ثمة لحظة تاريخية في انتظار الرئيس المنتخب دونالد ترمب الذي يستعد لبدء ولايته الثانية في وقت لاحق من هذا الشهر. ومعروف عن ترمب مبادراته الجريئة في السياسة الخارجية، ويبدو أن هذه اللحظة تتماشى تماما مع أجندته المعلنة: "أميركا أولاً".
وإليك تفسير ذلك: يمكن أن تتعهد إدارة ترمب بترقية قدرات الجيش اللبناني– الذي يُعتبر واحدا من أكثر الاستثمارات فعالية للمصالح العسكرية الأميركية في المنطقة– شريطة أن يتخلى "حزب الله" عن أسلحته لصالح الجيش، ليصبح الأخير القوة العسكرية الشرعية الوحيدة في لبنان.
أفهم تماما لو جاء أحد ما وقال لي إن هذا الاقتراح غير واقعي. فمن غير المرجح أن يوافق "حزب الله"، أو داعمه إيران، على نزع سلاحه ودمج قواته في الجيش اللبناني، وهذا أمر متوقع بطبيعة الحال. ولكن الغرض من هذا الاقتراح الأميركي هو تسليح الإصلاحيين اللبنانيين بحجة قوية للأمن والاستقرار، يمكنهم استخدامها في صراعهم السياسي ضد "حزب الله"، فيبرزون أن "حزب الله" هو العقبة الأساسية أمام مستقبل سياسي واعد للبنان وتعزيز جيش وطني قادر على الدفاع عن البلاد ضد جميع أشكال العدوان.
والحال أنه مع انتخاب جوزيف عون– القائد السابق للجيش اللبناني والمُلتزم ببناء الدولة– مؤخرا رئيسا للجمهورية، حان الوقت للتعامل مع التحديات الأوسع التي تواجه لبنان. ويكمن في صميم هذه التحديات تحديد المصير العسكري لـ"حزب الله". ولكن لكي تنجح هذه المبادرة، يتعين على إدارة ترمب تجاوز النهج التقليدي، وتستبدل به عرضا قويا وتحويليا يمكن أن يعزز بشكل كبير قدرات الجيش اللبناني، بهدف أن يتمكن الجيش من أداء مهامه الحالية في تأمين الحدود الجنوبية بكفاءة، وحماية لبنان بشكل موثوق من التهديدات الأجنبية والمحلية.
لقد لعبت الولايات المتحدة، على مدى العقدين الماضيين، دورا رئيسا في تحويل الجيش اللبناني إلى قوة قتالية أكثر كفاءة، حيث قدمت أكثر من 3 مليارات دولار من المعدات والتدريب والدعم الاستشاري. بيد أن حزمة المساعدات التي أفكر فيها هنا تمثل تحولا أكبر من كل الجهود السابقة، إذ ستعطي الأولوية لتطوير أنظمة الدفاع الجوي وتعزيز قدرات أمن الحدود– وهي مجالات لطالما تجاهلتها واشنطن بسبب الصراع المستمر بين لبنان وإسرائيل.
ومن خلال تجهيز الجيش اللبناني للقيام بمسؤولياته الوطنية في الدفاع بفعالية، سيحصل الإصلاحيون اللبنانيون على أداة قوية لمواجهة رواية "حزب الله" وتقويض نموذجه في المقاومة، الذي لم يجلب للبنان سوى الدمار.