أثار قرار الولايات المتحدة فرض عقوبات على برنامج الصواريخ الباليستية الباكستاني صدمة اجتاحت إسلام آباد، وسلّط الضوء على التحولات الجيوسياسية في جنوب آسيا، حيث تتقارب واشنطن مع الهند، المنافس التقليدي لباكستان، أكثر فأكثر. وفي حين أثارت هذه الأخبار موجة من الغضب وخيبة الأمل في باكستان، فقد رحبت بها نيودلهي واستقبلتها بحفاوة.
وفي رد حاد على العقوبات، رفضت وزارة الخارجية الباكستانية المزاعم التي أطلقها مسؤول أميركي رفيع المستوى بشأن برنامجها الصاروخي، ووصفتها بأنها عارية عن الصحة وتؤثر سلبا على العلاقات الثنائية. وصرحت ممتاز زهرة بلوش، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الباكستانية قائلة: "هذه المزاعم لا أساس لها، وتفتقر إلى العقلانية، والإحساس بتاريخ العلاقات الثنائية". وجاءت تصريحاتها ردا على تأكيد نائب مستشار الأمن القومي الأميركي جون فينر بأن تطوير باكستان للصواريخ بعيدة المدى يشكل "تهديدا واضحا" للولايات المتحدة.
وقد استهدفت العقوبات الأميركية أربعة كيانات مقرها باكستان، بينها مجمع التنمية الوطني وعدد من الشركات الخاصة في كراتشي. واتهمت هذه المنظمات بالمساهمة في تطوير قدرات الصواريخ الباكستانية في انتهاك للأمر التنفيذي 13382، الذي يهدف إلى الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل. وكانت عقوبات مماثلة قد فرضت في السابق على موردين صينيين وكيانات أخرى مرتبطة ببرنامج الصواريخ الباكستاني.
وانتقدت ممتاز زهرة بلوش العقوبات ووصفتها بأنها "غير مفيدة للعلاقات بشكل عام" مشيرة إلى أنها فُرضت "دون أدلة"، وأكدت على تضحيات باكستان في شراكتها مع الولايات المتحدة، ولاسيما في أعقاب السياسات الأميركية في المنطقة.
وقالت: "إن الموجة الأخيرة من المزاعم الأميركية تجاه حليف رئيس من خارج حلف (الناتو) لن تكون مفيدة للعلاقات الشاملة، وخاصة في غياب أي دليل في هذا الصدد. كما أن باكستان لا تضمر أي نوايا سيئة تجاه الولايات المتحدة بأي شكل أو طريقة، وهذا الواقع الأساسي لم يتغير".
وجاء رد الفعل في إسلام آباد مفعما بالمرارة والإحباط. ووصف عدد من المسؤولين والمحللين الباكستانيين العقوبات بأنها غير عادلة وتفصح عن انعدام الثقة المتزايد لدى واشنطن تجاه باكستان. وانتقدوا الولايات المتحدة التي تغض الطرف باستمرار عن البرامج النووية والصاروخية الإسرائيلية غير الخاضعة للرقابة بينما تستهدف في الوقت نفسه القدرات الدفاعية المشروعة لباكستان. ويعتقد كثيرون في باكستان أن هذه الازدواجية في المعايير تعكس تحيزا جيوسياسيا أوسع.