رونزا لـ"المجلة": أعود إلى الغناء مع "الجمال" لجبران

لا تتابع المسرح وبعيدة عن التلفزيون والإذاعة

Axel Rangel Garcia - AlMajalla
Axel Rangel Garcia - AlMajalla

رونزا لـ"المجلة": أعود إلى الغناء مع "الجمال" لجبران

اختارت المطربة اللبنانية المخضرمة رونزا، اسمها الحقيقي عايدة طنب، الابتعاد عن الساحة الفنية ودخول أجواء التعليم الأكاديمي في كل من الكونسرفتوار الوطني في لبنان ومع طلاب المسرح في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، إضافة الى إنشاد التراتيل في أمسيات موسيقية دينية.

موعد مع "الجمال"

ندخل منزلها ببلدة عوكر الكائنة بقضاء المتن الشمالي في محافظة جبل لبنان حيث تتزين جدران غرفتيّ الجلوس والطعام بلوحات مائية تصوّر الطبيعة القروية ودروب أناسها بريشة والدها الرسام مارون طنب، مع لوحة بورتريه لرونزا في بداية صباها تعكس شبه الطفلة بأبيها، مثلما تقول لنا عند تعليقها على اللوحة.

رونزا ودودة ومحبة وهادئة ومتحفظة في آن واحد. تتحاور معنا بخامة صوتها المخملي الأصيل لتكشف تفاصيل التحضيرات الأخيرة لإطلاق أغنية "الجمال"، وهي سطور مختارة من أحد فصول كتاب "النبي" لجبران خليل جبران.

العمل من تلحين الموسيقي سمير طنب وتوزيعه، مع الإشارة الى أن الأغنية سُجّلت في استوديو الإذاعة الرسمية لمدينة بودابست بجهود حثيثة لأعضاء الأوركسترا المحلية هناك، وبمشاركة سمير طنب شقيق رونزا وملحن العمل نفسه، وهو من إنتاج هيثم السعيد.

شاركتنا رونزا الأغنية، التي ليست بعد في نسختها النهائية، وتبيّن تناقض كلماتها مع القبح المحيط بنا: "أين تبحثون عن الجمال، وكيف تهتدون إليه، ما لم يكن هو الهادي والدليل". تؤكد رونزا أن أستاذ اللغة العربية أنطوان وهبة ساعدها في اختيار النصوص، مع العلم أنها اختارت من فصل "الجمال" بعض الجمل التي يمكن تلحينها، مشيرة إلى أن "الموضوع جديد، ولم يتطرق إليه أحد في السابق"، مع تشديدها على أن "لبنان والعالم بحاجة إلى الجمال في وصفه المتسامي، الذي ينتهي الى الجمال المطلق المتجسد بالله".

لبنان والعالم بحاجة إلى الجمال في وصفه المتسامي، الذي ينتهي الى الجمال المطلق المتجسد بالله

تعتبر رونزا أنها تساهم في تعزيز التنوع الثقافي لبلدها لبنان من خلال نشر رسالة الجمال، لا سيما من خلال اختيار أديب عالمي بمستوى جبران خليل جبران، مشيرة إلى أنها تدرس التوقيت المناسب لإطلاق الأغنية.

غلاف كتاب "النبي"

المصالحة مع الذات

تتفاجأ رونزا عندما ننوه بسعة ثقافتها، وتقول: "لست مثقفة جدا بل ينقصني الكثير لأرتفع الى مرتبة الثقافة". وتؤكد أنها لم تبتعد كليا عن الأضواء، بل اقتصر حضورها على نشاطات محدودة لم تلق اهتماما إعلاميا، مصارحة إيانا بأنها تفتقر الى تسويق أعمالها أو إلى صفحات نشطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو أمر لا تنجرف وراءه على حد سواء.

مع ذلك، يبدو واضحا أن رونزا تعيش متصالحة مع نفسها.  تصارحنا بأنها لا تتردد على عروض المسرح، وهذا أمر ليس متعمدا، إضافة الى أنها لا تتابع التلفزيون، وهي تدأب على سماع الموسيقى الكلاسيكية خلال قيادة السيارة متجنبة سماع الإذاعات.

Fine Art Images/Heritage Images/Getty Images
جبران خليل جبران

لم يعهد عنها تقديم حفلات موسيقية، إذ أنها عرفت بالمسرح الغنائي، لكنها تتذكر بفخر حفلة موسيقية غنت فيها 7 قصائد للشاعر الراحل سعيد عقل في ذكرى 100 عام على ولادته في قصر المؤتمرات في ضبية، شمال بيروت، تقول: "كانت قصائد عابقة بالحب لحنها الموسيقي إياد كنعان، ومنها 'دلال' و'ملِك الحان' و'أسمع صوته من الجنينه'، وغيرها من أغنيات فاضت بكلمات الشوق والحنين والحب التي ترنم بها سعيد عقل طيلة حياته".

مغنية أكثر من ممثلة

ماذا عن تجربتها مع الأخوين رحباني؟ قبل الإجابة عن السؤال، تحرص رونزا على ذكر العلاقة التاريخية مع عائلة الرحابنة، والتواصل المتين مع مروان وغدي وأسامة. تعود الى السؤال لتذكرنا بمشاركتها في الغناء الجماعي مع فرقة المسرح الرحباني في بدايتها قبل الانطلاق في المسرح الغنائي في ثمانينات القرن الماضي.

تسرد على مسمعنا بعضا من الريبرتوار المسرحي الغنائي مع الرحابنة من "المؤامرة مستمرة" إلى "الانقلاب"، ففيلم سينمائي غنائي "آخر الصيف" وصولا إلى "الشخص"، التي أدت فيها الدور الذي سبق أن أدته السيدة فيروز، وتلقت انتقادات سلبية وإيجابية من الصحافة.

من أرشيف رونزا

تبادر شارحة أنه رغم انتقاد بعض الأقلام الصحافية لدورها في "الشخص" بعد السيدة فيروز، فقد لاقى أداؤها استحسانا عند الجمهور في لبنان وخارجه.

تكمل مشددة: "لا أقيّم نفسي عادة، مع العلم أنني أشعر بالرضا عن دوري في المسرحية... تملكني الشعور بالرهبة لأهمية الدور ومكانته، وهذا ينبع من تحملي مسؤولية ما أقدمه للناس، ولا يرتبط  بالدور نفسه، الذي أدته السيدة فيروز سابقا".

تعلمت من الأخوين رحباني أن ألتزم إتقان عملي دون تهاون، والتمرس في تعزيز مهاراتي الإبداعية

ماذا تعلمت من عاصي ومنصور الرحباني؟ تجيب رونزا: "تعلمت منهما أن ألتزم إتقان عملي دون تهاون، والتمرس في تعزيز مهاراتي الإبداعية الى أقصى الحدود". تصارحنا بالقول إن عاصي ومنصور "حرصا على منحي مركزا مهما في مسرحهما، وكانت علاقتي المباشرة مع عاصي الذي كان يناديني خلال التمارين يا ابنتي، مما عزز العلاقة بيننا، فيما كان منصور ينشغل حينها بتوزيع الموسيقى والكتابة المسرحية".

تعتبر رونزا التجربة مع الجيل الثاني للرحابنة ممتازة لأنها على قناعة تامة أنهم "ما بيقدموا شي مش حلو".

AFP
الأخوة غدي (يسار)، مروان (وسط) وأسامة (يمين) خلال بروفة مسرحية "زنوبيا" في دبي

تنتقل الى الخبرة التلفزيونية من توقيع الرحابنة أيضا ولا سيما من خلال برنامج "ساعة وغنيه" مع الإعلامي الراحل رياض شرارة أو مسلسل "من يوم ليوم" مع الفنان والإذاعي وحيد جلال. تنبض ذاكرتنا بأغنيات بثها تلفزيون لبنان لرونزا مثل "مشوار"، و"وقت لي بتحكيني"، و"حياة الليل ومواعيدو" وسواها لتزرع فيها ومضات أمل وحب وشوق الى الزمن الجميل.

تنكبّ رونزا اليوم على إكمال مسيرتها في الكونسرفتوار الوطني قبل ظهر كل يوم، مع التزامها تدريس مادتين في كل من التعبير الصوتي والصوت البشري، أي تقنيات مخرج الصوت وإفراغه لطلاب السنتين الأولى والثانية في تخصص المسرح في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، إضافة الى إعطاء حصص فردية خاصة في التدريب على تقنيات الصوت لبعض طلاب الغناء.

تخص رونزا قسما من حوارها للغناء المقدس من خلال ترانيم دينية لتوفيق سكر مثلا وبمشاركة في بعض الأحيان من جوقتي الجامعة الأنطونية وجامعة سيدة اللويزة بقيادة الأب خليل رحمة، مشيرة إلى أن "التراتيل تفرض أداء خاصا ينساق فيه المرتل الى الخالق، مما يجعل لكل ترتيلة بعدها الروحي المناجي لله".

سألناها أخيرا عن العلاقة مع المطران جورج خضر، خالها، قائلة "تجمعني به علاقة خاصة متينة تخولني أن أطرح عليه أي سؤال دون خوف أو خشية من عدم تقبله أي استفسار".

font change

مقالات ذات صلة