ثمة أمر مؤكد: لم يكن أحد مستعدا لانهيار نظام الأسد. فالسرعة الخاطفة لتقدم قوات المعارضة فاجأت الجميع، كما فاجأهم رحيل بشار الأسد المباغت إلى المنفى في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024. وبعد مرور أسبوعين، رأينا أثناء زيارتنا لدمشق، كيف تغص الشوارع بالاحتفالات، غير أن أجواء من عدم التصديق كانت لا تزال تخيم على الحشود المبتهجة. البعض عاد إلى العاصمة بعد سنوات من الغياب، بينما وطأها آخرون لأول مرة في حياتهم.
وسط هذه الأجواء الاحتفالية، كان ثمة شعور ملموس بالإرهاق والقلق من التحديات القادمة، سواء في وسط الحشود في الساحات أم في القصر الرئاسي، حيث يعمل القادة الذين شنوا الهجوم المصيري ثماني عشرة ساعة يوميا لتحديد مسار العهد الجديد في سوريا.
لقد انهار النظام، بعد أكثر من ثلاثة عشر عامًا من الصراع المرير، في هجوم خاطف استغرق أحد عشر يومًا فقط. ولا يزال وقع الأحداث يسير بوتيرة مدهشة. غير أن موضوعا واحدا برز بوضوح في مناقشات مجموعة الأزمات مع قادة سوريا الجدد، ومع شخصيات المجتمع المدني في دمشق، وكذلك مع المسؤولين الإقليميين والغربيين ومسؤولي الأمم المتحدة، وهو أن القرارات التي ستتخذ في الأسابيع المقبلة سيكون لها تأثير دائم على النظام السياسي السوري.
أسئلة تتعلق بالإدماج والتشاركية
بعد أيام قليلة من توليها زمام الأمور في دمشق، فإن "هيئة تحرير الشام"، الفصيل الذي قاد العمليات العسكرية التي اطاحت بالنظام، شكلت حكومة تصريف أعمال مؤلفة في معظمها من الشخصيات نفسها التي قادت "حكومة الإنقاذ"، التي كانت تدير محافظة إدلب في شمال غربي البلاد بداعم من "الهيئة". وأعرب كثير من السوريين، ومعهم مسؤولون إقليميون وغربيون، عن قلقهم من أن يكون الاعتماد حصرا على هذه الشخصيات المقربة من "الهيئة" مؤشرا على نية للاستئثار بالسلطة، لا بل حتى فرض حكم إسلامي في جميع أنحاء البلاد.