تعتبر الخرطوم من أكثر المناطق تأثرا بالنزوح، فقد شهدت العاصمة السودانية اشتباكات وغارات جوية أجبرت سكانها على النزوح ومنهم هبة.
لم يكن قرار هذه الشابة السودانية سهلا، خاصة مع مسؤوليتها عن رعاية أربع شقيقات، ومع ذلك، بعد مغادرة جيرانها ومعظم سكان الحي، بدأ الخوف يتسلل إليها من فكرة البقاء في المنزل.
تقول عبد العظيم لـ"المجلة": "كنا نسمع دوي الأسلحة والطائرات، ونرى الشهب والنيران، كانت مشاهد وأصواتا مرعبة، ومع كل ذلك، كنا في البداية نتمسك بالبقاء في المنزل ونرفض المغادرة".
أشخاص يغادرون الخرطوم على متن شاحنة
شهدت الخرطوم تدهورا أمنيا سريعا وحادا، حيث تركزت المعارك في أحياء سكنية مكتظة، مما أدى إلى دمار واسع في المباني والبنية التحتية، وتفاقم النقص في المواد الغذائية وسوء خدمات الاتصالات والإنترنت، كما أدت الغارات الجوية العشوائية والقصف المتكرر إلى تعطيل الخدمات الأساسية، بما في ذلك المستشفيات التي خرج معظمها عن الخدمة.
تضيف عبد العظيم: "كنا نعتقد أن هذه الحرب محصورة بين الجهات المتقاتلة، مع أننا ندرك أن المواطن قد يتضرر في النهاية لأنها حرب، لكن الصدمة الكبرى كانت حين بدأ استهداف الناس، فقد تعرضوا للاغتصاب والقتل والتهجير والتنكيل، ومُنعت عنهم المساعدات والغذاء، وهذا أمر صادم للغاية بالنسبة إلينا، الحرب نفسها كانت صادمة جدا، لم نتوقع أبدا أن يحدث لنا ما حدث".
تقول لنا: "لو كان الأمر بيدي لكنت ربطت المنزل بحبل وجررته معنا، أن تختصر حياة كاملة وذكريات في حقيبة، هو أمر صعب للغاية، لكنني اخترت الأشياء التي تذكرني بوالديّ الراحلين".
أخبرها أخوها المقيم في الخليج العربي أنه يتابع منطقتهم عبر صور الأقمار الصناعية، وبينما وصلتهم أنباء عن فتح أبواب المنازل ونهبها من قبل قوات الدعم السريع، بدا أن منزلهم لا يزال صامدا هناك، ولم تطاوله القذائف أو القصف حتى الآن.
مخيم كُومِر للاجئين بالقرب من مغانا
تحولت شوارع الخرطوم، كحال العديد من المدن والقرى السودانية، إلى ساحة حرب مفتوحة، حيث انتشرت فيها أعمال النهب والاعتداءات بشكل واسع. وترافق هذا كله حركة نزوح واسعة لم تهدأ.
الانتقال من مدينة الى أخرى يعني ساعات طويلة من السفر، والتوقف عند نقاط تفتيش متكررة تختلف باختلاف المنطقة التي تمر بها. بعضها يتبع لقوات الدعم السريع، وبعضها الآخر يتبع للجيش السوداني. بالنسبة إلى عبد العظيم، كانت نقاط التفتيش التابعة لقوات الدعم السريع الأكثر رعبا، حيث تقول: "تعرضنا للذل والإهانة، وتلقينا تهديدات، وكانوا يسألوننا عن سبب تركنا لمنازلنا، مع أنهم السبب في ذلك".
بينما استغرقت رحلة نزوحهم من الخرطوم الى أقصى شمال السودان لمدينة دنقلا قرابة اليوم، كان وضع عمتها التي نزحت في وقت لاحق أكثر صعوبة، فقد استغرقت معهم الرحلة التي لا تأخذ عادة الا ساعات عدة، 3 أيام متواصلة.
جهود غرف الطوارئ
النزوح يعني البدء من الصفر، حيث يواجه النازحون كوارث مختلفة حسب المناطق التي يتجهون إليها، من أبرزها الارتفاع الكبير في الإيجارات في الولايات الآمنة. هذا يأتي في وقت فقد فيه معظم النازحين وظائفهم وأموالهم ورؤوس أموالهم، ليبدأوا من جديد من الصفر. كما يضاف إلى ذلك غلاء أسعار المواد التموينية والطعام والشراب، مما يزيد أعباءهم.