يغوص الطبيب والمترجم السوري إبراهيم إستنبولي في أعماق المشهد الثقافي الروسي، إذ لا تنحصر ترجماته بالروايات فحسب، بل يسعى إلى نقل الدراسات والمقالات المتعلقة بهذا المشهد. نال إستنبولي المولود في عام 1957، جوائز أدبية عدة، أبرزها "جائزة الفارس الذهبي" في روسيا في العام المنصرم، وهي إحدى أرفع الجوائز الثقافية والأدبية هناك، وشهادة تقدير لجهوده وترجماته من رئيس جمهورية تترستان. "المجلة" حاورته حول ترجماته وحال الأدب الروسي اليوم.
- كيف بدأ اهتمامك بالأدب الروسي ومن ثم ترجمته؟
يعود اهتمامي بالأدب الروسي إلى فترة الدراسة في كلية الطب البشري في موسكو منتصف سبعينات القرن الماضي. وقد كان لمعلّمة اللغة الروسية دور كبير في ذلك، إذ إنها بعدما لاحظت ميلا عندي الى قراءة الشعراء الروس، راحت تشجعني من خلال تقديم الكتب الأدبية لي ودفعي للذهاب إلى المسرح، وحتى مرافقتي في بعض الأحيان. وأذكر أنها أهدت الي كتاب الروايات الشعرية لشاعر روسيا الكبير ألكسندر بوشكين ووقّعته بأبيات واحدة من أجمل قصائده التي حفظتُها عن ظهر قلب وما زلت أرددهها. ثم كانت قراءاتي المتواصلة لمختلف الكتاب الروس الكلاسيكيين والمعاصرين، وأذكر منهم، على سبيل المثل لا الحصر، ميخائيل ليرمنتوف وليف تولستوي وأنطون تشيخوف وفلاديمير ماياكوفسكي وألكسندر كوبرين وبوريس باسترناك وإيفان بونين وفاسيلي شوكشين.
- يغلب على كثير من الأعمال الروسية الطابع الملحمي والمأسوي، كيف يحافظ المترجم على هذا الطابع عند نقل العمل؟
من أهم سمات المترجم أن يكون على معرفة كبيرة وعميقة بثقافة وتاريخ البلد أو الشعب الذي يترجم آدابه وأن يعرف بالتأكيد خفايا اللغة وأسرارها.
سأقول لك وبمنتهى الصراحة: لقد ساعدني الفقر المادي في تحقيق ذلك الشرط أعلاه. لقد أتيت من بيئة ومن أسرة غير غنية. ولذلك عشت ودرست في موسكو بطريقة متواضعة. لم أكن أسمح لنفسي، أو الأدق – لم تكن إمكاناتي المادية تتيح لي السهر واللهو. وأقصى ما كنت أسمح لنفسي به هو الذهاب إلى السينما أو المسرح. وهذا جعلني أمضي حياتي قريبا من الروس وبينهم. كنت أبني علاقاتي مع الأسر الروسية. وبهذه الطريقة اكتشفت أن الشعب الروسي في الاتحاد السوفياتي السابق من أكثر الشعوب شغفا بالقراءة. والمواطن السوفياتي كان يتباهى بمكتبته في صدر البيت، التي كانت تضم معظم وربما الروايات العالمية بالإضافة الى أعمال الكتاب الروس. وهذا أضاف الكثير إلى ثقافتي ومنحني القدرة لكي أشبع روحي التواقة للأدب والقراءة.