بين مخيمات النزوح في غزة، هناك موسيقى تُعزف، وغناء يتم التمسك به، على الرغم من الوقائع المأسوية والأوضاع المعيشية الصعبة. مشاهد تجسد جزءا من المشهد خلال الحرب التي سعت إلى تدمير كل مقومات الحياة داخل القطاع المحاصر، والذي واجه حربا وتجويعا وتهجيرا، منذ أكثر من 450 يوما، وحتى بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، فإن أزمة النزوح ستظل أحد عناوين هذه الحرب لا سيما أنه لم تعد هناك منازل يعود إليها أولئك النازحون.
رغم الخوف والقلق والبرد، يجلس أهالي مخيمات المواصي، ودير البلح، في سهرات ليلية، يتسامرون، ويشتكون الحال، ويضحكون ربما. يتشاركون أغاني التراث الفلسطيني والعربي، لعلهم بهذه الطريقة يسكتون صوت الحرب ويكتمون ضجيجها، ولعل حناجرهم المرتفعة بالغناء تعلو فوق هدير المقاتلات الإسرائيلية أو صوت "الزنّانة" المتواصل. فالحرب، على ضراوتها، لم تستطع إطفاء شغف الحياة لدى الفلسطيني، ولا استطاع الحصار حبس رغبته في التعبير عن هويته الثقافية، وإن من داخل خيمة.
هناك أنشطة كثيرة مع الأطفال واليافعين أيضا، يديرها شباب يحترفون العزف والغناء، وقد تمكنوا من العمل ضمن مجموعات من أجل الحفاظ على التماسك الاجتماعي واختلاس لحظات من الفرح وسط الألم الكبير.
مواساة
يبدو لافتا في هذا السياق، الأثر الكبير الذي تتركه الموسيقى على الأشخاص، إذ أنها تواسيهم وتمنحهم القدرة على التعبير عما يختلج في داخلهم من مشاعر حزن وغضب ومن توق إلى الحب والجمال.