ستيف ويتكوف... التاجر البارع الذي يحاول حل أزمة الشرق الأوسطhttps://www.majalla.com/node/324039/%D8%A8%D8%B1%D9%88%D9%81%D8%A7%D9%8A%D9%84/%D8%B3%D8%AA%D9%8A%D9%81-%D9%88%D9%8A%D8%AA%D9%83%D9%88%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%AC%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A-%D9%8A%D8%AD%D8%A7%D9%88%D9%84-%D8%AD%D9%84-%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7
يتنازع الرئيسان، الحالي دونالد ترمب والسابق جو بايدن، حول من له الفضل في تنفيذ وقف إطلاق النار في غزة، إذ يدعي كل منهما أنه لعب دورا أساسيا في تحقيق هذا الإنجاز. ولكن الذي لا جدال فيه أن الدور المحوري هو الذي لعبه ستيف ويتكوف، وهو صديق قديم وحليف لترمب، في التوصل إلى الاتفاق قبل تنصيب الرئيس الجديد.
وعلى الرغم من أن الصفقة، التي أفضت إلى إطلاق حركة "حماس" سراح عدد من الرهائن، مقابل توقف إسرائيل عن هجومها العسكري، ترتكز إلى خطة سلام قدمها بايدن في مايو/أيار من العام الماضي، فإن حلفاء ترمب يصرون على أن السبب الوحيد الذي أدى إلى الاتفاق على وقف إطلاق النار هو الفوز الساحق لترمب في الانتخابات، وتحذيره من "فتح أبواب الجحيم" ما لم يتم ذلك.
وكان ويتكوف، الذي عُين مبعوثا لترمب إلى الشرق الأوسط بعيد فوزه في الانتخابات، قد قال كلاما يشبه ذلك قبل سفره إلى إسرائيل للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للضغط عليه لقبول الاتفاق.وأصر ويتكوف على أن "الخطوط الحمراء التي وضعها ترمب هي التي تقود هذه المفاوضات".
ومع ذلك، فإن ادعاء ترمب بأن تدخله هو الذي أقنع الطرفين بالتوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار الذي قاومه كلاهما لمدة ستة أشهر أثار حفيظة بايدن، الذي أمضى أيامه الأخيرة في منصبه محاولا إثبات أن إدارته هي من صاغت الاتفاق. وعندما سأله أحد الصحافيين في مؤتمر الإعلان عن الاتفاق: "من يستحق الفضل في ذلك، أنت أم ترمب؟" أجاب بايدن بغضب: "هل هذا سؤال جاد؟".
وبدلا من ذلك، حاولت إدارة بايدن تصوير المفاوضات على أنها جهد مشترك بين الحزبين. وقال الرئيس: "خلال الأيام القليلة الماضية، كنا نتحدث كفريق واحد" في إشارة إلى بريت ماكغورك، مبعوثه إلى محادثات وقف إطلاق النار، الذي دعا ويتكوف للانضمام إلى مفاوضات وقف إطلاق النار.
ومع ذلك، لا يبدو أن أحدا يشك فعلا في أن ويتكوف هو صاحب اليد الطولى في نجاح المفاوضات، وقد أشار فريق ترمب إلى ذلك، حين كرر أن إدارة بايدن المنتهية ولايتها، لم تكن لتنجز الاتفاق لولا تدخل ويتكوف.
برز ويتكوف في المشهد العام خلال الولاية الأولى لترمب عام 2020 عندما انضم إلى مجموعات "إحياء الاقتصاد الأميركي العظيم" التي أُنشئت لمواجهة التداعيات الاقتصادية لجائحة "كوفيد-19".
برز ويتكوف في المشهد العام خلال الولاية الأولى لترمب عام 2020 عندما انضم إلى مجموعات "إحياء الاقتصاد الأميركي العظيم" التي أُنشئت لمواجهة التداعيات الاقتصادية لجائحة "كوفيد-19". وبعد فوز ترمب في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن الأخير تعيين ويتكوف مبعوثا للشرق الأوسط. ووصفت صحيفة "نيويورك بوست" ويتكوف بأنه "صديق مقرب للرئيس" و"زميل له في التطوير العقاري".
وقال ترمب في بيان: "ستيف قائد يحظى باحترام واسع في مجالي الأعمال والخدمة المجتمعية. لقد جعل كل مشروع شارك فيه أكثر قوة وازدهارا، ولسوف يكون مناضلا عنيدا من أجل السلام، وسببا لفخرنا جميعا".
ورغم افتقار ويتكوف للخبرة الدبلوماسية التقليدية، فإن تعيينه أثار مقارنات مع جاريد كوشنر، صهر ترمب، الذي لعب دورا حيويا في إبرام "اتفاقات أبراهام". وقد استهل ويتكوف مهمته بزيارة الدوحة، حيث انضم إلى مفاوضات وقف إطلاق النار التي كانت إدارة بايدن تقودها لعدة أشهر، حاملا معه أساليبه غير التقليدية التي ميزت نهجه في المفاوضات.
نهج غير تقليدي
ظهر النهج غير التقليدي لويتكوف بوضوح تام عندما بلغت مفاوضات وقف إطلاق النار مرحلة حاسمة في منتصف يناير. وقد أبدى تصميما كبيرا على ضمان موافقة إسرائيل على الاتفاق، فبادر إلى الاتصال بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. إلا أن الرد جاء بأن رئيس الوزراء لا يمكن إزعاجه خلال يوم السبت، يوم الراحة المقدس في الديانة اليهودية.
ويروى أن ويتكوف، وهو يهودي الديانة أيضا، رد بلهجة حازمة وصريحة، مؤكدا أنه لا يهتم بأي يوم كان ذلك، وأنه يعتزم لقاء نتنياهو فور وصوله إلى إسرائيل. وأمام هذا الإصرار، رضخ نتنياهو، وعُقد اجتماع مطول بين الطرفين خلال عطلة نهاية الأسبوع، وُصف بالتوتر، لكنه أسفر عن تحقيق انفراج حاسم في مفاوضات الرهائن. وقد نجح أسلوب ويتكوف المباشر والصريح في أيام قليلة، فيما عجز فريق بايدن عن تحقيقه خلال ستة أشهر.
وخلال كلمته في الاحتفال بانتصار ترمب، قبيل تنصيب الرئيس الجديد، شدد ويتكوف على الدور الحاسم الذي لعبه الرئيس الأميركي في التوصل إلى الاتفاق الذي أفضى إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين. وقال: "كان لدينا فريق رائع، لكن هذا الإنجاز لم يكن ليُكتب له النجاح لولا دونالد ترمب". وأضاف: "الرئيس هو صاحب الفضل الأول في هذا الإفراج، ونحن جميعا مدينون له بالامتنان، ولا سيما العائلات".
وفي مقابلة مع القناة 12 الإخبارية، قال ويتكوف إن التضحيات التي تقتضيها صفقة الرهائن من إسرائيل، لها ما يبررها لأنها تسمح لعائلات الرهائن بأن يلتقوا بأحبائهم. وأضاف: "تستحق هذه العائلات أن ترى هؤلاء الرهائن يعودون إلى ديارهم أحياء. ونأمل أن نثبت أن قيمة إعادة الرهائن إلى ديارهم أحياء، وقدرتنا على مواصلة المحادثات لحل الأمور، هي قيمة أعلى من استمرار الحرب".
من هو ستيف ويتكوف؟
يعد ويتكوف صديقا مقربا من ترمب منذ أربعة عقود، ويلعبان الغولف معا، وقد كان برفقة ترمب عندما تعرض لمحاولة اغتيال في ملعب الغولف الخاص به في فلوريدا في سبتمبر/أيلول الماضي، عندما كان مرشحا للرئاسة.
ويرى كثيرون أن ويتكوف، الملياردير الذي يعمل في مجال تطوير العقارات، وابن ضاحية برونكس في نيويورك، ليس خيارا محتملا ليكون دبلوماسيا أميركيا، لأنه لا يملك خبرة كبيرة في بروتوكولات الوساطة الدولية.
يبلغ ويتكوف من العمر 67 عاما، وهو ابن أحد مصنعي المعاطف النسائية. نشأ في لونغ آيلاند وتخرج في جامعة "هوفسترا" عام 1980 ومن كلية الحقوق فيها عام 1983، قبل أن ينضم إلى شركة "DreyerTraub" للمحاماة في المسائل العقارية في نيويورك، التي كان دونالد ترمب عميلا لها.
تلقى تدريبه كمحام في ميدان العقارات قبل أن ينخرط في عالم التطوير العقاري القوي في نيويورك، ليصبح مؤسس ورئيس مجموعة "ويتكوف" العقارية. ومع أنه لا يتمتع بأي خبرة أو تدريب في ميدان السياسة الخارجية، فإن تعيينه يأتي على عادة ترمب في تفضيل التعيينات غير التقليدية لأشخاص غالبا ما تكون خبرتهم قليلة. وقد تحدث ترمب مؤخرا عن صديقه ويتكوف قائلا: "لدينا أشخاص يعرفون كل شيء عن الشرق الأوسط، لكنهم لا يستطيعون التحدث في ذلك على نحو مناسب.. إنه مفاوض رائع".
ويتكوف متزوج من لورين رابابورت، ولهما ثلاثة أبناء: زاك وأليكس وأندرو، الذي توفي بسبب جرعة مفرطة من المواد المخدرة عام 2013. وبعد خمس سنوات، عندما أصبح ترمب رئيسا، تحدث ويتكوف في قمة البيت الأبيض الخاصة بالمخدرات. أسس ويتكوف مجموعة "ويتكوف" عام 1997، وتعمل فيها أيضا زوجته وأولاده.
ويتكوف متخصص في شراء العقارات ذات الشهرة العالية، مثل مبنى وولوورث ومبنى ديلي نيوز وفندق بارك لين في نيويورك، إلى جانب عشرات المباني الشهيرة الأخرى
ويتكوف متخصص في شراء العقارات ذات الشهرة العالية، مثل مبنى وولوورث ومبنى ديلي نيوز وفندق بارك لين في نيويورك، إلى جانب عشرات المباني الشهيرة الأخرى. وقد كان نجاحه سببا في أن تنشر صحيفة "وول ستريت جورنال" سيرته على صفحتها الأولى عام 1998، وقد استاء منها بسبب تصويرها له مضاربا محموما طموحه أكبر من قدرته الواقعية.
ساعدت حياة ويتكوف التجارية في نيويورك في تكوين علاقة وثيقة مع ترمب، حتى إن ويتكوف كان أول شاهد استدعاه محامو ترمب في قضية الاحتيال بمبلغ 250 مليون دولار، تلك التي رفعها المدعي العام في نيويورك ضد ترمب في مانهاتن، نوفمبر/تشرين الثاني.
حاول محامو الولاية دون نجاح منع ويتكوف من الإدلاء بشهادته. فأدلى بشهادته في مدة وجيزة، بين فيها كيف قُيم ملعب دورال للغولف في ميامي، أحد ممتلكات ترمب، بأقل من قيمته الحقيقية. واتفق القاضي مع محامي الولاية على أن هذا الأمر لا علاقة له بالقضية.
وعلق ويتكوف، الذي تبرع بنحو مليوني دولار لقضايا ترمب في ذلك الوقت، قائلا: "أعرف هذا الرجل جيدا. الرئيس ترمب رجل لطيف وعطوف لم أقابل مثله في حياتي".
والآن، بعد أن تمت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، ينصب الاهتمام على الكيفية التي ينوي بها ويتكوف معالجة بقية مراحل العملية الثلاث، وعلى الأخص القضايا الصعبة مثل إنهاء حكم "حماس" في غزة، وإعادة بناء قطاع غزة، الذي دمره قتال متواصل طيلة 15 شهرا.
وبحسب تقرير نشرته شبكة "إن بي سي نيوز"، طرح ويتكوف فكرة نقل بعض سكان غزة مؤقتا إلى إندونيسيا أثناء عملية إعادة الإعمار. وقال مسؤول يعمل مع الفريق الانتقالي: "إن مبعوث ترمب يخطط للحفاظ على حضور شبه دائم في المنطقة في الأسابيع والأشهر المقبلة، كي يمنع أي مشكلة من أن تعيق اتفاق وقف إطلاق النار". وقال المسؤول: "يجب أن تكون متيقظا، تبصر الموقف عن كثب، متأهبا لإخماد أي مشكلة إذا حدثت".
وبحسب ما صرح به المسؤول الانتقالي، يخطط ويتكوف لزيارة غزة قريبا ليحصل على فهم أفضل للوضع فيها، قائلا: "عليك أن ترى الوضع بعينيك، وأن تشعر به". وقال المسؤول إن فريق ترمب يركز على الجوانب طويلة الأجل للاتفاق، بما في ذلك إعادة بناء غزة كوسيلة لتحقيق السلام الدائم. وقال المسؤول الانتقالي: "إن لم نساعد سكان غزة، وإن لم نجعل حياتهم أفضل، وإذا لم نمنحهم شعورا بالأمل، فسيحدث التمرد هناك ثانية".
لكن ترمب غير مقتنع بأن اتفاق وقف إطلاق النار سيصمد، إذ علق بعد تنصيبه بأنه "غير واثق" من أن وقف إطلاق النار في غزة سيصمد. وردا على أسئلة الصحافيين، قال: "هذه ليست حربنا، إنها حربهم. لكنني لست واثقا". غير أنه أضاف أن: "(حماس) أضعفت. وتبدو غزة كأنها موقع هدم هائل".
ويبدو أن ويتكوف، بعد نجاحه الأولي في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، سيواجه تحديا مهماً في ضمان استمراره وعدم انهياره.