أحمد مراد لـ"المجلة": أقدم ما يهم القراء ولا أرد على الانتقادات

يستعد لجزء ثالث من "الفيل الأزرق"

Khaled DESOUKI - AFP
Khaled DESOUKI - AFP
الكاتب والسيناريست المصري أحمد مراد

أحمد مراد لـ"المجلة": أقدم ما يهم القراء ولا أرد على الانتقادات

استطاع الروائي وكاتب السيناريو والمصور المصري أحمد مراد أن يستعين بكل مجال من هذه المجالات التي احترفها في تطوير عالمه الإبداعي، فقد مارس التصوير الفوتوغرافي وعمل واحدا من المصورين الشخصيين للرئيس المصري الراحل حسني مبارك، كما درس التصوير السينمائي، ليستثمر التصوير في التقاط الأفكار المناسبة لرواياته التي تصنف بأنها من أكثر الكتب مبيعا.

أصدر روايته الأولى "فيرتيجو" عام 2007 ومن ثم توالت رواياته التي تحول معظمها إلى أفلام وأعمال درامية مثل "تراب الماس" و"الفيل الأزرق" الرواية التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر)، وعرفت الوسط السينمائي بمراد ككاتب سيناريو محترف.

ولهذا يبدو من الطبيعي أن يستمر مراد في التنقل بين كل هذه المجالات بشكل متواز. يقول في حديثه لـ"المجلة" إنه يعمل على تحضير الجزء الثالث من فيلم "الفيل الأزرق" وعلى مسلسل ورواية جديدين.

 في الإطار الروائي أكون قادرا على تصوير المشاعر التي تدور في أذهان الشخوص كلها، ولكن في السيناريو يجب عليّ كتابة أشياء تُرى بالعين

  • ما الفارق بين كتابة الرواية وكتابة السيناريو؟

الفارق بينهما كبير، على الرغم من أنهما في النهاية يرويان حكاية، ولكن هناك حكاية تُحكى من الداخل وهي الرواية، وحكاية تُحكى من الخارج وهي رواية الفيلم أي "السيناريو". في الإطار الروائي أكون قادرا على تصوير المشاعر التي تدور في أذهان الشخوص كلها، ولكن في السيناريو يجب عليّ كتابة أشياء تُرى بالعين لأجل أن تستطيع الكاميرا أن تراها وتصورها. أي أن هناك طريقتين للسرد، يحتاج الفيلم إلى كاميرا تصور، لكن في الرواية هناك مشاعر لها القدرة على التعامل مع ذهن القارئ بطريقة تفاعلية، فيها قوة شديدة تخلق نوعا من التعاون مع ذهنه مما يعكس داخله ونظرته الى الأمور عندما يقرأ، بحيث يترجم الكلام ويحوله إلى خيال. وهنا يكون لكل شخص طريقة تخيله، تكون مثل شيء يُفصّل لكل شخص يقرأها، بينما يكون الفيلم منتجا وجاهزا كلنا نرى اللون نفسه والأشياء نفسها، ممكن أن يكون الانطباع عن الفيلم داخليا جدا، لكن في النهاية لا تَحكّم في الشكل العام للبطل أو ما شابه.

كتابة الخيال

  • هل تؤثر الكتابة الروائية على السيناريو أم العكس؟

طبعا تؤثر بشكل كبير، وكلما كان هناك رواية غنية بالمشاعر والأحداث تساعد بقوة عند كتابة السيناريو في تحقيق نوع من العمق الشديد كون المادة قوية، ولا تؤخذ كلها. فالعمل القادم من الرواية له أهمية كبيرة. والأمر الآخر أن الرواية عندما تنجح تهيئ نفسها كي تتحول إلى فيلم، فالأفلام الآتية من الرواية تكون ناجحة دائما. 

  •  لماذا تحولت معظم رواياتك إلى السينما والدراما؟

لأني مصور وكتاباتي تتميز بإحساس الصورة، أعتقد أن هذا انعكس كثيرا على من يقرأ، وهو ما جعل العمل أقرب إلى فكرة السينما. أنا أتخيل في البداية ومن ثم أكتب، أي أرى صورة أبطال، إضاءة، أرى ألوانا وتكوينات وهو ما يجعلها أقرب إلى شكل السينما، وربما يكمن السر أيضا في سرعة الأحداث وهو أمر مرغوب به في السينما.

عملت عشر سنين كمصور خاص للرئيس الراحل حسني مبارك، وهذا ما منحني خبرة كبيرة في التصوير

  •  ما أهمية أن تكون أنت من كتب سيناريو فيلم "الفيل الأزرق" وهو مستمد من رواية لك تحمل العنوان نفسه؟ 

في حالة كهذه أمتلك حرية التجريب بما أريد فعله داخل الفيلم، وهذا لا يتطلب مني العودة إلى كاتب الرواية كي اسأله عن بعض الأمور. وفي النهاية تحتاج كتابة السيناريو إلى مرونة شديدة لكي يتلاءم النص مع شكل السينما ومع الزمن الخاص بها، وهذا ما منحني القدرة على التكسير والبناء في العمل الخاص بي.  والشيء الآخر أن "الفيل الأزرق" كان أول فيلم يظهرني ككاتب سيناريو، وهو ما أوجد لي وضعا جيدا في عالم كتابة السيناريو.

تحولات إبداعية

  •  رأينا تحويل العديد من الروايات العالمية إلى أفلام أو غير ذلك، فما الذي يبقى من رؤية الكاتب حين يتحول العمل من حالة إبداعية إلى أخرى؟

في النهاية، عندما يؤلف الكاتب رواية يبقى في منطقة القواعد الخاصة بالرواية، وعندما ينتقل النص الى السينما يجب أن ينتقل الى قواعد أخرى، ولو تحول النص إلى باليه راقصة مثل "كسارة البندق" فهو سيتخلى عن الحوار ويتحول كله إلى رقص، ولو عملنا لوحة فنية تعبر عن رواية معينة فستتحول إلى خطوط وألوان، وهكذا فكل انتقال يحمل معه المعنى الكامل الذي يراد إيصاله. في النهاية المعنى نفسه ممكن، لكن يتغير كل شيء لكي يتناسب مع الشكل الجديد أو الفن الجديد الذي أدخل فيه النص.

Khaled DESOUKI - AFP
أحمد مراد

  • كيف ترد على الانتقاد الذي يقول إنك بعيد عن دوائر الأدباء في مصر؟

أحرص منذ بداية عملي ككاتب ألا أرد على أي انتقاد، إلا إذا تجاوز الانتقاد الحدود، فعندها يمكن أن أقيم دعوى قضائية، أو أنشر بيانا رسميا على صفحتي في مواقع التواصل الاجتماعي، لكني لا أحب الاشتباك عبر الإنترنت بالذات، وبالتالي لا أرد على الانتقادات، ليس لدي شيء خاص أضعه على مواقع التواصل الاجتماعي ولا أتفاعل مع الناس على هذه المواقع، ولدي أصدقائي من الأدباء ونتقابل كل فترة، ومنتجي الذي أقدمه هو الذي يهم الناس فقط.

غلاف رواية "الفيل الأزرق"

  • ما الأدوات المشتركة بين عملك كمصور ومن ثم كروائي؟  

والدي مصور فوتوغرافي وله تاريخ مهم جدا، وقد علمني التصوير والتكوين وهيأني للدخول معه في التصوير السينمائي عام 2001، وهذه التجربة أدت إلى أنني عملت عشر سنين كمصور خاص للرئيس الراحل حسني مبارك، وهذا ما منحني خبرة كبيرة في التصوير، وفي منتصف هذه المسافة بدأت بالكتابة. كان التصوير مرحلة مهمة جدا للتدريب على التأمل والتقاط اللحظة، لأن الإنسان يرى شيئا أمامه لكنه لا يستطيع أن يوقف لحظة معينة ويقول هذه التي سأكتب عنها أو أصورها، إنه تدريب يشبه تدريب القناص بالضبط على أن الهدف الذي أمامه يجب قنصه في هذه الثانية وليس في الثانية التي بعدها أو قبلها.

كل مشهد في "أبو الهول" مكتوب بشكل بصري، حتى التخيلات الخارجية والداخلية للبطل مندمجة واحدها مع الآخر

  •  كيف استثمرت تجربتك كمصور في روايتك "أبو الهول" المرشحة للقائمة الطويلة في جائزة الشيخ زايد للكتاب؟

استفدت من تجربتي كمصور في هذه الرواية بدءا من الغلاف عندما جسدت شيئا يجمع ما بين المعنى الروائي والمعنى الفني السينمائي، فالبطل سليمان السيوفي هو رجل يعاني من ضلالات مرضية شديدة ويعتقد أن هناك مؤامرة عليه، أي من بداية الغلاف هناك استغلال للفكرة وكل مشهد في هذه الرواية مكتوب بشكل بصري بالنسبة لي، حتى التخيلات الخارجية والداخلية للبطل مندمجة واحدها مع الآخر، لأنني أتكلم من داخل دماغه.

غلاف رواية "أبو الهول"

بالطبع استفدت جدا من كوني عملت بالتصوير لأن السيوفي يعمل مصورا ويجيد التقاط اللحظة، لذلك هناك تماه ما بين الشخصية وما بيني شخصيا في هذه الرواية، وكوني دارسا للتصوير وتاريخه استطعت أن أخلق بطلا يعمل في تصوير الموتى، وهي مهنة انتشرت قديما لفترة وانتهت، باعتبار أن بعض الناس لم يعرفوا بداية التصوير وعندما يموتون يدرك من حولهم أن عليهم أن يحتفظوا بأي شيء منهم، لهذا كان أبناؤهم يصورونهم وهم موتى.

في "أبو الهول" استعنت بتاريخ التصوير الذي درسته وبفكرة المصور واستعرضت بعض المواد المستخدمة في التصوير وبشرائح معينة من الزجاج، وبكل ما رأيته من بقايا هذا الفن في حياتي، أي استعنت بكل ما أعرفه كي أقدم المصور في الشكل الذي يظهر به.

font change

مقالات ذات صلة