لا يمكن لأي من طرفي الحرب الرئيسين في غزة أن يدعي تحقيق أي نصر في القتال الذي امتد خمسة عشر شهرا. ولكن مصر، التي تشترك بحدود مع الأطراف المتصارعة، يمكنها أن تدعي ذلك.
فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها الرئيسة من هذه الحرب. ورغم نجاحها في تقليص نفوذ حركة "حماس"، التي كانت السلطة الحاكمة في غزة، إلى مجرد خلايا متفرقة ومتناثرة، فإن الحركة بدأت بالفعل في إعادة تنظيم صفوفها وبناء قدراتها من جديد.
كانت كلفة الحرب على إسرائيل هائلة، حيث خسرت ما يقرب من 900 جندي خلال النزاع، إضافة إلى 1200 شخص قُتلوا في الهجمات المفاجئة التي شنتها "حماس" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. كما أصيب آلاف الجنود، وسيعيش عشرات الآلاف مع آثار الصدمة النفسية للحرب لسنوات طويلة قادمة.
اقتصاديا، تعرضت إسرائيل لضرر جسيم، حيث تكبد اقتصادها خسائر بعشرات المليارات من الدولارات في النفقات العسكرية والتكاليف المدنية وفقدان الإيرادات. ومن المتوقع أن يستغرق التعافي الاقتصادي عدة أشهر.
من جهة أخرى، شنت "حماس" هذه الحرب بتكلفة مدمرة على السكان المدنيين في غزة، الذين تحملوا وطأة الهجمات الإسرائيلية والانتهاكات المرعبة على مدار 15 شهرا. وكان من نتاج ذلك أن أدرك الفلسطينيون أن "حماس" قد أصبحت عبئا على القضية الفلسطينية أكثر من كونها قوة تحرر حقيقية.
ستحتاج إعادة إعمار غزة إلى سنوات، وربما عقود، إذا افترضنا أن المجتمع الدولي سيثق من جديد في هذه القضية، ويقدم التمويل اللازم. ومع ذلك، يبقى السؤال العميق: كيف يمكن تعويض فقدان الأحبة، من أبناء وآباء وإخوة، الذين خسروهم في هذه الحرب؟ وهل هناك شيء في العالم يمكن أن يعوض ذلك حقا؟
التهجير معلق في الوقت الحالي
لعبت مصر، جنبا إلى جنب مع وسطاء آخرين، دورا محوريا في تأمين وقف إطلاق النار واتفاق تبادل الأسرى، الذي بدأ تنفيذه في 19 يناير/كانون الثاني. والحق أن مصر قد بذلت، منذ اندلاع القتال بين "حماس" وإسرائيل في أكتوبر 2023، جهودا دؤوبة لوضع حد لهذه الأعمال العدائية.
ويأتي إصرار مصر من رغبتها في حماية أراضيها وإصرارها على منع تدفق الفلسطينيين المهجرين إلى أراضيها. وكانت التحركات الإسرائيلية على الأرض تهدف بجلاء إلى تهجير سكان غزة قسرا إلى سيناء. لقد نفت الحكومة الإسرائيلية نيتها تلك مرارا بشكل رسمي، ولكن تدمير شمال غزة، وإنشاء البنية التحتية العسكرية في أنحاء القطاع، وضغط سكان غزة البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة في مساحة ساحلية ضيقة قرب الحدود المصرية، تكشف كلها عن نية إسرائيلية واضحة للبقاء طويلا، إن لم يكن لضم القطاع بأكمله.