قصص كثيرة عن الموت والحياة وما بينهما تشهدها خيام النزوح المنتشرة في غزة، حيث تعيش العائلات على وقع الألم والتشرد والأمل بالمستقبل. في ذلك الحيز الضيق، دور للفن أيضا، حيث تروي الدمى الحكايات، وتبعث في الأرواح المتعبة بارقة أمل مؤقتة. فريق "خيوط الماريونيت"، الذي وُلد في عمق الحرب، أصبح جزءا من مقاومة صامتة لا تُرى بالعين المجردة. هي مقاومة بالخيال والإبداع، لا بالعنف، ويجسد محاولة لردم حفر الموت، بالحياة.
يقول الفنان مهدي كريرة، مؤسس الفريق لـ"المجلة": "خلال الحرب، مثلما كانت الشظايا تتناثر من حولي، كان هناك شظايا في الداخل تدفعني للإكمال. إنه الشغف بالحياة والقوة الداخلية التي تُلزمك بالمضي قدما رغم كل شيء".
مع بداية الحرب، وجد كريرة نفسه غارقا في رعب القذائف وهدير الطائرات. كان ملاذه الوحيد صنع الدمى، "كنت أهرب من ذلك التوتر إلى مساحة أخلق فيها جمالا، ولو من مخلفات الخراب. عائلتي المكونة من سبعة أفراد كانوا جمهوري الأول خلال تلك اللحظات. ثم اتسعت الدائرة وصارت عروضنا تستهدف الأطفال في المخيمات بعد انهيار منظومة التعليم بالكامل".
يتحدث كريرة عن التجربة بفرح مشوب بالتعب: "صنعنا من خراطيم المياه الممزقة والملابس القديمة والمعلبات دمى تحكي الحكايات. كل قطعة قمامة جمعتها من بين الحطام أصبحت جزءا من حلم أكبر".
جمال يولد من القبح
يسهب كريرة في وصف التحديات: "العمل بالمعلبات قاسٍ جدا، ومرهق جسديا، إذ نصاب بالكثير من الجروح، لكن فرحة الأطفال وهم يرون تلك الدمى وهي تتحرك كانت كافية لتنسيني كل الألم. كانت كل ضحكة طفل تمحو شيئا من وجع الحرب".