أشياء كثيرة تغيرت منذ ولاية دونالد ترمب الأولى. فقد اشتعلت الحرب بين أوكرانيا وروسيا ولا يزال أوارها مضطرما، ووسّعت الصين نفوذها العالمي، بينما تخوض إسرائيل صراعا مدفوعا بالرغبة في الانتقام، وقد دُمرت أجزاء من الشرق الأوسط، فيما يعاني الاقتصاد العالمي من اضطرابات قوية.
وقد انتقد دونالد ترمب طريقة تعامل إدارة بايدن مع العلاقات الدولية. وادعى أنه لو كان رئيسا، لما غزت روسيا أوكرانيا، ولما نشبت الحرب في الشرق الأوسط، ولما تصرفت الصين بهذه الوقاحة.
ليس من الممكن أن نقول ما الذي كان سيحدث أو ما الذي لم يكن ليحدث استنادا إلى افتراضات، وبالتالي لسنا في وضع يسمح لنا بالتحقق من تصريحات ترمب بأثر رجعي. ولكن سنرى هل سينفذ ترمب وعوده في الفترة المقبلة.
يحاول الجميع الآن التنبؤ بما سيفعله ترمب، العصي على التنبؤ بتصرفاته، عندما يتولى منصبه في المكتب البيضاوي في 20 يناير/كانون الثاني، معتمدين في ذلك على تصرفاته خلال ولايته الرئاسية الأولى وما قاله خلال حملته الانتخابية. فقد أثبت في أثناء ولايته الأولى، قدرته على مفاجأة الجميع بقراراته. ومن بين خطواته التي لا تُنسى انسحابه من اتفاقية المناخ، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، والاجتماع مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وتعليق العلاقات مع منظمة الصحة العالمية، وإنهاء الاتفاق النووي مع إيران. ويتفاخر ترمب بقدرته على إقناع أي شخص، مستخدما مجموعة متنوعة من الوسائل، وبأنه استطاع إقامة علاقات حتى مع بوتين وكيم جونغ وغيرهما من الزعماء المستبدين.
وقد يتوقع المرء أن تتشكل سياسات ترمب الأمنية، في ولايته الثانية، وسياسته إزاء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وفقا للمصالح الوطنية ومتطلبات الدفاع الجماعي والتحديات العالمية، إلا أن تصوره مغاير لذلك تماما، فهو أضيق وأكثر تركيزا على الأوضاع المحلية.