في عرض فردي هو الأول في لندن والأكبر في أوروبا، تستعيد قاعة "ماسونس يارد" عالم الرسامة الأميركية لين دريكسلر (1928 – 1999) في ستينات القرن الماضي. معرض استعادي يسلط الضوء على تجربة فريدة من نوعها تعطينا فكرة دقيقة عن عناصر بناء العمل الفني الذي كان عنوانا لانتقال التعبيرية التجريدية من جيلها الأول الذي ظهر في أربعينات القرن الماضي في نيويورك بشكل خاص إلى جيلها الثاني الذي بدأ في نهاية الخميسنات وتألق في الستينات وكانت نيويورك حاضنته أيضا.
وإذا كانت لين دريكسلر تتلمذت على يدي هانز هوفمان وتأثرت كثيرا بتجربة روبرت ماذرويل، فإنها اختطت لنفسها في ما بعد طريقا خاصا بها بعدما هضمت تأثيرات ما بعد الانطباعية، وهذا ما بدا واضحا في هذا المعرض الذي لا تخفي لوحاته قوة العلاقة البصرية التي أقامتها الفنانة بالطبيعة.
تعيدنا دريكسلر إلى واحدة من أهم أفكار المدرسة التجريدية، التي تنص على أن كل جمال يكمن مصدره في الطبيعة. ذلك ما كدح نيكولاس دي ستايل، وهو رسام فرنسي من أصل روسي وينتمي فنيا إلى مدرسة باريس، في الوصول إلى خلاصاته. ومن المؤكد أن الرسامة التي لم تستسلم تماما لتأثيرات كبار فناني التعبيرية التجريدية بنسختها الأميركية من أمثال جاكسون بولوك ومارك روثكو وهانس هوفمان ووليم دي كونينغ، كانت فكرت في أن تعيد التجريد إلى الطبيعة بعدما اعتزل تلك العلاقة الغنائية التي تعود بأصولها إلى الانطباعي كلود مونيه.
حياة أخرى للتعبيرية التجريدية
لمنسّقي هذا المعرض كل الحق في الاكتفاء بأعمال دريكسلر التي أنتجتها في ستينات القرن الماضي. فعلى الرغم من أن الفنانة انتقلت إلى نيويورك عام 1955 وكان لفنانين كبيرين هما هوفمان وماذرويل الأثر الأكبر في تكوين شخصيتها الفنية، غير أنها لم تبدأ مسيرتها الاسلوبية المتفردة إلا عام 1959 يوم أقامت معرضها الشخصي الأول بعدما أحرقت كل أعمالها السابقة.