لم تفرح الشاعرة والروائية الفلسطينية نعمة حسن كثيرا، مثل بقية سكان غزة، بإعلان وقف إطلاق النار على أمل انتهاء الحرب، فمنطقتها في رفح مصنفة ضمن المناطق الحمراء التي مُنع السكان من العودة إليها. هي لا تتوقع أن تجد البيت والأماكن والحياة كما كانت عليه قبل الحرب الإسرائيلية على غزة، لكنها على الأقل ستذهب لتلمس حياة كانت لها المكانة الأبرز في الذاكرة.
لمناسبة صدور كتابها "كن أنت غزة.. مذكرات الحرب" بالعربية والفرنسية في باريس (ترجمة سعاد لعبيز)، سألنا نعمة عن ظروف حياتها الاجتماعية منذ اندلاع الحرب على غزة حتى الآن، كاستكمال ليومياتها الشعرية في الكتاب، فقالت إنها قبل أن تبقى في مواصي خانيونس، نزحت نحو سبع مرات، تنقلت خلالها في أماكن عدة هربا من القصف: "ما زال باب النزوح مفتوحا أمامنا، مثل هوة تبتلع قدرتنا على الراحة. أصعب نزوح كان أثناء الخروج من رفح. كنت بقيت مع أولادي كآخر من خرج من رفح، لأني لم أكن أملك خيمة أو وسيلة نقل أو أعرف إلى أين سأذهب. كنت اسكن مدرسة في رفح، ونُهبت. بقينا مع السارقين كآخر النازحين من رفح، وكان لديّ خوف مضاعف على صغاري".
طعم الجثث
لكن كيف واجهت نعمة مشكلات توفير الغذاء لأطفالها؟ تقول: "لفترة طويلة لم يكن هناك إلا الدقيق المتعفن. كنا، كنوع من السخرية المريرة من سوء طعمه ومرارته، نحكي مع الأطفال عن ذلك الطعم الذي يشبه جثة داخل فمك حين تتجشأ بسبب كثرة الدود داخل الدقيق الغالي الثمن جدا".