هو أمر مفهوم تعاطي سلطة الوصاية السورية البائدة مع الوطن اللبناني ككيان ملحق بها، وحتى اعتباره مجرد محافظة من المحافظات السورية، وهو أمر مفسر حين تبدي بعض القوى القومجية وأصحاب المرجعيات الأيديولوجية الشمولية، عدم رضاها، على توسع متصرفية لبنان، لتضم إلى جانب الجبل كلا من بيروت وطرابلس وبعلبك والجنوب، مجاهرة برغبتها في عودة الأمور إلى ما كانت عليه في ظل السلطنة العثمانية وقبل ولادة ما عرف بلبنان الكبير. لكن ما ليس مفهوما أو مفسرا أن تتنطح شخصيات محسوبة على المعارضة السورية الديمقراطية، فترفض وجود وطن لبناني مستقل، وتستسهل هتك حق الشعب اللبناني في إعلان جمهوريته، قبل مئة عام، والادعاء بأن ما يستحقه فقط هو متصرفية جبل لبنان، وذلك من دون أن يعيروا أدنى اهتمام للمبادئ التي يدّعون أنهم يؤمنون بها، وتاليا للحق المشروع لأي جماعة بشرية تقرير مصيرها واختيار ماهية المكون الاجتماعي والسياسي الذي ترغب في الانتماء إليه.
هل يصح تبرير هذا الموقف المستفز لمعارضين سوريين محسوبين على الفكر الديمقراطي وحقوق الإنسان على أنه نكاية أو رد فعل "مشروع" على ممارسات عنصرية تعرض لها اللاجئون السوريون، ولسان حال بعضهم يتساءل: بأي حق يتطاول هؤلاء اللبنانيون على نزوح سوريين إلى أرض هم أصحابها أساسا؟ وهل يمكن تسويغ ذلك على أنه تفريغ لاحتقان اعتمل في نفوس السوريين جراء توغل "حزب الله" اللبناني إبان ثورتهم في دعم النظام البائد واستباحة أرواحهم وعمرانهم؟ ثم لم لا يقيمون اعتبارا لحقيقة أن كثيرا من اللبنانيين لم تكن ترضيهم تلك الشعارات العنصرية البغيضة ضد اللاجئين السوريين، ولا الدور القمعي والتدميري الذي لعبه "حزب الله" في سوريا، لتمكين سلطة حليفه المجرم؟