أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بشكل واضح وصريح عن نيته إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط. وتحت ذريعة إزالة التهديدات، سواء كانت فعلية أو محتملة، مفبركة أو وهمية، اتخذ نتنياهو إجراءات عسكرية في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا، في محاولة لإعادة تشكيل البيئة الأمنية الإقليمية بما يخدم المصالح الإسرائيلية، متجاهلا بشكل كامل مصالح جيرانه. وفي هذا السياق، يبدو أن هدف نتنياهو هو إعادة تشكيل المنطقة لصالح إسرائيل، وهي سياسة تتنافى مع فكرة التعايش السلمي مع الجوار.
أولا، لا تقتصر مساعي إسرائيل على القضاء على حركة "حماس" كتنظيم عسكري فحسب، بل تهدف أيضا إلى جعل غزة منطقة غير قابلة للعيش فعليا. وهذا النهج يهدف إلى جعل القطاع عرضة للسيطرة الإسرائيلية أو للاستيطان الدائم.
ثانيا، تحت ضغوط شديدة من الولايات المتحدة، عدلت إسرائيل خططها بشأن جنوب لبنان، ولكنها في الوقت نفسه استطاعت إشراك واشنطن في إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود الشمالية مع لبنان. الخطوة تفتح المجال للتدخل العسكري الإسرائيلي في لبنان حاليا ومستقبلا.
ثالثا، استغلت إسرائيل انهيار الجيش السوري (وسط تساؤلات عديدة عما جرى فعليا في هذا الصدد)، فأعلن نتنياهو انهيار اتفاقية "فك الاشتباك" لعام 1974، وأمر القوات الإسرائيلية بالتقدم إلى مناطق جديدة داخل الأراضي السورية، متجاوزة منطقة "فك الاشتباك" حيث يوجد مراقبو الأمم المتحدة(UNDOF)، في انتهاك صارخ للاتفاقية. ووفقا لمعهد دراسات الحرب (ISW)، أشارت تقارير إلى تقدم الجيش الإسرائيلي إلى ما وراء منطقة "فك الاشتباك" نحو الداخل السوري بتاريخ التاسع من ديسمبر/كانون الأول الماضي.
الأهم من ذلك أن الجيش الإسرائيلي احتل جبل الشيخ، مما يمنح إسرائيل ميزة عسكرية واستراتيجية حاسمة. وبهذا التقدم، أصبحت القوات الإسرائيلية على بعد 40 كيلومترا فقط من دمشق، في موقع استراتيجي يوفر سيطرة عسكرية شبه كاملة على المناطق المحيطة بالعاصمة السورية.