في ظل أزمات اقتصادية وحروب ومزيد من الصراعات في المنطقة، وارتفاع جنوني في الأسعار، سعى المصريون إلى التكيف مع أزماتهم الاقتصادية التي عانى كثيرون من مراراتها خلال 2024. كان العام المنصرم من الأعوام القاسية ماليا ونقديا على الاقتصاد المصري بسبب الاضطرابات الإقليمية المستمرة التي أثرت في شكل كبير على مداخيل الدولة، ولا سيما انخفاض إيرادات قناة السويس بنسبة تجاوزت 70 في المئة. دفعت عمليات الحوثيين واستهدافهم السفن في البحر الأحمر، الحكومة إلى مزيد من الاستدانة لمواجهة الضغوط الاقتصادية المتفاقمة.
على مدى أشهر طويلة سبقت إعلان المصرف المركزي المصري إجراءاته الإصلاحية في السادس من مارس/آذار 2024، عانت مصر سلسلة من التحديات الاقتصادية المتراكمة، جراء صدمات داخلية وخارجية متكررة. من الآثار الاقتصادية لجائحة "كوفيد-19"، مرورا بالحرب الروسية الأوكرانية، وليس انتهاء بحرب غزة وتوترات البحر الأحمر. انعكست هذه الصدمات سلبا وبشدة على معظم المؤشرات الاقتصادية المصرية الرئيسة، مما أدى إلى تفاقم الدين العام المحلي والخارجي، وظهور سوق صرف موازية شكلت بيئة خصبة لتجار العملة والمضاربين. كذلك تسربت تحويلات المصريين العاملين في الخارج إلى السوق السوداء، مما أدى إلى تدهور قيمة الجنيه المصري، وارتفاع تكلفة استيراد السلع والخامات ومستلزمات الإنتاج. ونتيجة لذلك، قفز معدل التضخم إلى مستويات قياسية بعيدة عن المستهدفات الموضوعة.
هذا الوضع أثر أيضا في تصنيف مصر الائتماني، إذ خفضته وكالات التصنيف الدولية كلها، مما حدّ من قدرة السلطات المالية على الاقتراض من الأسواق الخارجية لتلبية احتياجات النقد الأجنبي. ومع تصاعد التحديات، ازدادت الضغوط لتسديد أقساط الديون وفوائدها، مما عمّق فجوة النقد الأجنبي.