سبق أن أقنع بيرت بيرتون كتّابا بمحاولة رسم بورتريهات ذاتية لأنفسهم، من قبيل نورمان ميلر وسوزان سونتاغ ومارغريت أتوود وأناييس نين وسول بيلو وألن غينسبيرغ وكورماك مكارثي... ثم جمع البورتريهات في كتاب خاص موسوم بعنوان "بورتريه ذاتي: كتاب شخوص يرسمون أنفسهم"، أصدره سنة 1976.
قبل فكرة مشروع بيرت بيرتون، عرف تاريخ الفن في أعرق أشكاله، إقدام أقلية من الشعراء والروائيين، على رسم أنفسهم بصيغة البورتريه الذاتي، كلٌّ وفق نزوعه الشخصي، أو بحسب سياق خاص، سواء تحت الطلب أو بدونه.
علامات جمالية لافتة
لافتة هي البورتريهات الذاتية التي أنجزها كتاب وشعراء لأنفسهم رسما لا كتابة، على قلتهم لأن معظمهم مارسوا فن الرسم على سبيل الهواية ولم يُعرف عنهم ذلك على العموم، وتحصيل الحاصل أن يكون منجزهم محض هامش بالغ الضآلة، مواز لمركزية كتابتهم الروائية والشعرية، دون أن يزعموا في يوم أنهم من محترفي فن التشكيل، والاستثناء منهم مَن واشج بين الكتابة والرسم على نحون متوازن، بل قدّم نفسه على ذلك النحو، فيما اقترف آخرون الرسم كنزوة، كمزحة، كشغب طفولي، على سبيل الخربشة لا غير، أصْدقُهم من تلقاء ذواتهم، وأقْربُهم إلى الاشتباه التجاري استجابوا بتحفيز من مؤسسة فنية أو إشهارية بالأحرى، وهذا ما فصلناه في مقال سابق بـ"المجلة" تحت عنوان "كتاب اتخذوا الرسم هواية وملاذا شخصيا... وامتدادا للأدب".