نتعرف من خلال هذه الزاوية إلى أحدث إصدارات الكتب العربية، في الأدب والفلسفة والعلوم والتاريخ والسياسة والترجمة وغيرها. ونسعى إلى أن تكون هذه الزاوية التي تطل كل أسبوعين مرآة أمينة لحركة النشر في العالم العربي.
الكتاب: أزرار نابليون – كيف تغير التاريخ بفضل سبعة عشر جزيئا
الكاتب: بنى لوكتور – جاي بورسون
المترجمة: سهيلة رمضان
الناشر: الرواق للنشر والتوزيع - مصر
هذا الكتاب هو نوع من قراءة التاريخ، أو إعادة قراءته، على نحو غريب وغير مألوف، ويمكن القول إنه تفسير كيميائي للتاريخ، لا السياسة، ولا الجيوش، ولا المؤامرات، ولا النزعات الاستعمارية تقف خلف الأحداث التاريخية الكبرى، بل الكيمياء! وكمثال على ذلك فالعنوان المثير للكتاب ينطوي على تفسير واحدة من أكبر هزائم نابليون، لا بسبب مقاومته كما يمكن أن يقال، بل بسبب الكيمياء، إذ أنه خلال حملته على روسيا 1812 انخفض على نحو غريب تعداد جيشه من 600 ألف مقاتل إلى عشرة آلاف، والسبب هو أن معاطف الجنود وبناطيلهم وثيابهم كافة كانت مشدودة إلى بعضها بأزرار محكمة لمنع البرد الروسي من التسلل إلى أجسادهم، حيث كان عليهم أن يسيروا لفترت طويلة جدا وسط صحراء جليدية للوصول إلى المدن المراد احتلالها، هذه الأزرار كانت مصنوعة من القصدير، ومن المعروف كيميائيا أن القصدير يذوب ويتحول إلى نوع من البودرة خلال البرد الشديد، وهو ما حصل لأزرار الجنود، الأمر الذي جعل الملابس مفتوحة للجليد والثلوج فمات عدد هائل من جنوده من البرد، وهُزم الامبراطور بسبب تلك العملية الكيميائية، وفق ما يذكر الكتاب.
يتحدث الكتاب عن سبعة عشر جزيئا، كل جزيء في فصل: الفلفل وجوزة الطيب والغلوكوز والسيلولوز والنايلون والأصباغ وحبوب منع الحمل والمورفين والهيروين وغيرها... وأثر كل جزيء في تغيير التاريخ أو صناعته. فقصب السكر الذي زُرع في الهند وبلاد فارس منذ آلاف السنين، زرعه سكان أميركا الأصليون وحولوه إلى سكر أبيض وتحول إلى تجارة رابحة، ولما وصل الاستعمار البرتغالي والإسباني إلى هناك لم يستطيعوا إخضاع السكان وإجبارهم على زراعته ومن ثم تحويله إلى سكر، ففكروا في الحصول على عمالة أفريقية فقرروا غزو السواحل الأفريقية، وهجّروا، جراء ذلك، خمسة ملايين نسمة، واستعبدوا القارة في واحدة من أبشع غزوات الاستعمار، وذلك خلال القرنين الثامن والتاسع عشر، وذلك -كما يقول المؤلفان- بسبب السكر.