شهدت الفترة الأخيرة تحولات في سلوكيات الجنود الإسرائيليين على حواجز التفتيش العسكرية في أنحاء الأراضي الفلسطينية، حيث برزت الهواتف الذكية كمؤشر جديد إلى أسلوب معاملة الفلسطينيين على هذه الحواجز وأحيانا لتحديد مصيرهم. هذه الظاهرة، التي تتبع اهتمامات الفلسطينيين الإخبارية ومتابعاتهم للأحداث وتفاعلهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، تطرح تساؤلات حول التحولات التي طرأت على الهوية الرقمية للفلسطينيين، وكيف تحولت من كونها هوية ورقية تشبه جواز السفر، إلى هوية إلكترونية (بصمة الإصبع والعين)، لتلتقي هاتان الهويتان مع الهوية الرقمية التي تحدّد اهتمامات الفلسطينيين السياسية، لا سيما بعد أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
الهوية الورقية
تشير هذه الهوية إلى الوثيقة الورقية التي كان يحملها الفلسطينيون أثناء تنقلهم، وقد حصل الفلسطينيون على هذه الهوية في أعقاب الإحصاء الذي أجراه الحكم العسكري الإسرائيلي في سبتمبر/ أيلول 1967، أي بعد النكسة بشهرين، بحيث اعتبرت تلك الهوية الوثيقة التي يجب أن يظهرها الفلسطيني ويحتفظ بها أثناء تنقله، فيمنع عليه مغادرة بيته دون أن يحملها، وبينما نجد أن الفلسطينيين حملوا هوية برتقالية اللون، وهو اللون الأساس للهوية، نجد أن هناك أشخاصا حملوا هوية خضراء اللون، والسبب في ذلك يعود إلى كونهم كانوا في معسكرات الاعتقال يوما ما، وفي الحالتين أُخضع حملة الهوية البرتقالية للتأخير والتفتيش، في حين أخضع حملة الهوية الخضراء للاعتقال أو اقتيدوا إلى مراكز الشرطة أو تعرضوا للتنكيل بهم على الحواجز.
هذا يعني أن الهوية الورقية باتت جزءا من حياة الفلسطيني اليومية أثناء تنقله بين الحواجز، فلا يجوز أن يغادر بيته دون أن يحملها، وأثناء حملها يجري التعرف اليه وإعادته إلى بيته أو حجزه أو تعذيبه. أما في الحالة التي يخرج فيها الفلسطيني من بيته بلا هوية فإن ذلك يعتبر بحسب رجا شحادة في كتابه "قانون المحتل: إسرائيل والضفة الغربية" إخلالا بالقانون، الذي يستوجب عليه الحضور الى مقر قيادة الحكم العسكري.