إنذار ترمب لـ"حماس"

تدخّل صريح من الرئيس الأميركي المنتخب

إنذار ترمب لـ"حماس"

ربما كان طلب الرئيس المنتخب دونالد ترمب من حركة "حماس" إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين الذين تحتجزهم في غزة قبل موعد تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني، قد منح دفعة جديدة للجهود المبذولة للتفاوض على وقف إطلاق النار في غزة. ومع ذلك، لا توجد ضمانات بأن إنذار الرئيس المنتخب سيكون أكثر نجاحا من المحاولات التي بذلتها إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن لتحقيق الهدف ذاته.

فعلى الرغم من أن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن قد أعلن عن خطته المكونة من ثلاث مراحل لتنفيذ وقف إطلاق النار في غزة لأول مرة في مايو/أيار، فإن التقدم ظل محدودا منذ ذلك الحين بسبب القضايا التي تبدو عصية على الحل والتي أثارها طرفا الصراع.

وبينما طالبت حركة "حماس" بوقف كامل للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية، كشرط للموافقة على إطلاق سراح نحو 100 رهينة إسرائيلي لا يزالون محتجزين لديها، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يُظهر نية واضحة لتقليص التدخل العسكري الإسرائيلي في القطاع.

ونتيجة لذلك، لم تحقق آمال جو بايدن في إحراز تقدم كبير في مفاوضات وقف إطلاق النار قبل مغادرته منصبه سوى نتائج محدودة.

غير أن احتمال عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض لفترة ولاية ثانية كرئيس أعطى دفعة للعملية، حيث قدم الرئيس المنتخب سلسلة من المطالب الحازمة المتعلقة بإطلاق سراح الرهائن المتبقين.

وقد تناول دونالد ترمب القضية لأول مرة في 3 ديسمبر/كانون الأول، محذرا من أن "الجحيم سوف يندلع" في المنطقة إذا لم يجر التوصل إلى اتفاق بحلول 20 يناير/كانون الثاني، دون أن يوضح شكل الرد الذي يعتزم اتخاذه في حال عدم إطلاق سراح الرهائن.

وفي حين دعا قادة حركة "حماس" دونالد ترمب إلى التحلي بـ"مزيد من الانضباط والدبلوماسية" في تصريحاته بشأن أزمة الرهائن، فإن قرار الرئيس المنتخب بإعطاء الأولوية لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المتبقين أسفر عن إشعال جولة جديدة من المحادثات الدبلوماسية في قطر، بهدف إنهاء الأعمال العدائية في غزة.

وقبل توجهه إلى الدوحة، أعرب المبعوث الأميركي الجديد إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، عن ثقته في إمكانية التوصل إلى اتفاق قريبا، قائلا: "نحن نحقق تقدما كبيرا، ولا أود الإفصاح عن الكثير لأنني أعتقد أن الفريق يقوم بعمل ممتاز في الدوحة".

وعلى الرغم من أن فريق ترمب ليس جزءا رسميا من محادثات الدوحة، التي تضم وفودا من إسرائيل و"حماس"، فقد تعاونوا بشكل وثيق مع مسؤولين من إدارة بايدن المنتهية ولايتها، بما في ذلك بريت ماكغورك، ممثل إدارة بايدن في الشرق الأوسط. وقد قام ويتكوف بزيارات متعددة إلى المنطقة منذ تعيينه في نوفمبر/تشرين الثاني.

وقال ويتكوف: "نحن نعمل معا بطريقة جيدة جدا". وأضاف: "لكن الرئيس- سمعته والتصريحات التي أدلى بها- هي التي تقود هذه المفاوضات. لذا نأمل أن تكلل الجهود بالنجاح، وأن نتمكن من إنقاذ بعض الأرواح".

أفاد دبلوماسي عربي رفيع المستوى مشارك في المحادثات أن حركة "حماس" وافقت على قائمة تضم 34 رهينة تستعد لإطلاق سراحهم كجزء من اتفاق لوقف إطلاق النار. وتشمل القائمة جنديات إسرائيليات إلى جانب مدنيين مسنين، وإناث، وقاصرين.

وتضم بعض الأسماء في القائمة رهائن لقوا حتفهم بالفعل أثناء الأسر، حيث أشار مسؤولون أميركيون إلى أن 20 فقط من الأسرى الذين احتُجزوا خلال هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول ما زالوا على قيد الحياة. ويزداد الوضع تعقيدا بسبب إصرار حركة "حماس" على أنها لا تعلم مكان جميع الرهائن.

وعلى الرغم من الاستثمار السياسي الشخصي الذي وضعه دونالد ترمب في هذه القضية، مستغلا علاقاته الوثيقة مع إسرائيل لتأمين إطلاق سراح الرهائن، فإن الكثير من العقبات ما زالت تحول دون التوصل إلى أي اتفاق. فقد أثار الطرفان الاعتراضات نفسها التي أفشلت محاولات إدارة بايدن السابقة لتطبيق وقف إطلاق النار.

وتتابع حركة "حماس" إصرارها على أنها لن توافق على إطلاق سراح الرهائن المتبقين إلا إذا وافقت إسرائيل على إنهاء الحرب وسحب جميع قواتها من قطاع غزة. من جانبها، تؤكد إسرائيل أنها لن تنهي الحرب حتى يجري تفكيك "حماس" وإطلاق سراح جميع الرهائن. وقد انعكست هذه المواقف المتصلبة على تصريحات الطرفين بشأن محادثات الدوحة، حيث شدد إدن بار تال، المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، على أن "حماس" هي "العقبة الوحيدة أمام إطلاق سراح الرهائن".

يبقى تأمين إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين قبل تنصيبه تحديا كبيرا لترمب، وقد يشكل الفشل في تحقيق ذلك إحراجا كبيرا للزعيم الأميركي، خاصة بعد تدخله العلني والصريح في القضية

وفي الوقت نفسه، صرّح مسؤول حركة "حماس"، أسامة حمدان، خلال مؤتمر صحافي في الجزائر، بأن إسرائيل تتحمل المسؤولية عن تقويض الجهود الرامية للتوصل إلى اتفاق. كما جدد التأكيد على الشروط الرئيسة لـ"حماس"، موضحا أن أي اتفاق لن يجري إلا بعد موافقة الإسرائيليين على "إنهاء العدوان بشكل كامل والانسحاب الكامل من الأراضي التي غزاها الاحتلال". وفي معرض تعليقه على تهديدات دونالد ترمب السابقة، حذر حمدان قائلا: "أعتقد أن الرئيس الأميركي يجب أن يدلي بتصريحات أكثر انضباطا ودبلوماسية".

وقد دفع ذلك دونالد ترمب إلى إصدار تهديد آخر لـ"حماس"، محذرا من أنه إذا لم يجر إطلاق سراح الرهائن قريبا، فإن "الجحيم سوف يندلع في الشرق الأوسط، ولن يكون ذلك جيدا لـ(حماس)، ولن يكون جيدا- بصراحة- لأي جهة".

ومع ذلك، يبقى تأمين إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين قبل تنصيبه تحديا كبيرا لترمب، وقد يشكل الفشل في تحقيق ذلك إحراجا كبيرا للزعيم الأميركي، خاصة بعد تدخله العلني والصريح في القضية.

وقد برزت تحديات تحديد مكان جميع الرهائن المتبقين، سواء كانوا أحياء أو أمواتا، بعد أن انتشلت القوات الإسرائيلية يوم الأربعاء جثتي أسيرين إسرائيليين من نفق في رفح جنوبي غزة. وجرى التعرف على إحدى الجثتين على أنها تعود ليوسف زيادنة، وهو مواطن إسرائيلي بدوي يبلغ من العمر 53 عاما من مدينة رهط، وكان أبا لـ18 طفلا. ويُفترض بشكل كبير أن الجثة الثانية تعود لابنه حمزة، البالغ من العمر 22 عاما، إلا أن هذا لم يجر تأكيده رسميا حتى الآن.

وربما ساهم قرار دونالد ترمب بالسعي لتأمين إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين المتبقين قبل توليه منصبه في إحياء محادثات وقف إطلاق النار. ومع ذلك، لا توجد أي ضمانات بأن تدخل الرئيس المنتخب سيؤدي إلى تحقيق النتيجة المرجوة.

font change