أنهى الاتفاق الأخير بين إثيوبيا والصومال عاما من التوتر بينهما، ولكنه يثير تكهنات حول موقف مصر ومستقبل وجودها العسكري الذي اكتسبته حديثا في منطقة القرن الأفريقي. ففي 11 ديسمبر/كانون الأول، اتفقت هاتان الدولتان الواقعتان في القرن الأفريقي، بوساطة التركية، على إيجاد طريقة مفيدة للطرفين في إنهاء الخلاف المستمر بينهما منذ عام، حول رغبة إثيوبيا في إقامة وجود بحري لها على ساحل الصومال على البحر الأحمر.
بعد وقت قصير من توقيع إثيوبيا مع إقليم أرض الصومال الانفصالي في يناير/كانون الثاني من هذا العام على اتفاقية لإنشاء قاعدة بحرية على طول ساحلها على البحر الأحمر، في مقابل اعتراف إثيوبيا باستقلاله مع حصة في شركة الخطوط الجوية الإثيوبية الوطنية. وأدى الاتفاق إلى اشتباك بين الصومال وإثيوبيا في مواجهة سياسية ودبلوماسية على نحو هدد بفتح الباب أمام مواجهة عسكرية بينهما.
والحق أن الاتفاقية انتهكت بالفعل سيادة الصومال واعتدت على وحدته الإقليمية. كما هددت بتوجيه ضربة أمنية لمصر، عدو إثيوبيا اللدود، التي كانت تكافح بالفعل للبحث عن سبل لتقليل الأضرار الناجمة عن ضربة سابقة، كانت أديس أبابا قد وجهتها لها عندما أقامت سدا كهرومائيا عملاقا عرض للخطر إمدادات مصر من الماء من نهر النيل، مصدر مصر الرئيس للمياه العذبة.
اتفاقية رابح- رابح
وقع الاتفاقية الجديدة بين إثيوبيا والصومال، والتي سميت "إعلان أنقرة"، رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، في 11 ديسمبر/كانون الأول، برعاية شخصية من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي استضاف الزعيمين، ويقال إنه منعهما من الخروج من إحدى غرف المجمع الرئاسي في أنقرة إلى أن يتوصلا إلى الاتفاقية.
وتمهد الاتفاقية الطريق أمام إثيوبيا، الدولة غير الساحلية، لتحصل على منفذ تجاري لها على البحر الأحمر، وتنتزع في الوقت نفسه اعتراف رئيس الوزراء الإثيوبي بوحدة أراضي الصومال.
ومن المقرر أن تبدأ إثيوبيا والصومال جولة جديدة من المفاوضات في فبراير/شباط من العام المقبل على التفاصيل الفنية للاتفاقية. ويتعين- وفق ما اتفق الزعيمان عليه في أنقرة- أن يتوصل البلدان إلى اتفاق نهائي في غضون أربعة أشهر من بدء المفاوضات الفنية.
نجاح أردوغان في دفع مقديشو وأديس أبابا إلى التوصل إلى اتفاق نهائي يحمي وحدة الصومال ويمنح إثيوبيا ممرا تجاريا إلى البحر الأحمر مهم جدا له ولتركيا، وإن تمّ، فسوف يحقق أعظم إنجاز لتركيا منذ بدء انخراطها الطويل الأمد في منطقة القرن الأفريقي.