حيفا- تكلل عام 2024 بانتصار كبير لليمين الإسرائيلي، ولرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تحديدا على أربعة مستويات: داخل حزب "الليكود" نفسه، وفي الحكومة، وفي المستوى الإسرائيلي العام، وعلى المستوى الإقليمي والدولي. وكل ذلك يستدعي انطلاق مبادرة فلسطينية لمواجهة ذلك، والمطلوب تغيير فلسطيني فوري لمواجهة ذلك.
أولا- داخل الليكود: فقد أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، نهاية عام 2024 عن استقالته من عضوية الكنيست بعد إقالته من منصبه كوزير للدفاع بداية شهر نوفمبر/تشرين الثاني. وفقد غالانت الأمل بطبيعة الحال في إعادة الشارع الإسرائيلي، حيث إن مظاهر التضامن معه لم تكن كما في المرة السابقة التي اضطرت نتنياهو لإعادته إلى منصبه بعد إعفائه (مارس/آذار 2023). هذه المرة لم تكن بالقوة نفسها، وعمليا أتت الاستقالة من الكنيست تتويجا ليأسه من إمكانية العودة إلى منصبه بفعل الضغط الشعبي.
وقد علل غالانت إقالته بوجود ثلاث قضايا خلافية مع نتنياهو، القضية الأولى تتعلق بتجنيد اليهود المتزمتين (الحريديم)– وهو يؤيد ذلك لأسباب تتعلق بفكرة وجود الخدمة العسكرية على جميع الإسرائيليين، أي تقاسم تحمل عبء التجنيد، كما يعتقد أن الحربين، في غزة وفي لبنان، تتطلبان تجنيد أكبر عدد من الإسرائيليين بسبب الحاجات العينية للحربين، بينما يرى نتنياهو غير ذلك، لأسباب سياسية تتعلق بالحفاظ على الحكومة، لأن مستقبله الشخصي يأتي من خلال الحفاظ على ممثلي المتدينين الحريديم في ائتلافه، وبالتالي فإنه يفتش عن مخرج يحفظ حق المتدينين في عدم الخدمة ويؤمن دعما ماليا لمن اختاروا تعلم التوراة بدل الذهاب إلى الجندية.
القضية الثانية تتعلق باعتقاد غالانت أن الوقت قد حان لعقد صفقة كاملة مع "حماس" وإعادة المختطفين الإسرائيليين في غزة مقابل صفقة تطلق فيها إسرائيل عددا كبيرا من الأسرى الفلسطينيين وتتعهد بفتح أبواب غزة لدخول المواد التموينية للغزيين وربما تمكن بعضهم من العودة إلى بيوتهم أو أحيائهم على الأقل وتفتح الباب لتسوية أوسع بعد ذلك، بما في ذلك استقدام تدخل عربي على الأرض ودخول السلطة الوطنية إلى غزة لإدارتها باسم الفلسطينيين، أي إن غالانت يتبنى موقف قوى الأمن الإسرائيلية بأن إسرائيل لا تستطيع حسم الصراع نهائيا مع "حماس"، ولا تستطيع البقاء للأبد في غزة، بينما يعتقد نتنياهو جوهريا أن إسرائيل لن تنسحب من غزة في المدى المنظور، وبهذا فإنها لن تنسحب من المحاور المركزية أولا، ولن تبادر إلى صفحة تعني اعترافها بعدم إمكانية الحسم مع "حماس"، ويرفض حتى الآن دخول أية جهة، بما في ذلك السلطة الوطنية، لإدارة غزة، وهو مستعد لصفقة محدودة مع "حماس"، تبعد عنه، ولو قليلا الضغط الشعبي في إسرائيل من جهة، والضغط الدولي من جهة أخرى، وتبقي شركاءه في اليمين الفاشي على دعم ائتلافه المركب، وبالتالي الاستمرار في الحكم.