أصبح دونالد ترمب اليوم الرئيسَ المنتخب للولايات المتحدة، بعد فوزه الساحق في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة. ومن الطبيعي أن يثير صعوده إلى السلطة الكثير من التساؤلات حول شكل رئاسته ورؤيته للسياسة الخارجية.
ولعل أحد المواضيع التي لا تزال غامضة في سياسته الخارجية هو كيف ستتعامل إدارة ترمب مع الوجود العسكري المستمر للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وخاصة فيما يتعلق بالمهام المرتبطة بـ"عملية العزم الصلب" التي يقوم بها التحالف العالمي لهزيمة "داعش" في العراق وشمال شرقي سوريا. وفي أغسطس/آب الماضي، أعلنت إدارة بايدن عن إنهاء تدريجي لمهمة مكافحة "داعش" وجدول زمني للانسحاب الجزئي للقوات الأميركية بحلول نهاية عام 2026.
وتوفر الفترة الأولى من رئاسة ترمب نظرة- وإن كانت محدودة- حول كيفية تعامله مع الاستراتيجية العسكرية الأميركية في العراق وسوريا. وخلال إدارته السابقة، بقيت القوات الأميركية منتشرة ضمن عملية العزم الصلب، إلا أن نهج ترمب اتسم بكونه عسيرا على التنبؤ. ففي ديسمبر/كانون الأول 2018، أعلن عن انسحاب كامل من سوريا، ثم جرى التراجع عنه جزئيا لاحقا. ومع ذلك، قامت إدارته بتقليص عدد القوات من 2000 إلى 900 جندي في سوريا، وأذنت بخفض القوات بنسبة 50 في المئة من 5000 إلى 2500 جندي في العراق، كما أشرفت على نقل السيطرة على ثماني قواعد عسكرية في المنطقة.
ويزيد من تعقيد الوضع تأثير الهجمات المدعومة من تركيا في شمال شرقي سوريا، والتي قد تمارس ضغوطا إضافية على الموقف الأميركي وتدفع ترمب إلى التفكير في الانسحاب. ومع ذلك، قد يكون العامل الحاسم لاستمرار الوجود العسكري الأميركي هو تأثير الفريق الاستشاري الجديد لترمب. فالتعيينات الأخيرة في الإدارة وقيادات الوكالات والمناصب الدبلوماسية تشمل شخصيات أبدت شكوكا أو انتقادات صريحة لمهمة مكافحة "داعش" في العراق وسوريا. وقد يشير هذا النهج الأكثر انعزالية من الفريق الاستشاري إلى تغيير كبير في السياسة الأميركية، مما قد يؤدي إلى تقليص الوجود العسكري في المنطقة.
تاريخ الانسحابات
لا يعتبر الانسحاب العسكري في الشرق الأوسط أمرا جديدا على ترمب. فعلى الرغم من حملة "الضغط الأقصى" التي شنتها إدارته الأولى ضد إيران- حيث كان الوجود الأميركي في العراق وسوريا قوة توازن رئيسة في مواجهة الوكلاء المتحالفين مع إيران- فقد بادر ترمب إلى اتخاذ قرارات بالانسحاب الجزئي والكامل في مناسبات عدة.