بتسارع لافت وغير مسبوق، تتبدل ملامح المشهد في أكثر من مكان في المنطقة العربية التي ترشح لأن تصبح "شرق أوسط جديدا" خصوصا بعد النتائج الكارثية المتوالية لحرب غزة، والنهاية شبه الكاملة لـ"حزب الله" في جنوب لبنان، وزلزال سوريا الذي لا تزال توابعه تتلاحق حتى الآن بمتواليات لا أحد يمكنه التكهن بسياقاتها ونهاياتها، إلا في حدود التوقعات والتحليلات من جانب، والأمنيات لرؤية "سوريا جديدة" من جانب آخر.
ماذا عن اليمن؟
الأمر بالنسبة لهذا البلد الجريح الموجوع لا يبدو كذلك، فالحوثيون لا يزالون حتى الآن يشكلون في الداخل "مشروع حرب" عصيا على الانكسار عسكريا، وعقبة كأداء أمام أي إمكانية لأي مسعى وطني محلي أو إقليمي أو دولي لإنهاء حالة الاحتراب، أو اللاحرب واللاسلم التي وضع اليمن فيها، تفاديا لمزيد مما اعتبرته الأمم المتحدة قبل أعوام أكبر أزمة إنسانية في العالم. كما تمثل جماعة الحوثيين بالنسبة للجوار وحتى العالم خطرا على الأمن والسلم الدوليين، بوصف هذه الجماعة "الذراع الأخيرة لإيران التي لا يزال بوسعها إيذاء الإسرائيليين"، والتسبب في خطر أيضا على حركة الملاحة، في واحد من أهم الممرات المائية في طول البحار المحاذية لليمن وعرضها.
ما الحل لهذه المعضلة؟
أخفقت هجمات إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، في إضعاف قدرات هذه الجماعة على إطلاق المزيد من الصواريخ والمسيرات، باتجاه أهداف إسرائيلية، وذلك مثلما فشلت هجمات الحوثيين في تشكيل أي نوع من الضغط على إسرائيل والغرب لوقف الحرب في غزة.
حدث ذلك نتيجة أسباب عدة، على رأسها البعد المكاني، وطبيعة اليمن الجغرافية التي تساعد جماعة الحوثيين، بالإضافة إلى شح المعلومات عنهم، وربما كذلك الكلفة المادية والصعوبات اللوجستية لخصوم الجماعة، ما يعني أنهم بحاجة إلى ابتكار استراتيجية أو طريقة أخرى لاستهداف الحوثيين على نحو أكثر مباشرة وإيلاما.