دمشق- مع مرور شهر على هروب بشار الأسد وسقوط النطام السوري في 8 ديسمبر/كانون الأول، لا تزال هناك أسئلة كثيرة من دون إجابات حاسمة، بينها: متى اتخذت الفصائل المسلحة قرار إسقاط نظام الأسد؟ وهل كان الهدف تحرير حلب فقط أم الوصول إلى دمشق؟ وما السر في سلاسة تقدم الفصائل وسرعة انهيار النظام؟ ولماذا لم يقاتل الجيش السوري؟ ولماذا لم تتدخل روسيا وإيران عسكريا في المعركة التي انطلقت في 27 نوفمبر/تشرين الثاني؟
حملت هذه الأسئلة وغيرها إلى القائد في غرفة العمليات العسكرية، نائب قائد "أحرار الشام" أحمد الدالاتي (أبو محمد الشامي) الذي لعب دورا محوريا في غرفة عمليات "ردع العدوان" بقيادة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني).
بالنسبة إلى الدالاتي، فإن قرار إطلاق معركة الوصول إلى دمشق يعود إلى أبريل/نيسان 2020 بعد اتفاق خفض التصعيد بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان بداية مارس/آذار 2020. ويقول: "اللحظة التي انتصرنا فيها حقيقة هي تلك اللحظة وليس 8 ديسمبر"، إذ إن قادة الفصائل وبينهم الشرع اجتمعوا واتخذوا "قرارا استراتيجيا بأن ننتقل من إدارة الصراع مع النظام من حالة الكانتونات والفصائل والأحزاب إلى حالة المؤسسات". وأضاف: "كان التطبيق العملي لهذا الكلام معقدا للغاية ومكلفا للغاية لأن هناك إشكالات متراكمة، تحديدا بيننا وبين "الهيئة"، من الصراعات، وتاريخا من الصعب جدا أن تمحوه (...) للأمانة الثقل الأكبر كان على "الهيئة" كونها بطبيعة الحال الجسم الأكبر والمسيطرة على الجغرافيا".
وتابع الدالاتي: "عملية فصل الصلاحيات وتخصيص المؤسسات كانت عملية معقدة جدا. نحن في "الحركة" ربما كانت المسألة بالنسبة إلينا أيسر لأن الجانب الذي شغلته "الحركة" كان أغلبه عسكريا، أما "الهيئة" فكانت تشغل الجانب المدني والجانب العسكري، وأنشئت "غرفة عمليات الفتح المبين" التي شُغلت بالعسكرة"، مشيرا إلى أن ذلك أطلق اجتماعات دورية، وكنا نجتمع كلما تقتضي الحاجة فنحن خلية أزمة بأي لحظة يمكن أن نجتمع حسب الأحداث".
وأشار أيضا إلى أن قادة الفصائل عقدوا اجتماعا بعد اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله "بحضور أبو محمد وقائد الأحرار وكنت موجودا، وقيادات عسكرية من قبلنا ومن قبل (الهيئة) ومن فصائل أخرى". وزاد: "كانت لدينا معلومات كثيرة وكان لدينا تقدير موقف إلى أين ستتوجه الحرب الإسرائيلية".
وتابع: "كنا مستعدين سياسيا وعسكريا واستخباراتيا في آخر فترة. وما عزز الفرصة كان سلوك النظام قبل المعركة بـ3 أشهر، فقد أصبح يحاول أن يصدّر- ليتهرب من انهزامه وضعف موقفه واستحقاق الحرب مع لبنان- حاول تصدير الأزمة إلينا بأننا نحن السبب لأننا قمنا بثورة وأضعفنا النظام، ما منعه من مؤازرة المحور". كما تحدث تفصيلا عن كيفية ومراحل صنع مسيّرات "شاهين" التي لعبت دورا محوريا في المعارك:
وهنا الحلقة الأولى من الحوار:
* بعد مرور شهر على سقوط بشار الأسد ودخولكم إلى دمشق، متى بدأ التحضير لعملية "ردع العدوان"؟
- الحقيقة أن الإعداد للعملية كان طويل الأمد، لا شك أن الثورة في النهاية بكل ما حصل فيها هي جزء من العملية والجهد الذي بذله كل سوري، الصرخة، الصوت، أي شخص قدم أي شيء في الثورة هو شريك في هذه العملية. لكننا بالتأكيد نتحدث عن البعد الذي له علاقة بالإعداد للعملية نفسها بالمعنى الذي رأيناه وتحررت به سوريا.
في 2019 اتخذ قرار سياسي بتصفية الثورة السورية وعلى أثره حدثت حملة عسكرية شرسة ضخمة من النظام والميليشيات الإيرانية و"الحرس الثوري" و"حزب الله"، طبعا بدعم جوي روسي كثيف جدا. كان الغرض إنهاء الجغرافيا السورية بعد أن ضغطوا على المناطق التي كانت محاصرة في كل المحافظات السورية (التي كانت تحت عنوان "خفض التصعيد") وهجّروا الناس إلى إدلب وريفها- المناطق المحررة. فكان هناك قرار حتى المناطق التي هجّر إليها الناس يتم حسم عسكري يؤدي إلى حل سياسي ينزع شرعية الثورة وتتم السيطرة على المراكز الحيوية التي كنا نسيطر عليها مثل "أوتوستراد-م-5" و"أوتوستراد-م-4" ومركز مدينة إدلب، وحشر من يريد في عمق 10 كيلومترات على الحدود التركية، وطبعا نزع السلاح الثقيل وتصفية القيادات الثورية ثم الوصول إلى حل سياسي لإعادة إنتاج بشار الأسد يضمنون فيه الحد الأدنى من عودة الناس واللاجئين. وحتى الناس الذين سيكونون على الشريط كانوا سيخضعونهم لظروف إنسانية صعبة يقبلون فيها بأي حل.