنائها على نحو مختلف. غزة مثيرة للاهتمام، فلها مكان مذهل، إذ هي تقع على البحر، وطقسها هو الأفضل... يمكن القيام ببعض الأشياء العظيمة في غزة".

بلغة مقاول العقارات هذه، وهي الخلفية المهنية لترمب، تناول الرئيس الجديد القطاع المنكوب، في سياق رؤية إقتصادية، تهيمن عليها الربحية التجارية- غزة كمقصد سياحي مستقبلي- فيما غابت السياسة عن كلمات الرجل الذي ستقرر سياساته على مدى الأربع سنوات المقبلة الكثير بخصوص غزة ومستقبل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وعلاقة أميركا بالعالم العربي في ظل النتائج التي ما تزال مفتوحة لعملية "طوفان الأقصى".

بعد ذلك بأيام، أطلق ترمب تصريحه المستفز بخصوص طلبه إرسال نحو مليون ونصف المليون من أهل قطاع غزة إلى الأردن ومصر ريثما يتم "تنظيف" القطاع وإعادة بنائه على نحو مختلف، مكررا تعبيره العقاري أن القطاع "حرفيا موقع هدم".

تعامل الرجل مع الأمر ببرود مقاولي البناء العقاريين المهتمين بإنجاز البناء الجديد من دون إزعاج ساكنيه السابقين الذين قد يعيق حضورهم إتمام البناء على نحو صحيح، واصفا انتقال الغزاويين إلى مصر أو الأردن على أنه إجازة قد تطول أو تقصر!

في منطق ترمب هذا، لا قيمة عاطفية أو تاريخية للأرض، بل هي مجرد مكان للسكن، قابل للاستبدال والرحيل منه والعودة إليه حسب رغبة مقاول البناء ومتطلبات العمل. ويمثل هذا الفصل الإشكالي بين المعنى الوطني للأرض ومعناها الاقتصادي جوهر الرؤية السياسية لإدارة ترمب في تعاطيها مع الصراع العربي-الإسرائيلي، وهي الرؤية التي ستجد ترجمتها عبر استئناف الاتفاقات الإبراهيمية بزخم أعلى في ظل إدارة ترمبية جديدة تبدو أكثر تنظيما وانضباطا من الإدارة الأولى (2017-2021).

الاتفاقات الإبراهيمية حجر الزاوية الأميركية

قبل تنصيب ترمب رسميا رئيسا للولايات المتحدة بنحو أسبوع، تحدث مستشاره للأمن القومي، مايك ولتز، على نحو أكثر وضوحا بخصوص رؤية ترمب هذه عن الشرق الأوسط التي يسبق فيها الاقتصاد السياسة ويعيد تعريفها: "أريد أن نتحدث بنهاية فترة الرئيس ترمب عن مشاريع بنية تحتية، مشاريع ماء، سكك حديد، ألياف ضوئية، مراكز معلومات إلكترونية... بغض النظر عن دينك وخلفيتك، تريد حياة أفضل لعائلتك، لأطفالك. كلما نفعل المزيد من هذا، نضع هذه المظالم التاريخية خلفنا. هذا هو الأمل وهو قابل للتحقق تماما، خصوصا مع قدرات الرئيس ترمب على إبرام الصفقات".

يكمن الاختلاف الأهم بين الاتفاقات الإبراهيمية واتفاقات التطبيع العادية في أن الأولى تذهب بالاتجاه المعاكس تماما للمنحى الذي أخذته القرارات الدولية بخصوص حل الصراع العربي-الإسرائيلي

تحدث الرجل في هذا السياق عن استئناف الاتفاقات الإبراهيمية في ظل إدارة ترمب، رافضا تسميتها باتفاقيات تطبيع على عادة إدارة بايدن التي أرادت، طبيعيا، ربطها بتقليد أميركي يعود إلى الخمسينات يقوم على الضغط السياسي للولايات المتحدة لإقامة علاقات بين الدول العربية وإسرائيل كسبيل حل النزاع العربي-الإسرائيلي، بالعكس من محاولة ولتز، ومعه مناصرون كبار لترمب، لإظهار أن ما تقوم به هذه الإدارة (الاتفاقات الإبراهيمية) هو شيء جديد وناجح اكتشفته إدارة ترمب ليصبح ماركة مسجلة باسمها بعد تنفيذها، في فترتها الرئاسية الأولى بين 2017-2021، تحديدا في عاميها الأخيرين، أربعة اتفاقات بين دول عربية، الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، مع إسرائيل. في كل هذه الاتفاقات حصلت الدول العربية على حوافز اقتصادية وسياسية مقابل إبرامها.

في جوهرها تُعد الاتفاقات الإبراهيمية اتفاقات تطبيع عادية في سياق الصراعات الطويلة الأمد بين الدول، إذ تشترك الاثنتان في غرض واحد يتعلق بإحلال السلام بعد الصراع من خلال تفكيك النزاع الشديد والطويل والذهاب إلى علاقات طبيعية بين الأطراف المتنازعة سابقا. مع ذلك، فإن ثمة اختلافات مهمة بين اتفاقات التطبيع التقليدية هذه التي كانت تسعى الولايات المتحدة على مدى عقود طويلة للوصول لها، عبر جهود توسط قادَتْها وتضمنت خليطا من ضغوط وإغراءات على طرفي الصراع، والاتفاقات الإبراهيمية التي جاءت بها إدارة ترمب، وهي الاختلافات التي تعكس رؤيتين أميركيتين مختلفتين لفهم الصراع العربي-الإسرائيلي وكيفية حله.

رويترز
جاريد كوشنر والرئيس التنفيذي لشركة ميتا مارك زوكربيرغ يحضران حفل تنصيب دونالد ترمب كرئيس جديد للولايات المتحدة في قاعة مبنى الكابيتول في واشنطن، 20 يناير 2025

يبدأ الاختلاف بالتسمية ذات الطابع الديني التي تجنبت استخدامها إدارة بايدن، وعلى الأكثر ستتجنبها أي إدارة أميركية مقبلة ديمقراطية أو جمهورية غير يمينية. في انعكاس لتصاعد قوة الإنجيليين المسيحيين داخل "الحزب الجمهوري" وفي التصويت الانتخابي والرأي العام الأميركي، تبنت إدارة ترمب الأولى، كما الثانية، قيما دينية معينة في الحيز العام المحلي (كما في مناهضتها للإجهاض وعمليات التحول الجندري) وفي سياستها الخارجية (كما في تبنيها الدفاع عن الجماعات المسيحية المُضطهدة في العراق ومصر وسوريا) وتأكيدها المستمر على الحرية الدينية (تركز الإدارات الأميركية المتتابعة في خطابها الخارجي على حماية حرية التعبير التي تتضمن الحرية الدينية كجزء من كلٍ أوسع)، وحتى في إعلانها القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية لها، بالضد من سياسة كل الإدارات الأميركية السابقة منذ الخمسينات التي رهنت مثل هذا النقل باتفاق فلسطيني-إسرائيلي.

الاتفاقات الإبراهيمية هي جزء من هذا التبني للدين في الخطاب والسياسات الترمبية. يعود مصدر التسمية إلى جاريد كوشنر، مستشار الرئيس ترمب في فترته الرئاسية الأولى، وزوج ابنته إيفانكا، الذي في إطار تدينه اليهودي، وتوليه دور الوساطة الرسمي لحل النزاع العربي-الإسرائيلي، شدد على القاسم المشترك بين المسيحيين واليهود والمسلمين، وهو انتسابهم الديني إلى النبي إبراهيم ("أبو الأنبياء" في الإسلام، و"اليهودي الأول" في اليهودية، "وأبو الإيمان" في المسيحية) في خروج لافت عن تعامل الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ الخمسينات الذي ركز على التعاطي مع وقائع الحاضر وخلافات السياسة، ومنح الاقتصاد دورا تاليا، لتفكيك هذا النزاع المعقد والصعب. ويُقصد من هذا التأكيد على الاشتراك في الأصل الديني نزع الكراهية المترسخة بين الأطراف المتصارعة وبالتالي تسهيل الوصول إلى حلول سلمية..

ويكمن الاختلاف الأهم بين الاتفاقات الإبراهيمية واتفاقات التطبيع العادية في أن الأولى تذهب بالاتجاه المعاكس تماما للمنحى الذي أخذته القرارات الدولية بخصوص حل الصراع العربي-الإسرائيلي والاتفاقات الناتجة عن هذه القرارات، إذ أكدت هذه القرارات على البعد السياسي للحل من خلال صيغة "الأرض مقابل السلام" لمعالجة جذور الخلاف، ما يقود إلى تطبيع العلاقات. ويؤدي هذا التطبيع السياسي إلى إقامة الصلات الاقتصادية وبالتالي إلى صناعة مصالح مشتركة دائمة تتكفل، بمرور الزمن، بتفكيك الكراهية التي تغذي الصراع.

ألغت الخطة حق العودة للاجئين الفلسطينيين المُقرر بقرارات دولية، فيما طالبت بـ"حل منصف وعادل وعملي للقضايا المتعلقة باللاجئين اليهود" الذين أجبروا على مغادرة الدول العربية بعد حرب 1948

هذا هو مثلا الافتراض الذي قامت عليه اتفاقيات كامب ديفيد المصرية-الإسرائيلية في عام 1979 التي بموجبها أعادت إسرائيل صحراء سيناء إلى مصر مقابل إقامة الأخيرة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. هذا الافتراض نفسه كان حاضرا في اتفاق وادي عربة الأردني-الإسرائيلي في عام 1994 الذي أعادت بموجبه إسرائيل أراضي في أغوار الأردن مقابل التطبيع السياسي. لكن في الحالين لم يقد هذا التطبيع السياسي إلى تطبيع اقتصادي ولا إلى مصالح كثيرة متشعبة وعميقة تفكك الكراهية بين الأطراف المتنازعة. وتسعى الاتفاقات الإبراهيمية إلى قلب هذا الترتيب لتبدأ بالاقتصاد وتنتهي بالسياسة، وهي اتفاقات تطبيع جوهرها اقتصادي تؤدي إلى حل سياسي وتعايش حقيقي تاليا.

ما يعوز هذا الخيال السياسي الترمبي أمران اثنان، حيث نقطتا الضعف الكبريين للاتفاقات الإبراهيمية التي تحظى بتأييد إسرائيلي قوي. الأولى هي الذهاب إلى الأطراف وإهمال المركز، فأي اتفاقات إبراهيمية مع الدول العربية تقفز على الاستحقاق القانوني والأخلاقي للفلسطينيين بدولة لهم قابلة للحياة وذات أفق مستقبلي حقيقي لن تؤدي إلى تفكيك النزاع العربي-الإسرائيلي. ولم تمنع الاتفاقات الإبراهيمية التي توسطت فيها أميركا ترمب في ولايته الأولى من اندلاع "طوفان الأقصى" ومن تشكل تضامن عربي واسع، رسمي وشعبي، مع الفلسطينيين ضد إسرائيل حتى في الدول العربية التي لديها اتفاقات تطبيع عادية أو إبراهيمية. والأمر الثاني هو فشل اليمين الأميركي الذي يأتي منه ترمب وفريق سياسته الخارجية في إدراك الاستحالة التامة تقريبا لإمضاء أي حل اقتصادي فلسطينيا لا يسبقه أو يرافقه إطار سياسي واضح يقر بدولة فلسطينية حقيقية وذات سيادة.

صفقة القرن... الاقتصاد الذي لا يمكن أن يستبدل السياسة

عندما أنهت إدارة ترمب الأولى في يناير/كانون الثاني 2020 عرض كامل نسختها من الصفقة الإبراهيمية (كشفت الجانب الاقتصادي من الخطة قبل السياسي بثمانية أشهر تقريبا) في ما سمى بـ"صفقة القرن"، نحو 180 صفحة من التفاصيل والجداول معظمها اقتصادي الطابع، وتمحور حول إنفاق 50 مليار دولار لصناعة اقتصاد فلسطيني ناجح ومزدهر، خلا المحور السياسي المحدود فيها من التزام صريح بحل الدولتين أو تطبيق حق الفلسطينيين بتقرير المصير وإنشاء دولة مستقلة لهم. بدلا من ذلك، عرضت الخطة التزاما أميركيا مشروطا بدعم دولة فلسطينية مستقبلية، مهلهلة عمليا، ينبغي أن تقبل بأن تكون من دون القدس الشرقية عاصمة لها، ومنزوعة السلاح ومقطعة الأوصال، لا وحدة جغرافية فيها، إذ تتصل أراضيها المتفرقة، بحسب الخطة، عبر جسور وأنفاق تسيطر عليها إسرائيل التي لها حق الإشراف الجوي والأمني على الحدود البرية والبحرية وشن عمليات أمنية داخل الدولة الفلسطينية، فضلا عن شروط أخرى بخصوص كيفية إدارة هذه الدولة داخليا.

وألغت الخطة حق العودة للاجئين الفلسطينيين المُقرر بقرارات دولية، وعرضت عليهم تعويضات مالية، فيما طالبت بـ"حل منصف وعادل وعملي للقضايا المتعلقة باللاجئين اليهود" الذين أجبروا على مغادرة الدول العربية بعد حرب 1948 وأن يُنفذ هذا الحل من خلال "آلية دولية مناسبة منفصلة عن اتفاق السلام الإسرائيلي-الفلسطيني". واجهت هذه الخطة رفضا عربيا وفلسطينيا واسعا، إذ كانت كاشفة على نحو صادم عن بؤس فهم إدارة ترمب الأولى لعمق المظالم السياسية والحقوقية التي يشعر بها الفلسطينيون على نحو تراكمي وتصاعدي على مدى 75 عاما، وهي المظالم التي تحتاج إطارا سياسيا وحقوقيا واضحا لحلها قانونيا ما يفسح المجال للاقتصاد ووعود الرخاء المقبل في أن ترسخ هذا الحل وتمنحه القابلية للاستمرار.

لن يستغرق الأمر طويلا قبل أن تكتشف إدارة ترمب أنها تحتاج إلى الفصل بين مواجهة إيران وحل القضية الفلسطينية سياسيا كي تنجح في التعاطي مع هذين التحديين الكبيرين لكن المنفصلين في الوقت ذاته

في ظل الدعوات الأميركية الأخيرة، إرسال الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن، وربما إندونيسيا، ريثما يُعاد بناء القطاع المُدمر، لا يبدو أن إدارة ترمب الثانية قد تعلمت شيئا من فشل "صفقة القرن" الإبراهيمية، فهي لم تطور، لحد الآن، رؤية جديدة للتعاطي مع الصراع العربي-الإسرائيلي خصوصا في جانبه الفلسطيني. واكتفت بالجانب المباشر والعملي في الأشياء، من دون تطوير خطة أوسع وبعيدة المدى، عبر تبني أفكار إدارة بايدن بخصوص كيفية إنهاء حرب غزة والضغط على إسرائيل، لإمضاء وقف إطلاق النار قبل تنصيب ترمب. وأرسلت مبعوثها ستيفن وتكوف إلى إسرائيل ليُسمِّع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كلاما قاسيا أدى إلى موافقته على سريان وقف إطلاق النار.

هل تكون إيران عوضا عن فلسطين؟

في حقيقة الأمر، باستثناء مواجهة إيران باستخدام الأدوات القديمة من عهد الإدارة في رئاستها الأولى (عقوبات الضغط الأقصى) وأخرى جديدة تتمثل بالمطرقة العسكرية الإسرائيلية بعد وقائع الضعف الإيرانية المتمخضة عن "طوفان الأقصى،" لا تحمل إدارة ترمب الثانية نهجا واضحا أو جديدا بخصوص الشرق الأوسط. خلت حملتها الانتخابية من الحديث عن الشرق الأوسط، اللهم إلا دعوتها الباهتة لوقف إطلاق النار في غزة إرضاء لجمهور عربي-أميركي في ولايات متأرجحة انتخابيا وقتها. وترافقت هذه الدعوة مع تأكيدها القوي والمعتاد على حق إسرائيل، المطلق تقريبا في الفهم الجمهوري، في الدفاع عن نفسها، في إطار معارضتها للضغوط التي كانت تمارسها إدارة بايدن ضد إسرائيل لعقلنة ردها العسكري ومنع تزويدها ببعض أنواع الذخائر، وهو المنع الذي رفعه ترمب في أيامه الأولى في البيت الأبيض.

أ.ف.ب
يسير الناس على طول شارع الرشيد الساحلي في غزة لعبور ممر نتساريم من جنوب قطاع غزة إلى الشمال في 27 يناير 2025

وستحاول هذه الإدارة العمل، بدفع أكبر، لتنفيذ الاتفاقات الإبراهيمية وتعميمها عربيا، لكن من دون تطوير الجانب السياسي في هذه الاتفاقات وجعله مواكبا في الوضوح والقوة والأولوية للجانب الاقتصادي فيها. هنا تبرز احتمالات العامل السعودي في دفع الإدارة إلى هذا الاتجاه الصحيح. وبهذا الصدد، أشار والتز في لقائه إلى أن التوصل إلى اتفاق إبراهيمي بين السعودية وإسرائيل يحتل "أهمية قصوى" لإدارته.

وفي ظل الإصرار السعودي على أنه لا اتفاق كهذا سيعقد بين الاثنين من دون حل سياسي للقضية الفلسطينية يتضمن دولة مستقلة يتسق مع القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت في عام 2002، فسيكون صعبا إمضاء نسخة جديدة ومُحسنة قليلا من "صفقة القرن". وقد يقوي الموقف السعودي باستعداد المملكة لاستثمار نحو 600 مليار دولار في أميركا، من إمكانات الضغط على ترمب بإدخال تغييرات جذرية، سياسية وحقوقية الطابع، على "صفقة القرن" كي يمكن لهذه الصفقة أن تحظى بقبول فلسطيني ودعم عربي. ثمة حاجة لوجود تضامن عربي رسمي، صلب وواسع، داعم لإدخال مثل هذه التغييرات ما يقود إلى حل دائم للقضية الفلسطينية. ومع ذلك، يبدو أن أميركا ترمب تُعوِّل كثيرا على أن التكاتف العربي معها في مواجهة إيران سيُترجم إلى "تفهم" عربي يؤدي إلى قبول صفقة قرن جديدة يتقدم فيها الاقتصاد على السياسة. ولن يستغرق الأمر طويلا قبل أن تكتشف إدارة ترمب أن هذا التعويل مبالغ فيه وأنها تحتاج إلى الفصل بين مواجهة إيران وحل القضية الفلسطينية سياسيا كي تنجح هذه الإدارة في التعاطي مع هذين التحديين الكبيرين لكن المنفصلين في الوقت ذاته.

font change