بعيون جاحظة ورؤوس مائلة وأجساد ضخمة تتخذ وضعيات غريبة، تبدو كائنات الفنان التشكيلي السوري سبهان آدم بهيئة مسوخ خرجت للتو من باطن الجحيم. يصور آدم العالم الذي نعيش فيه بكل ما أوتي من وحشية وقبح، معاينا عمق التمزقات الداخلية، كاشفا عن عورة العالم القاسي المتواري خلف قناع الحداثة والصراع الداخلي للإنسان الذي يكابد من أجل البقاء في وجه الفوضى المحيطة به، إذ لا طوق نجاة في لوحاته الغارقة بطابع سوداوي فاحم، في رؤية تسعى إلى استشراف المستقبل والتنبؤ بتحولات العالم.
لكن رغم قتامة الأسلوب وفرط الذعر في شخوصه المسخية، يدهمنا أحيانا برسومات بريئة ذات ألوان زاهية، من زاوية طفل يكتشف العالم للتو. "المجلة" حاورت سبهان آدم الذي يروي لنا رؤيته حول العالم، ولماذا كل هذا القبح في أعماله.
التمرد على الطبيعة
يستلهم سبهان آدم (الحسكةـ 1973) شخوصه المرتبكة والحائرة من اللحظة العاطفية الذاتية التي يتورط بها لجهة الألوان والمزاج والحالة النفسية والمواد الخام والموضوع، ناسفا قواعد العمل الفني. فالاتزان عنده كثيرا ما يكون مختلا، أما الوحدة لديه فتصبح غير متماسكة حسب منظورها التقليدي السائد، مما يصنف لوحاته بأنها متمردة على السياق الجمالي، ودائما ما تظهر في فرادة وغرابة لم يسبق للمشهد التشكيلي السوري أن اختبرها، ليجمع الآخرون على فكرة أنه فنان بفطرة غريبة لا يفتعل الغرابة على الإطلاق، منتميا الى تيار التشويه وتكريس القبح الذي هو طاغ في عالمنا. فهو يرسم مدفوعا بجنون العالم لتخرج لوحاته متطرفة نحو الفجيعة.
يقول: "أرسم بسبب الوحشية المفرطة وكل ما يحصل من حروب ودماء مهدورة وسط هذا الهذيان الخارجي والعدم الفكري. يساعدني مناخ الدمار الذي نعيشه في سوريا والعالم والأمزجة الغريبة والمريضة للبشر، على الاستغراق في الرسم وتفكيك الكائن البشري والجماعات البشرية، كما أن شخصيتي المركبة تساهم كثيرا في خلق هذه المخلوقات من العدم".