تتجه الأنظار إلى التحول السياسي الكبير في الولايات المتحدة، حيث يترقب العالم انتقال السلطة من إدارة الرئيس جو بايدن إلى فترة رئاسية ثانية للرئيس دونالد ترمب.
يبرز هذا الانتقال تأثيرا محوريا على السياسات التكنولوجية في البلاد، إذ يسعى قادة شركات التكنولوجيا العملاقة لاستمالة ترمب وتعزيز العلاقات معه، رغم التوترات التي شابت العلاقة خلال ولايته الأولى.
ففي الوقت الذي ركزت فيه إدارة بايدن على تعزيز الرقابة وتشديد التشريعات لمكافحة الاحتكار وحماية الخصوصية، يبدو أن ترمب يميل إلى سياسات تدعم حرية السوق وتقليل القيود على الابتكار. وهذا التباين في النهجين يعكس اختلافات جذرية في التعامل مع قضايا التكنولوجيا، مما دفع رؤساء كبرى الشركات مثل "ميتا" و"آبل" و"غوغل" إلى اللقاء مع ترمب، بل وتقديم تبرعات كبيرة لحفل تنصيبه، في محاولة لفتح صفحة جديدة من التعاون والتفاهم. فما هي الأسرار وراء هذه التحركات، وكيف ستؤثر سياسات ترمب وبايدن المختلفة على مستقبل التكنولوجيا والأمن السيبراني؟
في عام 2020 أظهر الرئيس بايدن موقفا حازما تجاه شركات التكنولوجيا الكبرى، متوعدا بمساءلة "فيسبوك" في شأن المعلومات المضللة، وداعيا لإلغاء المادة 230 التي توفر حماية قانونية لهذه الشركات.
تمنح تلك المادة الشركات حصانة من الملاحقة القضائية بسبب المحتوى الذي يُنشر بواسطة أطراف ثالثة، وتتيح لها حرية إزالة أو تعديل المحتوى الذي تعتبره غير لائق أو مخالفا لقواعدها، دون أن تفقد الحماية القانونية. كان ذلك القانون حجر الزاوية الذي ساهم في نمو الإنترنت بشكل غير مسبوق، حيث وفر بيئة آمنة قانونيا للشركات لاستضافة وتوزيع المحتوى الذي ينشئه المستخدمون دون التعرض لأخطار قانونية كبيرة.
لكن وفي ظل توترات مع الصين حول التكنولوجيا، اتبعت إدارة بايدن نهجا صارما تجاه الشركات الصينية مثل "هواوي"، مع محاولة تجنب تصعيد النزاعات التجارية. في الوقت نفسه، واجهت "غوغل" قضايا مكافحة الاحتكار التي أعادت تشكيل مستقبلها. وعلى صعيد الخصوصية، دفعت إدارة بايدن نحو تبني قانون خصوصية وطني على غرار قوانين أوروبا، خاصة مع تزايد قلق الجمهور من استخدام البيانات الشخصية بعد التحول الرقمي الكبير الذي فرضته جائحة كوفيد-19.
أدت كل هذه التغيرات إلى حقبة جديدة من التنظيم والرقابة على قطاع التكنولوجيا، مما أعاد رسم معالم الابتكار والسياسات الرقمية في الولايات المتحدة والعالم.
تودد وزيارات
والآن وبعد مرور 4 سنوات، تعود تلك القضايا الى السطح، مع انتخاب ترمب الذي يبدو أنه سيولي ذلك القطاع اهتماما خاصا.
ويولي قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة اهتماما خاصا لكسب ود الرئيس المنتخب ومحاولة فتح علاقات جيدة معه، حتى لو أن العلاقة بين ترمب وشركات التكنولوجيا العملاقة لم تكن في أفضل حالاتها خلال فترة رئاسته الأولى.
إذ تسعى شركات التكنولوجيا العملاقة، بما تمتلكه من موارد مالية وتقنية ضخمة، إلى خلق بيئة إيجابية خلال الفترة المقبلة من خلال تشريعات تشجع على الابتكار والابتعاد عن الملاحقات القضائية التي قامت بها إدارة بايدن، خاصة تلك المتعلقة بقضايا الاحتكار وتقييد استحواذ الشركات الكبيرة على الشركات الصغيرة. حيث تعتقد إدارة بايدن أن استحواذ الشركات الكبرى على غالبية الشركات الناشئة من شأنه أن يرفع أسعار الخدمات ويقتل المنافسة.