ماذا سيفعل دونالد ترمب بعد ذلك؟ بعد مرور عقد من الزمن على تصدره السباق الجمهوري، لا يزال هذا السؤال مُلحا. في عصر تتسم فيه الساحة السياسية بالتشتت، يُظهر ترمب عبقرية فريدة لا مثيل لها في جذب الانتباه وإعادة تشكيل مفهوم السلطة الرئاسية.
أقيمت مراسم تنصيبه الثانية في القاعة المستديرة داخل مبنى الكابيتول، وهو المكان نفسه الذي شهد قبل أربع سنوات اعتداء أنصاره على رجال الشرطة. أما السلطة التي استخدمها يوم 20 يناير/كانون الثاني للعفو عن مثيري الشغب في الكابيتول، فقد وُضعت في الأصل كأداة تهدف إلى توحيد الأمة: للعفو عن الخصوم السياسيين وليس أنصار الرئيس (أو أفراد عائلته في نهاية ولايته). لكن ذلك كان تقليدا وليس قانونا، ومع وجود ترمب في السلطة، أصبحت التقاليد شيئا من الماضي.
يتحدث المؤرخون عن القرن التاسع عشر الطويل الذي انتهى في عام 1914. أما تحديد نهاية القرن العشرين، من هذا المنظور، فهو أمر قابل للنقاش. لكنه قد انتهى. لا يزال دونالد ترمب مقيدا ببعض أقدم المؤسسات الأميركية، مثل النظام الفيدرالي والمحاكم. لكنه تخلى عن كثير من المؤسسات الحديثة. الإصلاحات التي جاءت عقب "فضيحة ووترغيت" لم تعد سارية المفعول. كما أن التوافق الذي نشأ بعد عام 1945 على أن تكون أميركا قوة عظمى خيّرة قد ولى.
يريد ترمب أكثر من ذلك: أن يرى أميركا مطلقة العنان، ومتحررة من الأعراف، ومن الصوابية السياسية، ومن البيروقراطية، وفي بعض الحالات، حتى من القانون. ما تبقى هو مزيج من القديم والجديد: أيديولوجيا تعود إلى حقبة السكك الحديدية، ممزوجة بطموح زرع العلم الأميركي على سطح المريخ.