قد يكون الحدث الأهم هو إعادة انتخاب دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني، غير أن الولايات المتحدة ليست الدولة الوحيدة التي غيرت حكومتها، حيث أطاحت سلسلة من الانتخابات بقادة بعض الدول، ودفعت الكثير من هذه الدول باتجاه التطرف اليميني والانعزالية، فضلا عن سقوط نظام الأسد في سوريا بعد أكثر من نصف قرن من الديكتاتورية.
وبعيدا عن الغرب والملف السوري، كانت حظوظ روسيا مزيجا من النجاح والفشل في عام 2024، حيث حققت تقدما ثابتا في أوكرانيا، لكنها خسرت حليفا رئيسا في سوريا، بينما تواجه الصين ركودا اقتصاديا في داخلها، على الرغم من استفادتها من التحول المتواصل للعالم إلى عالم متعدد الأقطاب.
قنبلة ترمب
شكلت عودة دونالد ترمب غير المتوقعة إلى الرئاسة في نوفمبر أحد أبرز الأحداث الجيوسياسية لعام 2024. ففي مطلع العام، كان نجاح ترمب أبعد من أن يكون متوقعا، وهو الذي كان يواجه أربع قضايا جنائية، إحداها التآمر من أجل إلغاء هزيمته الانتخابية عام 2020. غير أن ترمب تغلب على هذه العقبات محققا فوزا سهلا بالرئاسة، حيث فاز في جميع " الولايات المتأرجحة" وفي التصويت الشعبي، ملحقا الهزيمة بكامالا هاريس. وزاد على ذلك بأن احتفظ حزبه الجمهوري بمجلس النواب واستعاد مجلس الشيوخ. ولما كان كثيرون يتوقعون معركة قانونية طويلة ومثيرة للجدل عقب الانتخابات، فقد كان الاكتساح النظيف جديرا بالاهتمام.
لا تزال أسباب عودة ترمب محل جدال، حيث يركز البعض على الديمقراطيين، ملقيا اللوم بشكل خاص على جو بايدن، الذي لم يترك لكامالا هاريس وقتا كافيا بسبب تعنته ورفضه التنحي باكرا على الرغم من انخفاض تأييده في استطلاعات الرأي. وانتقد البعض الآخر بايدن لاختياره هاريس، مشيرين إلى أنها كانت مرشحة محدودة الإمكانيات. بينما يلقي آخرون اللوم على حملة هاريس، التي ركزت على تأمين الدعم من قاعدتها الديمقراطية بدلا من التواصل مع ناخبين يحتمل تأييدهم لترمب. وفي المقابل، يرى تفسير آخر أن ترمب استغل وجود الديمقراطيين في الحكم في وقت ارتفعت فيه تكاليف المعيشة.
أيا كان السبب، فسيشهد عام 2025 عودة ترمب إلى البيت الأبيض مدعوما من مجلسي الكونغرس ومن المحكمة العليا الصديقة له نسبيا. وسوف يسمح له هذا الوضع بالمضي قدما في أجندته المحلية، بما فيها التحرك نحو تخلي الولايات المتحدة عن تعهداتها في مسألة تغير المناخ. أما على الصعيد الدولي، فما أطلقه ترمب من وعود بزيادة الرسوم الجمركية التجارية على الحلفاء والمنافسين، إضافة إلى العودة المحتملة إلى سياسته الخارجية القائمة على عقد الصفقات، تلك التي انتهجها في ولايته الأولى، كل ذلك يشير إلى أن عودة ترمب ستشكل تحولا حادا في السياسة الخارجية الأميركية.