المرأة على رأس المصارف المركزية... صقر أم حمامة؟https://www.majalla.com/node/323796/%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D8%A3%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%B1%D8%A3%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%A7%D8%B1%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%B2%D9%8A%D8%A9-%D8%B5%D9%82%D8%B1-%D8%A3%D9%85-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%85%D8%A9%D8%9F
عيّنت الإدارة الجديدة في سوريا الأسبوع الماضي الدكتورة ميساء صابرين حاكمة لبنك سوريا المركزي لـ"تسيير أعماله"، خلفاً للحاكم السابق محمد عصام هزيمة، لتكون أول سيدة تتولى منصبا رفيعا كهذا في سوريا والعالم العربي. وكانت صابرين تشغل منصب النائبة الأولى للحاكم، كما تولت قبل ذلك مهام متنوعة في المصرف، منها رئاسة قسم الرقابة ومديرية مفوضية الحكومة، وكانت عضوا في مجلس إدارة سوق دمشق للأوراق المالية، ممثلة للبنك المركزي.
رحبت نساء سوريا بتعيين صابرين، معتبرة إياه مبادرة تضاف إلى مبادرات تكليف المرأة مزيدا من المهام والصلاحيات في السلطة الجديدة، مما يعكس الثقة بـأهليتها وقدرتها ويخفف الانتقادات التي تسببت بها تصريحات صدرت عن مسؤولين في الإدارة الجديدة تتحدث عن "ضرورة مراعاة الفطرة وخصوصية المرأة البيولوجية".
لاختيار صابرين لمنصب الحاكمية دوافع مهمة ليس فقط لكونها امرأة، بل أيضا لكونها ذات خبرة مهنية تزيد على 15 عاما في عمل البنك المركزي وذات كفاءة علمية، إذ تحمل شهادة الماجستير والدكتوراه في المحاسبة، بالإضافة إلى شهادة محاسبة قانونية.
صندوق النقد: تنوع الجنسين ينعكس في الفكر والضوابط
صحيح أنه، في عالم المصارف المركزية، يمكن انتقاد واقع أن المحاسبة ليست من الاختصاصات المألوفة لدى حكام البنوك المركزية، ونادرون هم الحكام في هذا الاختصاص الذين تم اختيارهم لهذا المنصب، ومنهم دان ماراي، الحاكم السابق للبنك المركزي لجزيرة موريشيوس، إلا أن خلفه، بسنت روا، يلفت إلى "أن الحاكم هو محاسب السلطة"، وبالتالي هناك أهمية لتمرسه بعلم المحاسبة حرصا على الالتزام بتقديم الحساب عن أعمال المصرف، وهو التزام بات من الواجبات الأساس لقيادة أي بنك مركزي معاصر.
نجحت ألفيرا نابيولينا رئيسة للمصرف المركزي الروسي، سريعا في تحديث السياسة النقدية والارتقاء بها إلى المعايير الدولية مما فتح البلاد أمام الاستثمارات، فتم التخلي عن ضوابط الصرف الأجنبي المعتمدة منذ عام 2006، وحصل تعويم للروبل عام 2014
يرفع تعيين ميساء صابرين عدد البنوك المركزية التي ترأسها سيدة إلى 30 من أصل 185 مصرفا مركزيا بدلا من 23 العام المنصرم، وفقا لتقرير صدر في أبريل/نيسان 2024 عن منتدى المؤسسات النقدية والمالية الرسمية. وكان قد ورد في نشرة صدرت عن صندوق النقد الدولي في 29 أغسطس/آب 2024، تعيين امرأتين على رأس المصرف المركزي في بلديهما، هما ياسمينا سليموفيتش في البوسنة والهرسك، وإليزابيث غينيا في بابوا غينيا الجديدة، مما رفع حصة المصارف المركزية التي تضم قيادات نسائية إلى 16 في المئة.
وكان صندوق النقد الدولي قد أصدر في بداية 2024 مذكرة إرشادية عن التنوع في المناصب العليا. ذكر فيها ان مزيدا من التوازن بين الجنسين في هذه المناصب، من شأنه أن ينعكس زيادة في تنوع الفكر والضوابط والتوازنات مما يساهم في زيادة الاستقرار الاقتصادي والمالي وتحسين الأداء.
أول امرأة ترأس بنك سوريا المركزي!.. من هي ميساء صابرين؟
أعلنت الإدارة الحاكمة في #سوريا اليوم الاثنين عن تعيين #ميساء_صابرين رئيسة للبنك المركزي السوري، لتكون بذلك أول امرأة على الإطلاق تتولى هذا المنصب الرفيع في تاريخ المؤسسة المالية السورية، الممتد لأكثر من 70 عاما، حسبما… pic.twitter.com/l8Fw1NJD95
على مستوى قرارات السياسة النقدية، ذكر منشور صادر عام 2018 عن مصرف فرنسا بعنوان "حوكمة المصارف المركزية عالم من الرجال"، أن الاحصاءات على مدى السنوات الخمس والخمسين الماضية، أظهرت نسبا مماثلة في لجان المصارف المركزية الغربية الكبرى: الاحتياطي الفيديرالي الأميركي ومصرف إنكلترا والمصرف المركزي الأوروبي. فمن بين 130 عضواً خدموا في اللجنة الفيديرالية للسوق المفتوحة، هناك 14 امرأة فقط، أي نحو 10 في المئة. وكان أداء مصرف إنكلترا أفضل قليلاً، حيث بلغت نسبة النساء في لجنة السياسة النقدية 19 في المئة منذ إنشائها في عام 1997. أما بالنسبة الى المصرف المركزي الأوروبي، فقد مثلت النساء منذ عام 1998 نحو 16 في المئة من أعضاء مجلسه التنفيذي و6 في المئة فقط من أعضاء مجلس المحافظين.
ألفيرا نابيولينا رائدة مميزة في روسيا
أول امرأة تولت قيادة مصرف مركزي في مجموعة الثماني، كانت في روسيا، قبل تعليق عضويتها في هذه المجموعة عام 2014. ففي يونيو/حزيران 2013، عين بوتين مستشارته الاقتصادية ألفيرا نابيولينا رئيسة للمصرف المركزي الروسي، فكانت ثاني إمرأة تشغل هذا المنصب بعد تاتيانا بارامونوفا التي شغلته لنحو سنة في 1994-1995.
نجحت نابيولينا سريعا في تحديث السياسة النقدية والارتقاء بها إلى المعايير الدولية مما فتح البلاد أمام الاستثمارات، فتم التخلي عن ضوابط الصرف الأجنبي المعتمدة منذ عام 2006، وحصل تعويم للروبل عام 2014 فأدرجت مجلة "فوربس" اسمها عام 2015 كواحدة من "100 امرأة الأكثر تأثيرا في العالم"، واعتبرتها "يوروموني" شخصية العام نفسه للمصارف المركزية.
لكن الأمر لم يدم طويلا، فمع تدخل روسيا عسكريا في أوكرانيا وفرض العقوبات المالية الغربية عليها نتيجة لذلك، ومنها تجميد 630 مليار دولار، انقلبت سياسات نابيولينا منذ فبراير/شباط 2022 في الاتجاه المعاكس، فدفعت في اتجاه تقييد التحويلات المالية إلى الخارج ومنع الأجانب من بيع حصصهم في الشركات الروسية وزيادة سعر الفائدة الرئيس إلى 20 في المئة. وقد نجحت هذه الاجراءات في ضبط التضخم واستعادة الروبل عافيته، مما دفع صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى تقديم الإشادة بها على نحو غير مباشر، من خلال سرد الطريقة التي نجحت فيها في حماية الروس من تداعيات العقوبات.
في المقابل، كان للاستاذة دانييلا غابور، المتخصصة في المصارف المركزية، موقف معاكس، إذ رأت أنه يجب إرسال نابيولينا وكل التكنوقراط الأكفياء الذين يدعمون ديكتاتورية بوتين القاتلة بذريعة "العمل من أجل الشعب الروسي"، إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. واستنادا الى هذا المنطق، وضعت نابيولينا على لائحة العقوبات الأميركية والكندية والبريطانية.
جانيت يلين الأولى في مجموعة السبع
المرأة الأولى في دول مجموعة السبع التي ترأست مصرفا مركزيا، كانت جانيت يلين عام 2014، فكانت أول امرأة تعين على رأس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي والرئيسة الخامسة عشرة له.
الأمر الأساس الذي عملت عليه يلين، كان سوق العمل. فانخفض معدل البطالة خلال ولايتها من 6,7 في المئة إلى 4,1 في المئة، وهو أدنى مستوى سُجل منذ 17 عاما. أيضا، بقي معدل التضخم أقل من الهدف السنوي المعلن والبالغ 2 في المئة، كذلك تم الحفاظ على مستويات أسعار فائدة منخفضة ومناسبة، مما جعل المنازل ميسرة التكلفة وانتعشت سوق الإسكان، كما خفضت تكلفة إطلاق الأعمال فزادت فرص العمل و تعزز الإنفاق والانتعاش الاقتصادي.
أبرز النجاحات التي تسجل للاغارد، حسن إدارتها الأزمة الاقتصادية المرتبطة بجائحة "كوفيد-19" من خلال إنشاء برنامج الشراء الطارئ للوباء الذي سمح للمصرف المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة على الديون العامة، وجعل العجز المرتبط بالوباء مستداما
وبسبب نجاحاتها أدرجت ضمن قائمة أنجح رؤساء الاحتياطي الفيديرالي، مما دفع نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة السابقة للرئاسة كمالا هاريس، الى وصف يلين بأنها "أول امرأة في التاريخ الأميركي تترأس أرفع ثلاثة مناصب اقتصادية في الحكومة الفيديرالية: مجلس البيت الأبيض للمستشارين الاقتصاديين والاحتياطي الفيديرالي، وحاليا وزارة الخزانة".
كريستين لاغارد سيدة "المركزي الأوروبي"
تصرف المجلس الأوروبي لسنوات وكأنه لا يوجد امرأة واحدة مؤهلة بين 341 مليون شخص يعيشون في منطقة اليورو لقيادة المصرف المركزي الأوروبي. لكن في السنوات الأخيرة، تخلى المجلس عن هذه العقيدة فعينت كريستين لاغارد لتكون أول امرأة لقيادة هذا المصرف في أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وكان سبق للاغارد أن ترأست مكتب المحاماة الشهير "Baker & McKenzie" وصنفتها لذلك "وول ستريت جورنال" أوروبا عام 2002، كخامسة سيدة أعمال في أوروبا. عام 2005، عينت وزيرة للتجارة الخارجية في فرنسا ثم الزراعة والصيد ثم الاقتصاد والمال والعمل، فاعتبرتها "فايننشال تايمز" عام 2009 أهم وزيرة مالية أوروبية، أما مجلة "تايم" فاختارتها من بين 100 شخصية مؤثرة في العالم.
تعيين لاغارد على رأس المصرف المركزي الأوروبي كان موضع إشادة العديد من المراقبين، وحجتهم أن السنوات الثماني التي أمضتها كمديرة لصندوق النقد الدولي، تجعلها مؤهلة بشكل فريد للتوصل إلى اتفاق داخل مجلس محافظي المصرف في خصوص القضايا الخلافية التي لا بد أن تواجهها، في مقدمها مراجعة إطار السياسة النقدية.
كذلك، قوبل اختيار لاغارد بانتقادات، منها أن ليس لديها أي خبرة في مجال المصارف المركزية، وأنه كان ينبغي أن تذهب الوظيفة إلى ألماني لإصلاح العلاقة التي توترت بين المصرف المركزي الأوروبي والجمهور الألماني نتيجة سياسة التيسير التي اعتمدها الأول خلال أزمة اليورو. وكان من المهم ان يستعيد المصرف الدعم الشعبي للبلد الذي يمثل نحو ربع سكان منطقة اليورو.
وكان هناك نبش للماضي بانتقاد دورها عام 2008 في الـ"كريدي ليونيه" الذي أفضى الى صدور قرار قضائي بمسؤوليتها القانونية عن الاهمال، دون تدوين الأمر في سجلها القضائي، وأيضا دورها في منح الارجنتين أكبر قرض في تاريخ صندوق النقد الدولي، بلغ 57 مليار دولار لحماية الرئيس ماوريسيو ماكري المدعوم آنذاك من ترمب من مد منافسه الشعبوي خافيير مايلي.
وأبرز النجاحات التي تسجل للاغارد، حسن إدارتها الأزمة الاقتصادية المرتبطة بجائحة "كوفيد-19" من خلال إنشاء برنامج الشراء الطارئ للوباء الذي سمح للمصرف المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة على الديون العامة، وجعل العجز المرتبط بالوباء مستداما من دون إمكان محو الدين العام تقيدا بالمعاهدة الأوروبية التي تحظر بشكل صارم التمويل النقدي للدول.
وعملت على إجراء مراجعة استراتيجية للمصرف، هي الأولى منذ عام 2003، أعادت فيها تحديد هدف التضخم في منطقة اليورو بمعدل 2 في المئة، وهو أقل من معدل التضخم الأساسي بأكثر من نقطة، كما أشركت المصرف في قضايا تغيير المناخ، ونجم عن ذلك تصنيف "بوليتيكو" لها عام 2021 ضمن أقوى 28 شخصية أوروبية في أوروبا وفي المركز الثالث من فئة "الفاعلين".
كارنيت فلوج الاسرائيلية خليفة ستانلي فيشر
منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط من أكثر المناطق التي شهدت تبوؤ النساء قيادة مصارفها المركزية، وارتفع عددهن إلى أربعة مع تعيين ميساء صابرين حاكمة لبنك سوريا المركزي.
أولى هذه النساء، الاسرائيلية ذات الأصول البولونية كارنيت فلوج، وقد اختيرت لترؤس المصرف المركزي الاسرائيلي عام 2013 خليفة لستانلي فيشر، بعد استقالته، باعتبارها كانت تعمل نائبة له ولغياب منافس ذكر وبالطبع لكفاءتها العلمية والمهنية، إذ تحوز شهادة ماجستير في الاقتصاد من جامعة كولومبيا وعملت في صندوق النقد الدولي مع فيشر مدة من الوقت.
الثانية، كريستالا جورجادجي، التي عينت عام 2014 على رأس المصرف المركزي القبرصي، واستمرت في منصبها لغاية عام 2019، فكانت المرأة الوحيدة التي تتولى قيادة مصرف مركزي في دول الاتحاد الأوروبي.
حفيظة غاي أركان لفترة انتقالية تركية حساسة
الثالثة، هي حفيظة غاي أركان، التي اختارها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتكون أول امرأة تتولى ادارة البنك المركزي التركي، نظرا الى مؤهلاتها العلمية اذ تحمل درجة الدكتوراه في إدارة الأخطار من جامعة برينستون، وتابعت برامج مكثفة في القيادة لدى هارفرد وستانفورد، وأيضا لخبرتها المهنية المميزة كمسؤولة رفيعة المستوى في بنك الاستثمار "غولدمان ساكس" وأيضا في مؤسسات وشركات أميركية أخرى.
كانت ولايتها قصيرة، إذ دامت من يونيو/حزيران 2023 إلى فبراير/شباط 2024، ومع ذلك نجحت في التصدي لمعضلتي التضخم وانخفاض قيمة الليرة التركية، فعمدت إلى رفع الفائدة تدريجيا من 8,5 في المئة إلى 45 في المئة، مما ساعد في تحسين الصدقية المالية لتركيا وثقة المستثمرين، وأفضى إلى استقرار الليرة والأسعار والسيطرة بشكل أكبر على تكاليف المعيشة المرتفعة.
لكن بعد أقل من تسعة أشهر، قررت الاستقالة "لحماية أسرتها وطفلها من الإشاعات" على حد قولها، وكانت تعرضت لانتقادات شديدة اتهمتها بأنها منحت ميزات لعائلتها، خصوصا لوالدها، داخل المصرف المركزي التركي، وبخروجها عن خطها كبيروقراطية والتوجه نحو السياسة، مما أدى إلى تراجع الثقة بها داخل "حزب العدالة والتنمية" الحاكم. كما كانت هناك توترات متزايدة بينها وبين موظفي اللجنة النقدية هددت بتآكل صدقية المصرف.
أنهن يكنّ غالبا في لجان السوق المفتوحة حمائم أكثر من الرجال، أما على صعيد القيادة، فالأمر ليس قاطعا، فكريستين لاغارد أقرت بأنها "تقضي معظم وقتها في محاربة التضخم" على نقيض جانيت يلين
تولت سيدات عدة رئاسة المصارف المركزية في العديد من الدول الناشئة. ففي آسيا كانت زيتي أختر عزيز في ماليزيا، وزينا اسانكوجويفا في قيرغيزستان. وفي أوروبا، هناك جورجوفانكا تاباكوفيتش في صربيا، وناديجدا إرماكوفا في بيلاروسيا، وأخيرا، ياسمينا سليموفيتش في البوسنة والهرسك.
وفي أفريقيا، ريتسيليسيتسوي ماتلانيان في ليسوتو، ولينا موهوهلو في بوستوانا، وجيل ماركوس في جنوب أفريقيا، وإليزابيث غينيا في بابوا غينيا الجديدة. وفي أميركا الجنوبية: مرسيدس ماركو ديل بونت في الأرجنتين، ومارثا إيفلين ريفييرا في السلفادور، وماريا إيلينا موندراجون في هندراوس، وويندي كريج في بهاماس، وجانيت سيميلييه في جزر أروبا.
سبب الهيمنة الذكورية في المصارف المركزية
تعزو الاقتصادية باولا سوباتشي سبب الهيمنة الذكورية في المصارف المركزية إلى كون هذه المصارف تميل إلى العمل كنواد متحجرة محدودة الشفافية، وتحرص إلى حد بعيد على العضوية الذكورية فيها، ويساعد في ذلك، كون أعضاء قيادتها غير منتخبين، ودعم الحكومات لهذا التوجه.
في المقابل، يذكر تقرير لـ"فوكس" (EU) صدر عام 2018، وتناول دراسة تفاعل النساء في الهيئات الإدارية العليا للمصارف المركزية مع التضخم، أن النساء في هذه الهيئات كن أكثر تشددا من الرجال وأكثر عدوانية منهم في مكافحة التضخم، خلافا للقاعدة التي تقول إن النساء أكثر تحفظا من الرجال.
وتساءلت نشرة مصرف فرنسا الخاصة بحوكمة المصارف المركزية التي أشير إليها سابقا، عن ميل النساء في إدارة الأخيرة؟ هل هو لإعطاء الأولوية لمكافحة التضخم (الصقور)، أم لتفضيل دعم النمو وتشغيل العمالة (الحمائم)؟
وكان الجواب بحسب الاحصاءات، أنهن كنّ غالبا في لجان السوق المفتوحة حمائم أكثر من الرجال، أما على صعيد القيادة، فالأمر ليس قاطعا، فكريستين لاغارد أقرت بأنها "تقضي معظم وقتها في محاربة التضخم" على نقيض جانيت يلين، التي أشار الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لدى ترشيحه لها لرئاسة الاحتياطي الفيديرالي بأنها ستكون "النصير للعمال الأميركيين وعائلاتهم".
وقد خلصت النشرة إلى أن الانتماء إلى الصقور أو إلى الحمائم لا يقوم في الحقيقة على أساس الجنس، بل على أساس التنوع الاجتماعي، أي "التعليم وتجارب الشباب والدعم السياسي". ففرص التحول إلى حمامة تكون أعلى بالنسبة الى أولئك الذين درسوا في جامعات ذات تقاليد كينزية (هارفارد، ييل) كجانيت يلين، وولدوا خلال فترات البطالة المرتفعة، أو قد يعود الأمر حتى إلى انتماء من قام بتعيينهم إلى هذه الفترات، وهذا ينطبق بالتساوي على الرجال والنساء.