وأوضح أن استحقاق المليار دولار سيسدد دفعة واحدة، وأضاف أنه ستتم تغطية سداد قرض بقرض آخر بقيمة 500 مليون دولار من البنك الأفريقي للاستيراد والتصدير من مخزون العملة الأجنبية الذي يغطي بتاريخ 6 يناير/كانون الثاني، 123 يوم توريد.
كما ذكر الهاني أن الأشهر الأولى من السنة تعتبر أساسية لجهة قيمة إيرادات الدولة، خصوصا هذه السنة، والمحصلة من موارد استثنائية تزامنا مع تفعيل قرار العفو الجبائي (الضريبي) والجمركي، تضاف إليها مداخيل الضريبة على الشركات المتوقع تحصيلها خلال شهر مارس/آذار 2025.
هل تتحقق نسبة النمو المستهدفة بـ 3,2 في المئة في 2025
وتستهدف الحكومة تحقيق نسبة نمو بـ3,2 في المئة عام 2025، وهي نسبة وصفها رئيس الحكومة كمال المدوري بالواقعية، فيما توقع البنك الدولي تحقيق الاقتصاد التونسي نسبة نمو لا تزيد على 2,3 في 2025.
ويأتي تباطؤ الاقتصاد في سياق تراجع طويل الأمد في النمو على مدى العقد الماضي حيث كان بمعدل 1,6 في المئة بحسب البنك الدولي، مع تراجع معدلات الاستثمار والادخار التي انهارت بشكل غير مسبوق منذ الاستقلال ولم تتعد سنة 2020 الـ4 في المئة من الناتج المحلي و5,7 في المئة نهاية سنة 2023.
من جهته يرى أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي، وهو من ضمن نخبة الاقتصاديين الذين استشارهم رئيس الجمهورية منذ فترة، أن تحقيق نسبة نمو بـ3,2 في المئة من "المستحيلات السبعة".
ويضيف الشكندالي في تصريح لـ"المجلة" : "سينتج من لجوء الدولة عام 2025 للاقتراض الداخلي، تجفيف السيولة وإقفال منافذ التمويل أمام الاستثمار الخاص وسيتسبب ذلك في خفض الموارد الجبائية وبالتالي لا أتوقع أن تتجاوز نسبة النمو 1,3 في المئة".
جدير بالذكر أن التقرير الأخير (نوفمبر/تشرين الثاني 2024) للبنك الدولي كان قد حذر من أخطار تحويل نسبة متزايدة من تمويلات المصارف المحلية التونسية إلى احتياجات الحكومة التمويلية بدلا من القطاعات الاقتصادية، معتبرا أن ذلك يمثل أيضا تحديا لاستقرار العملة والأسعار.
وقد ارتفع الدين المحلي، وفقا للبنك الدولي، من 29,7 في المئة من إجمالي الدين العام سنة 2019 الى 51,4 في المئة حتى شهر أغسطس/آب 2024.
من الصمود إلى الإقلاع في 2025
يقود كمال المدوري، وهو خامس رئيس حكومة منذ 2020، خطة لإعادة تنشيط الاقتصاد. ويعول المدوري، الذي يوصف برجل الملفات، على حسن إدارة معادلة صعبة تتراوح بين ضغوط المالية العامة وضرورات الحفاظ على توازناتها الكبرى من جهة وموجبات تنفيذ الإصلاحات ودفع عجلة الاستثمار والتنمية مع إعادة الدور الاجتماعي للدولة من جهة أخرى.
لكن على الرغم من هذه المعادلة الصعبة وحتى المستحيلة في السياقين المحلي والإقليمي، بدا المدوري واثقا خلال مناقشة موزانة 2025 عند تحديده الأولويات الاستراتيجية للمرحلة المقبلة التي يقول إنها تتمثل في العبور بالاقتصاد الوطني من مرحلة الصمود إلى مرحلة الإقلاع. معتبرا أن العوامل متوفرة لتحقيق هذه الأهداف من خلال تشريعات ترمي الى حلحلة مشاريع كبرى معطلة أكد أنه تم جردها وأن عددها يبلغ 1126 مشروعا.
وتستوجب تحقيق هذه الأهداف مراجعة الخيارات الاقتصادية وفق وزير التجارة السابق محسن حسن الذي ذكّر في تصريح لـ"المجلة" بعدم حلحلة الاشكاليات القائمة على مستوى السياسات القطاعية وعلى مستوى التصرف في المنظومات الانتاجية والزراعية، وكذلك على مستوى مناخ الأعمال. وخلص إلى أن كل هذه العوامل ساهمت في تراجع الاستثمار بنسبة 15,7 في المئة.
ويثير استمرار تردي مناخ الأعمال تساؤلات مختلف الفاعلين الاقتصاديين الذين يرتقبون قرارا سياسيا حاسما لإنهاء حالة الركود والتردد، وإصلاحات جذرية تتيح التنافسية واستعادة القدرة الإنتاجية وجاذبية تونس كوجهة استثمارية، وخصوصا فتح قنوات التمويل.