لا تقف السمات الشخصية للرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب عند النزعات الاستعمارية والعنصرية التي تنضح بها كلماته وحسب، بل إن النزعة الانتقامية الملبوس بها لم تفتأ تتجلى بشتى الأوجه حتى قبل تنصيبه رسميا.
فقد استهل فريق ترمب عمله بالتحقيق مع العاملين في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض فيما يتعلق بمدى ولائهم للرئيس المنتخب واستجوابهم عمن صوتوا له وفحص حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي لاستبيان ما إذا كانوا قد نشروا أي تعليقات ضد ترمب، وأيضا الكشف عمن تبرعوا له أثناء الحملات الانتخابية.
وكشفت تقرير لـ"أسوشييتد برس" أن بعض العاملين في مجلس الأمن القومي بدأوا في جمع متعلقاتهم من مكاتبهم في البيت الأبيض بعد هذه الاستجوابات استعدادا للرحيل رغم تلقيهم تطمينات بأنهم سيظلون في مناصبهم في ظل الإدارة الجديدة.
ولم يخف ترمب رغبته في تطهير الحكومة الفيدرالية من أي مسؤول لا يعتبره ومساعدوه شديد الإخلاص لأجندته. وقد حاول في ولايته الأولى سن لوائح تجعل من السهل التخلص من موظفي السلك الحكومي إلا أن خطته باءت بالفشل، وهو ما حرص هذه المرة على أن يرى ثماره بمجرد توليه مهام منصبه. وتستهدف الحملة الانتقامية هذه المرة بشكل أساسي ما أطلق عليهم ترمب "عناصر الدولة العميقة" الذين عرقلوا مخططاته أثناء ولايته الأولى أو وجهوا إليه انتقادات بعد مغادرته البيت الأبيض. ويقود هذه الحملة مرشحه لرئاسة مكتب التحقيقات الفيدرالية كاش باتيل، الذي توعد بملء إدارته بالموالين لترمب وأيضا بتعزيز سلطاته للثأر من الخصوم المدرجين على القائمة السوداء لترمب. كما فوض ترمب كلا من صديقيه المليارديرين إيلون ماسك وفيفيك راماسماوي بتفكيك أركان الدولة العميقة.
وفي مطلع شهر يناير/كانون الثاني، صرح مستشار ترمب للأمن القومي مايك والتز بأنه يعتزم تصفية موظفي الأمن القومي، مضيفا أنه بحلول الساعة الثانية عشر ظهر العشرين من يناير سيستقيل جميع مسؤولي مجلس الأمن القومي. وأضاف أنهم يعملون على قدم وساق للانتهاء من إجراءات الفحص والتصاريح الأمنية لمن سيحلون محلهم. وأكد أن جميع من سيتم تعيينهم على كافة المستويات ينسجمون تماما مع أجندة الرئيس ترمب.