الصحافة الإيرانية... مفاوضات إيران وترمب قد تكون ضرورية

الظروف الدولية والإقليمية تغيرت تماما

أ ف ب
أ ف ب
الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد إعلانه الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، البيت الأبيض في 8 مايو 2018

الصحافة الإيرانية... مفاوضات إيران وترمب قد تكون ضرورية

لم يغب خبر المفاوضات بين إيران والغرب من جهة وطهران وواشنطن في فترة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب عن الصحافة الإيرانية، خاصة مع التصريحات التي أدلى بها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، خلال مقابلة مع شبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية قبل أيام من تولي ترمب مهامه لولاية رئاسية ثانية، حيث قال إن إيران "منفتحة من حيث المبدأ على الحوار مع إدارة ترمب الثانية".

من جهة أخرى، قال وزير الخارجية عباس عراقجي حول مسار المفاوضات النووية: "إننا نجري حاليا مفاوضات مع الأوروبيين وهذه المفاوضات تقتصر على الملف النووي".

وقال موقع "خبر أونلاين" إن السؤال الذي يطرح نفسه في الظروف الراهنة عن تأثير رفع العقوبات على الاقتصاد الإيراني في حال وصول المفاوضات إلى نتيجة مثمرة. ويقول المحلل الاقتصادي وعضو غرفة التجارة الإيراني علي شريعتي في حوار مع "خبر أونلاين" حول تأثير المفاوضات على المؤشرات الاقتصادية إن "انطلاق المفاوضات يعطي دافعا للأمل بشأن تحسين الأوضاع. وهذا شرط ضروري وليس كافيا لأن الاقتصاد الإيراني لم يعد يتجاوب أبدا مع التصريحات الجيدة والوعود بل إن الاقتصاد والشعب بحاجة للأفعال... نشهد نشاطا مكثفا من سماسرة العقوبات وذلك بالتزامن مع الحديث عن المفاوضات المحتملة بين الولايات المتحدة وإيران... سماسرة العقوبات قلقون ولا يريدون حوارا بين طهران وواشنطن... هذا في الوقت الذي أدت فيه العقوبات إلى هروب الكفاءات البشرية ورؤوس الأموال وبث اليأس".

وأضاف شريعتي: "المفاوضات لها أثر فوري على ارتفاع قيمة العملة الوطنية والحد من ارتفاع الأسعار... يجب أن يكون هناك وحدة وطنية.. وإلغاء العقوبات من أجل أن نتمكن من التواصل مع العالم".

وانتقدت صحيفة "كيهان" المتشددة مواقف الرئيس الإيراني حول المفاوضات مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس ترمب. واعتبرت في تقرير بعنوان "استجداء المفاوضات جنون وليس تصرفا نزيها ومبدئيا" في عددها الصادر يوم 15 يناير/كانون الثاني أن "إدارة ترمب مارست سياسة الضغوط القصوى على إيران وانسحبت من الاتفاق النووي وأمرت باغتيال (الشهيد) سليماني. ورغم كل هذا فإن الحكومة الإيرانية وبعض مؤسساتها تتحدث عن ضرورة إجراء مفاوضات مع ترمب تحت عنوان الحوار النزيه، أو الحوار مع الحفاظ على المبادئ"!

وكتب مساعد الاتصالات والإعلام بمكتب رئيس الجمهورية مهدي طباطبايي حول حوار بزشكيان مع "إن بي سي" في "إكس"، أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية تريد السلام وإزالة التوترات في المنطقة والعالم... وهي مستعدة لإجراء حوار نزيه ومتكافئ".

انتقدت صحيفة "كيهان" المتشددة مواقف الرئيس الإيراني حول المفاوضات مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس ترمب واعتبرت في تقرير بعنوان "استجداء المفاوضات جنون وليس تصرفا نزيها ومبدئيا"

وقال الخبیر في الشؤون الدولية رضا نصري، في حوار تحت عنوان "مفاوضات مع الالتزام بالمبادئ" مع صحيفة "إيران"، إن "ترمب لا يحبذ التدخل العسكري الأميركي خارج حدود الولايات المتحدة ولكن هناك شخصيات متطرفة في إدارته القادمة. في الواقع يبدو أن ترمب يريد إرسال رسالة بأنه من دعاة السلام ولكنه سيستخدم كل الأدوات ومنها الخيار العسكري للوصول إلى السلام وهذا يعني أنه قد ينتهج سياسة السلام من خلال القوة".

وأضاف نصري أن "ترمب لم يرسل حتى الآن رسائل مفادها أنه يريد الكف عن سياسة الضغط الأقصى على إيران... ويجب على إيران أن لا تبقى مكتوفة الأيدي بل عليها أخذ زمام المبادرة".

ويرى نصري في حواره مع "إيران" أن "هناك مجموعة من القضايا الخلافية بين إيران والولايات المتحدة لن تجد طريقا للحل على غرار قضية إسرائيل. وتوجد مجموعة أخرى من القضايا الخلافية التي تحولت إلى نقاط تصب لصالح الطرفين في الأمد القصير وذلك لأسباب عديدة على غرار قضايا الاستقرار في العراق وأفغانستان. مجموعة ثالثة من القضايا الخلافية هي تلك التي يمكن للبلدين تقديم الامتيازات بشأنها للوصول إلى أهدافهما المرجوة ولمنع التصعيد على غرار الملف النووي. يمكن لإيران العمل على رفع قلق الولايات المتحدة بشأن أنشطتها النووية مقابل إلغاء العقوبات".

أ ف ب
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يلقي كلمة أمام البرلمان خلال جلسة للموافقة على تعيينات حكومته الجديدة في طهران، 21 أغسطس

وقالت صحيفة "كيهان" إن "تصريحات مساعد الاتصالات والإعلام بمكتب رئيس الجمهورية والتحليل المنشور في صحيفة (إيران) حول (الحوار النزيه) غير واقعية. ويستمر الجانب الإيراني في إرسال إشارات أحادية الجانب للحوار مع إدارة ترمب وهذا يعني السلبیة والتوسل ولا يعني المبادرة من أجل حوار نزيه".

وأضافت "كيهان": "تأتي هذه الإشارات والاستجداء للحوار من قبل إيران في الوقت الذي لم يرد ترمب عمليا على هذه التصريحات والإشارات الإيرانية، بل وجاء تأكيد من أحد أعضاء إدارته على استمرار سياسة الضغط الأقصى".

وتساءلت "كيهان": "هل يمكن توقع حوار نزيه مع ترمب؟ هل النزاهة تعني الانسحاب من الاتفاق النووي أم اغتيال الشهيد سليماني؟ أم ممارسة الحد الأقصى من الضغوط؟.. عن أية مفاوضات مع الالتزام بالمبادئ تتحدثون؟! لماذا تريدون القيام بشيء كان يصفه السيد روحاني (الرئيس الإيراني الأسبق المعتدل) بالجنون عندما كان رئيسا؟ هل أصبح القيام بالعمل الجنوني عملا نزيها ومراعيا للمبادئ؟".

ولفت الخبير في العلاقات الدولية عباس أصلاني في مقال بصحيفة "جام جم" إلى أن "مستقبل الحوار والمفاوضات (بين إيران والولايات المتحدة) ليس مرهونا فقط بالتصريحات المتبادلة بل إن هناك عوامل عديدة أخرى تلعب دورا. على سبيل المثال فإن الظروف الدولية الراهنة تغيرت تماما عما كانت عليه في فترة التوقيع على الاتفاق النووي (في 2015) حيث إن هناك تطورات عديدة على غرار الحرب في أوكرانيا. يمكن القول إن الظروف الراهنة أصبحت أصعب وأكثر تعقيدا مما كانت عليه من قبل بشأن الحوار بين إيران وأميركا. ويجدر القول إن المفاوضات بين إيران وأوروبا "تمهيدية" وأن الطرفين يناقشان الوضع الراهن ولم يتم حتى الآن صياغة نص توافقي أو تقديم الامتيازات".

قضية إلغاء العقوبات في إطار المفاوضات النووية لا تخص الأوروبيين فقط بل إن الولايات المتحدة هي اللاعب الرئيس هنا

ولفت الكاتب إلى أن "قضية إلغاء العقوبات في إطار المفاوضات النووية لا تخص الأوروبيين فقط، بل إن الولايات المتحدة هي اللاعب الرئيس هنا. ولا توجد مؤشرات بعد على سياسة إدارة ترمب بهذا الشأن لأنه لا يمكن الاستناد إلى التصريحات المطروحة هنا وهناك لتكوين تصور حول إلغاء العقوبات من عدمه".

وتابع: "لقد أدت القضايا العالمية على غرار جرائم الكيان الصهيوني في المنطقة إلى تأجيل المفاوضات لفترة طويلة. كما أننا لا نعلم بعد هل تريد إدارة ترمب ممارسة الضغط الأقصى على إيران على غرار الفترة الرئاسية الأولى أم سيكون هناك نهج مختلف مع إيران؟".

وتابع: "أعتقد أنه يجب الوصول إلى حلول للأزمات الملحة على غرار الحرب في أوكرانيا وغزة وبعدها إجراء الحوار بين إيران وأميركا لأن هذه الأزمات ستطغى على أي مفاوضات مستقبلية بين الطرفين وستعقد الأمور. كما يجب الانتباه إلى مسألة أخرى وهي: لنفترض أن الإدارة الجديدة ترغب في الحوار والمفاوضات مع إيران، ولكن السؤال: ما المطالب التي تريدها واشنطن من طهران في إطار المفاوضات؟".

font change

مقالات ذات صلة