التعريف الفكري للإرهاب قد يختلف باختلاف المنظورات الثقافية والسياسية والاجتماعية، ولكن المجمع عليه هو أنه "وسيلة غير مشروعة تستخدمها جماعات أو أفراد لتحقيق أهداف سياسية"، من خلال تخويف الخصوم والمجتمعات والضغط على الحكومات باستخدام العنف أو التهديد به.وتتوافق أفعال ميليشيا "قوات الدعم السريع" مع الكثير من تعريفات الإرهاب في إطار القانون الدولي. وتتوفر عدة صكوك قانونية رئيسة لتحديد الإطار اللازم لتصنيف هذه الجرائم بالتعامل معها:
1. اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية: حيث تحظر اتفاقيات جنيف، وخاصة المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول، الهجمات على الأعيان المدنية الضرورية لبقاء السكان. وتنص على:
"يحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب. ويحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين."
تشكل البنية التحتية للكهرباء والمياه ضرورة لبقاء المدنيين، مما يجعل هجمات "قوات الدعم السريع" انتهاكا واضحا لهذا النص. إن استهداف هذه البنية يشكل عملا متعمدا يهدف إلى حرمان المدنيين من الأساسيات، وهو ما يعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي.
2. الاتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل (1997):تجرم هذه الاتفاقية التدمير المتعمد للبنية التحتية المخصصة للاستخدام العام. وتعرف المادة 2 هذه الأفعال على أنها ترتكب بقصد:
- التسبب في وفاة أو إصابات جسدية جسيمة، أو..
- إحداث دمار واسع النطاق بمرفق عام بهدف ترهيب السكان أو إجبار حكومة على القيام بعمل ما.
ووفق هذا المعنى، فإن الاستهداف المتعمد لأنظمة الكهرباء والمياه، ومرافق النفط في السودان من قبل "قوات الدعم السريع" يفي بهذه المعايير الكافية للتصنيف.
3. قرارات مجلس الأمن الدولي 1566 (2004)، و1373(2001) حيث يعرّف القرار 1566 الإرهاب على أنه أفعال إجرامية، بما في ذلك تلك الموجهة ضد المدنيين، تُرتكب بقصد التسبب في وفاة أو إصابات جسيمة، أو إثارة حالة من الرعب، ويحث على التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب. أما القرار 1373فيلزم الدول بمنع وقمع وتمويل ودعم الإرهاب. وتتوافق أفعال ميليشيا "قوات الدعم السريع" مع التعريفات الواردة في نص وروح القرارات المذكورة، حيث تستهدف المدنيين، والبنية التحتية الحيوية لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية.
أيضا وثق مشروع "قاعدة بيانات الأحداث النزاعية والتحليل" (ACLED)في تقريرهلرصد الأحداث في السودان خلال العام 2024، أن نسبة 77 في المئة من أحداث العنف الموجهة ضد المدنيين تمت بواسطة ميليشيا "قوات الدعم السريع".
وقامت الولايات المتحدة الأميركية مع نهاية العام السابق، بتصنيف أفعال ميليشيا "قوات الدعم السريع" على أنها تمثل جرائم إبادة جماعية، وهو ما يفرض عليها التزامات قانونية وسياسية مباشرة في التعامل مع الوضع في السودان، وتجاوز المساواة الشكلانية والحياد غير الحقيقي، الذي وقعت في فخه الولايات المتحدة، وعدد من الأطراف الإقليمية والدولية الأخرى. وإذا كان هناك طرف يمارس الإرهاب ويرتكب الإبادة الجماعية، فالتزامات العالم المعلنة هي الوقوف ضده، والسعي لوقف جرائمه وانتهاكاته، وليس منحه المبررات السياسية والدبلوماسية للإبقاء عليه.