قصة أول ضابط منشق عن نظام الأسد... كما يرويها شقيقه لـ "المجلة"

المقدم حسين الهرموش الذي خُطف ويُعتقد أنه قُتل

صور مُجمعة للمقدم المنشق حسين الهرموش
صور مُجمعة للمقدم المنشق حسين الهرموش

قصة أول ضابط منشق عن نظام الأسد... كما يرويها شقيقه لـ "المجلة"

في 9 يونيو/حزيران 2011، أي بعد أشهر قليلة من اندلاع الثورة السورية التي أطاحت بالنظام السوري (بعد 14 عاما من الصراع)، كان للضابط السوري برتبة مقدم حسين هرموش ابن محافظة إدلب، موقف وصفه السوريون آنذاك بالمشرف والبطولي، عندما أعلن انشقاقه عن قوات النظام السوري المخلوع كأول ضابط، ووقوفه إلى جانب المتظاهرين وحمايتهم من نيران مخابرات النظام، وسرعان ما تحولت فرحة السوريين بانشقاقه إلى حزن عميق، عندما أطل مرة ثانية في 15 سبتمبر/أيلول 2011، على شاشات تلفاز النظام السوري، وظهرت عليه علامات التعذيب، معلنا إلقاء القبض عليه ومدليا باعترافات انشقاقه.

ولد هرموش في قرية إبلين التابعة لمنطقة جبل الزاوية في محافظة إدلب جنوبا، ونشأ هناك. وفي الفترة 1990-1996 حصل على دورة في الهندسة العسكرية في روسيا الاتحادية في أكاديمية الهندسة العسكرية العليا "كوبيشوف" وحصل فيها على تقدير ممتاز وحاز على الدبلوم الفني كما حاز على دبلوم الترجمة من العربية إلى الروسية وبالعكس، أيضا شارك بأبحاث علمية على مستوى مدينة موسكو، كما عمل في برمجة الحاسوب وله بحث عن التكنولوجيا وتأثير الأسلحة التقليدية وأسلحة الدمار الشامل.

قصة هرموش الكاملة وزلزلة النظام

"السلام عليكم يا حماة الديار، نترحم على أرواح شهدائنا الأبرار عسكريين ومدنيين... أنا المقدم حسين هرموش من ملاك الفرقة 11 قيادة الفرقة، أعلن انشقاقي عن الجيش وانضمامي إلى صفوف شباب سوريا مع عدد من عناصر الجيش العربي السوري الحر، ومهمتنا الحالية هي حماية المتظاهرين العزل المطالبين بالحرية والديمقراطية".

بهذه الكلمات أعلن المقدم حسين هرموش في التاسع من يونيو 2011، بتسجيل مصور على منصات الثورة السورية، انشقاقه عن قوات نظام الأسد، وداعيا أيضا زملاءه الضباط السوريين إلى الانشقاق واصطفافهم إلى جانب شعبهم الذي ينادي بالحرية والكرامة والديمقراطية في الساحات السورية، التي قابلها النظام ومخابراته بالرصاص الحي وبدأت الأحداث بالتصاعد وارتفاع وتيرة القتل بحق المدنيين العزل.

فراس كرم
وسام تذكاري لانشقاق المقدم حسين الهرموش عن نظام الأسد

وتزامن انشقاقه مع بدء قوات النظام محاولة اقتحام مدينة جسر الشغور في الريف الغربي من محافظة إدلب، الذي قاد خلالها جزءا من العمليات العسكرية برفقة ضباط عسكريين انشقوا لاحقا ومجموعات من الثوار السوريين، ونجح في التصدي لـ3 محاولات تقدم لقوات النظام، وألحق بها خسائر بشرية فادحة، قبل أن يغادر إلى تركيا ويشكل أول كيان عسكري ثوري مناهض للنظام تحت اسم "لواء الضباط الأحرار"، والذي ساهم بدور رئيس في تشكيل "الجيش السوري الحر"، والذي قاده لسنوات العقيد السوري المنشق رياض الأسعد (عقب عملية أمنية مشتركة بين أمنيين أتراك ونظراء لهم سوريين، أودعت الهرموش بالسجن والمصير المجهول حتى الآن).

تزامن انشقاق هرموش مع بدء قوات النظام محاولة اقتحام مدينة جسر الشغور في الريف الغربي من محافظة إدلب، الذي قاد خلالها جزءا من العمليات العسكرية برفقة ضباط عسكريين انشقوا لاحقا ومجموعات من الثوار السوريين

اعتقال الهرموش

يقول مقربون من المقدم حسين هرموش إنه اختفى في  صباح يوم الاثنين 29 أغسطس/آب 2011 في ظروف غامضة، ومع ظهور هرموش على شاشات تلفاز النظام في 15 سبتمبر/أيلول، وعلامات التعذيب واضحة على وجهه، والإدلاء باعترافات حول "تورطه" في الانشقاق، وعلاقاته بالمعارضة في المنفى، حملَ ناشطون وحقوقيون سوريون الجانب التركي وجهازها الأمني مسؤولية اختطاف المقدم هرموش من الأراضي التركية وتسليمه للنظام السوري، فيما نفت تركيا آنذاك مسؤوليتها عن ذلك، كما تضاربت في الوقت ذاته الأنباء حول عملية تسليم الهرموش للنظام السوري، ونقلت حينها صحيفة "الغارديان" عن وسام طريف من منظمة "أواز" الحقوقية، التي تضم ناشطين من دول مختلفة ومقرها تركيا، قوله إن "أنقرة قايضت المقدم السوري المنشق حسين هرموش بتسعة ناشطين من حزب العمال الكردستاني"، أما الرواية الحقيقية حول اختطاف الهرموش من تركيا فقد تمت بعملية أمنية خاصة بين عنصر يتبع للمخابرات التركية يدعى "سيغيرجيك أوغلو" بتصريح خاص له مع موقع "أودا تي في" التركي، وأنه نفذ العملية بدوافع انتقامية من الهرموش حيث اتهمه الأمني التركي بوقوفه وراء التفجيرات التي وقعت في سوريا وعمليات القتل بحق المدنيين، انطلاقا من "الشرف والوجدان" على حد وصفه، وذلك عقب اكتشاف أمره من قبل السلطات التركية واحتجازه وبعدها هروبه إلى سوريا.

"المجلة" في قرية الهرموش

"المجلة" زارت قرية إبلين بريف إدلب والتقت شقيقه محمود مصطفى هرموش، وقال: "المقدم حسين كان إنسانا متواضعا إلى أبعد الحدود، وكان من أوائل الضباط المنشقين عن قوات النظام السوري (المخلوع)، وكله أمل أن يكون المقدم حسين على قيد الحياة، بالرغم من مصيره المجهول حتى الآن".

وتابع: "قوات النظام السوري (المخلوع)، وعقب انشقاق المقدم حسين واختطافه من تركيا بفترة قصيرة، اقتحمت القرية، بصورة وحشية وقتلت ثلاثة من إخوته، واعتقلت نحو 40 شخصا من أقربائه، وهدمت وحرقت منازلهم، كما اعتقلت أيضا مخابرات النظام اثنين من إخوته في مدينة حلب وعلى الطريق البري المؤدي إلى لبنان، ولا يزال مصيرهم مع المقدم حسين مجهولا حتى الآن".

ويعتقد محمود أن أخاه المقدم حسين لا يزال على قيد الحياة، وأن أخبارا من مصادر دقيقة وصلتهم قبل سقوط النظام السوري بحوالي 8 أشهر، بأنه جرى نقله إلى قاعدة "حميميم" الروسية في اللاذقية لأسباب مجهولة، فيما لا يزال مصير أقربائه الأربعين مجهولا حتى الآن، مستغربا صمت الإدارة السورية الجديدة عن المطالبة بالكشف عن مصير أخيه.

محاولات تبادل بالهرموش

في 24 من نوفمبر/تشرين الثاني 2015، أسقطت تركيا طائرة حربية روسية من نوع سوخوي في ريف اللاذقية الشمالي كانت قد اخترقت الأجواء التركية، ووقعت جثتا قائديها بيد فصائل "الجيش الحر" في المنطقة، وطالب السوريون حينها بتسليم جثتي الطيارين الروسيين مقابل تسليم المقدم حسين، ولكن لم تلبى مطالبهم، وكذلك عندما تعرضت طائرة حربية سورية (ميغ21) يقودها الطيار محمد صوفان في 5 مارس/آذار 2017 ، لخلل فني عقب تنفيذها سلسلة غارات جوية على مناطق إدلب شمال غربي سوريا، وسقوطها داخل الحدود التركية والعثور على الطيار السوري حيا وإسعافه في أحد المشافي بمنطقة هاتاي التركية.

وفي 18 أغسطس 2017، ألقى فصيل "أسود الشرقية"، بالاشتراك مع "قوات الشهيد أحمد العبدو" المعارضين، القبض على الطيار علي سالم الحلو، وهو على قيد الحياة، بعد أن تم استهداف طائرته الحربية من طراز "ميغ21" بمضادات أرضية، وإسقاطها في ريف السويداء الشرقي، وأشار حينها المتحدث الإعلامي باسم "أسود الشرقية"، سعد الحاج، إلى أن الفصائل وجهت رسالة للنظام السوري بإمكانية إجراء عملية تبادل بين الطيار والمقدم حسين، إلا أن المبادرة لم تلق أي إستجابة من قبل النظام (المخلوع)".

font change

مقالات ذات صلة