ربما يكون قرار كوريا الشمالية بإرسال قواتها إلى روسيا قد وفر دعما حيويا لجهود الكرملين الحربية في أوكرانيا، لكنه أتى بثمن باهظ تكبّدته القوات الكورية الشمالية التي أُرسلت للقتال نيابة عن روسيا.
ويعتقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن ديكتاتور كوريا الشمالية كيم جونغ أون أرسل نحو عشرة آلاف جندي كوري شمالي إلى روسيا، وذلك في إطار اتفاقية التعاون المشترك التي وُقِّعت بين موسكو وبيونغ يانغ العام الماضي.
وفي مقابل إرسال قوات كورية شمالية لدعم الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا، وافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تقديم مساعدات وتكنولوجيا عسكرية متقدمة إلى بيونغ يانغ، خاصة في ما يتعلق ببرنامج كوريا الشمالية النووي المثير للجدل.
ومن منظور موسكو، مثّل وصول القوات الكورية الشمالية دفعة حيوية لجهود الحرب الروسية في أوكرانيا، في ظل النقص الحاد الذي عانت منه القوات الروسية في عدد المقاتلين نتيجة الخسائر الفادحة التي يُقال إنها تكبدتها منذ أن أطلق بوتين ما يُعرف بـ"العملية العسكرية الخاصة" ضد أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
وتشير أحدث الإحصاءات التي أعدها مسؤولون دفاعيون أميركيون إلى أن إجمالي عدد الضحايا الروس، سواء من القتلى أو الجرحى، بلغ نحو 800 ألف شخص خلال السنوات الثلاث الماضية من القتال المستمر.
وفي حين تبنى الكرملين تدابير مختلفة لتعزيز صفوف القوات الروسية في الخطوط الأمامية، بما في ذلك تجنيد السجناء، فإن النقص الحاد في عدد المقاتلين جعل الروس يواجهون صعوبات كبيرة في تحقيق أهدافهم على أرض المعركة.
وينطبق ذلك بشكل خاص على منطقة كورسك الجنوبية في روسيا، حيث تمكنت القوات الأوكرانية من الاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي الروسية خلال هجوم مفاجئ في أغسطس/آب الماضي، في سابقة تُعد الأولى من نوعها التي تخسر فيها روسيا أراضي لصالح جيش غازٍ منذ الحرب العالمية الثانية.
وقد شكلت خسارة الأراضي في كورسك ضربة قاسية لبوتين، الذي جعل استعادة الأراضي أولوية رئيسة في استراتيجيته. ومع ذلك، فقد أعاق النقص الحاد في كل من العتاد والعديد بشكل كبير المحاولات الروسية لاستعادة الأراضي من القوات الأوكرانية.
لذلك، شكّل وصول القوات الكورية الشمالية إلى المنطقة في نهاية العام الماضي دفعة كبيرة للجهود الحربية الروسية، وهي دفعة قد تمكّن بوتين من تحقيق هدفه المتمثل في استعادة جميع الأراضي الروسية التي استولت عليها القوات الأوكرانية.
ولكن، على الرغم من أن الدعم العسكري الذي قدمته القوات الكورية الشمالية مكن الروس من تحقيق مكاسب متواضعة في كورسك، فإنه أتى بتكلفة باهظة، إذ يُقال إن القوات الكورية الشمالية التي وصلت حديثا تحملت الجزء الأكبر من أعداد الضحايا. فوفقا لبيان حديث أصدره الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قُتل أو أُصيب نحو 4000 جندي كوري شمالي منذ نشرهم لأول مرة في كورسك الشهر الماضي. وقدر مسؤولون أميركيون أن أكثر من 1000 جندي من قوات بيونغ يانغ لقوا حتفهم خلال الأسبوع الأخير من ديسمبر/كانون الأول فقط.