لم تعد الترمبية تمثيلا لشعار "أميركا أولا"، بل تعدته إلى ما هو أبعد منه. فالرئيس المنتخب دونالد ترمب يتمتع بغريزة فريدة في السياسة الخارجية تفتقر إليها الديمقراطية كامالا هاريس. فحين سئلت الأخيرة في مقابلة عمن يكون الخصم الأكبر للولايات المتحدة، أجابت: "إيران". أما ترمب فقد، استخدم في فترة ولايته الأولى، الرسوم الجمركية كسلاح اقتصادي ضد الصين، وتمكن بمفرده من تمزيق وهم "تشيميريكا" (الصين-أميركا)، ذلك التكافل الاقتصادي الذي دام لعقدين بين أكبر اقتصادين في العالم.
إن قرار ترمب تمييز الصين كخصم رئيس للولايات المتحدة بدلا من الإرهاب كان خطوة محورية وبعيدة النظر، حيث أسست لحقبة جديدة في السياسة الخارجية الأميركية، وإن لم تحظَ بالاعتراف الواسع أو التقدير الذي تستحقه.
كما شكلت خطوة ترمب تحولا دراماتيكيا في الاستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة، لا تقل أهمية عن خطوة ريتشارد نيكسون عندما مكن الصين من الانفتاح على العالم. وسيواصل الرئيس ترمب في ولايته الثانية تعريف التفوق العالمي لأميركا بأنه الفوز بالمنافسة الاستراتيجية مع الصين، وبالتالي إعادة تشكيل النظام الدولي بشكل عميق. وبسبب هذه الرؤية أيضا، فإن حالة من عدم اليقين الهائلة تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي والجغرافيا السياسية.
ما الذي تتضمنه أوراق ترمب؟
يمكن تعريف الترمبية بأنها سياسة الحمائية التجارية ورأسمالية السوق الحرة والواقعية في السياسة الخارجية. ويمكن إرجاع هذه العناصر الثلاثة جميعها إلى مبادئ ومعتقدات الآباء المؤسسين لأميركا.
عندما تطبق نظرية ترمب في حالة الصين، تظهر ثلاث "تاءات" مركزية فيها: التعريفة الجمركية. والتكنولوجيا. وتايوان. وتعكس هذه العناصر على التوالي مبادئ ترمب في التجارة والسوق الحرة والسياسة الخارجية.
التعريفة أو الرسوم الجمركية
أعلن ترمب بفخر: "إن أجمل كلمة في القاموس هي التعريفات الجمركية". وسوف تُستخدم الرسوم الجمركية لتحقيق أجندة اقتصادية تتجاوز مجرد إثراء الخزينة. وسوف تُفرض رسوم جمركية باهظة على السلع المصنوعة في الصين، تبلغ 60 في المئة وفقا لرسالة حملة ترمب، لإرغام الشركات الأميركية والأجنبية التي تصنع منتجاتها في الصين على نقل سلاسل التوريد بسرعة إلى الولايات المتحدة. وباعتماد معدل رسوم جمركية يبلغ 60 في المئة، سوف تصبح المنتجات المصنعة في الصين غير قادرة إلى حد كبير على المنافسة مع المنتجات المصنعة في اقتصادات ناشئة أخرى، والتي من المرجح أن تعاني من نظام رسوم جمركية أميركي أقل حدة.