"إدارة الغذاء والدواء" في عهد ترمب... وكالة في مهب الريح

بعد سنوات من النجاحات والاخفاقات

AFP
AFP
المرشح الرئاسي الجمهوري، الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، مرحبا بروبرت كينيدي جونيور على خشبة المسرح في تجمع انتخابي.

"إدارة الغذاء والدواء" في عهد ترمب... وكالة في مهب الريح

في عام 1883، تولى هارفي وايلي رئاسة قسم الكيمياء التابع لوزارة الزراعة الأميركية، ليبدأ بإجراء أبحاث مكثفة حول فساد الغذاء والأدوية في السوق الأميركية.

أسفرت تلك الأبحاث عن نشر سلسلة من التقارير بين عامي 1887 و1902 لاقت صدى واسعاً في المجتمع العلمي ووسائل الإعلام، مما ساهم في حشد الدعم الشعبي لإنشاء قوانين جديدة لضبط تجارة الغذاء والدواء على المستوى الفيديرالي.

في ذلك الزمان؛ كانت حملة وايلي النشطة ضد المواد المضافة الكيميائية في الغذاء خطوة أساسية نحو الإصلاح، وشهدت البلاد خلال ذلك الوقت تحولاً ملحوظاً في النظرة العامة الى الأمان الغذائي، خصوصاً بعد الكشف عن أخطار المنتجات التي تحمل تسميات مضللة.

بعد سنوات من الجهود التشريعية، وقع الرئيس ثيودور روزفلت قانون الغذاء والدواء النقي في يونيو/حزيران 1906، وهو القانون الذي أسس لبدء تنظيم سوق الغذاء والدواء في الولايات المتحدة بشكل رسمي.

على الرغم من القيود القضائية والتحديات التي واجهتها السلطات التنظيمية، استمرت إدارة الغذاء والدواء في تطورها من خلال قوانين إضافية، مثل قانون الأغذية والأدوية ومستحضرات التجميل لعام 1938، الذي منحها صلاحيات واسعة لفرض الرقابة على الأدوية والمنتجات الغذائية والكشف عن الأدوية المقلدة والخطرة.

منذ ذلك الحين، أصبحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية حجر الزاوية في حماية صحة المواطنين في الولايات المتحدة، حيث تطور دورها ليشمل تقييم سلامة الأدوية الجديدة والتأكد من صحة الادعاءات العلاجية للمستحضرات الطبية.

والآن؛ تواجه تلك الإدارة مستقبلًا غامضًا وتتأهب لموجة من التغييرات الجوهرية في السياسات الصحية مع تولي إدارة ترمب الثانية زمام الأمور، وسط مخاوف من اضطرابات كبيرة تؤثر على أداء الوكالة.

وقد حذر رئيس إدارة الغذاء والدواء الأميركية المنتهية ولايته روبرت كليف من أن هذه التغييرات قد تهدد الاستقرار والفعالية التي وصلت إليها الوكالة في السنوات الأخيرة.

فمن المتوقع أن يلعب روبرت كينيدي جونيور، وهو ناشط بيئي معادٍ للقاحات، ومرشح لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية في عصر ولاية ترمب الثانية، دورًا خطيرًا يتعلق بالسياسات الصحية؛ خاصة بعدما قال الرئيس المنتخب إنه سيسمح لكينيدي بالتحكم في مجموعة واسعة من الوكالات الصحية، بما في ذلك إدارة الدواء والغذاء الأميركية، وأعرب عن نيته تنفيذ تغييرات كبيرة في هذه الوكالات.

كينيدي، الذي يشتهر بتأييده لنظريات مؤامرة صحية عديدة، بدأ بالفعل بمراجعة السير الذاتية واقتراح أسماء لتولي المناصب العليا في القطاع الصحي. وقد أثارت هذه التحركات قلقًا واسع النطاق، حيث يخشى خبراء الصحة أن تؤدي رؤيته غير التقليدية إلى تعطيل النظام الصحي بدلاً من إصلاحه.

بداية القصة

في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وبعد انسحابه من السباق الرئاسي المستقل لدعم دونالد ترمب، صرح كينيدي في تجمع شعبي قائلاً: "نحن نخون أطفالنا بالسماح للصناعات الغذائية بتسميمهم". يأتي هذا التصريح كجزء من حملة طويلة الأمد أطلقها كينيدي ضد ما يعتبره مكونات غذائية ضارة تساهم في تدهور صحة الأميركيين.

في عام 1883، تولى هارفي وايلي رئاسة قسم الكيمياء التابع لوزارة الزراعة الأميركية، ليبدأ بإجراء أبحاث مكثفة حول فساد الغذاء والأدوية في السوق الأميركية.

أسفرت تلك الأبحاث عن نشر سلسلة من التقارير بين عامي 1887 و1902 لاقت صدى واسعاً في المجتمع العلمي ووسائل الإعلام، مما ساهم في حشد الدعم الشعبي لإنشاء قوانين جديدة لضبط تجارة الغذاء والدواء على المستوى الفيديرالي.

في ذلك الزمان؛ كانت حملة وايلي النشطة ضد المواد المضافة الكيميائية في الغذاء خطوة أساسية نحو الإصلاح، وشهدت البلاد خلال ذلك الوقت تحولاً ملحوظاً في النظرة العامة الى الأمان الغذائي، خصوصاً بعد الكشف عن أخطار المنتجات التي تحمل تسميات مضللة.

وبعد سنوات من الجهود التشريعية، وقع الرئيس ثيودور روزفلت قانون الغذاء والدواء النقي في يونيو/حزيران 1906، وهو القانون الذي أسس لبدء تنظيم سوق الغذاء والدواء في الولايات المتحدة بشكل رسمي.

على الرغم من القيود القضائية والتحديات التي واجهتها السلطات التنظيمية، استمرت إدارة الغذاء والدواء في تطورها من خلال قوانين إضافية، مثل قانون الأغذية والأدوية ومستحضرات التجميل لعام 1938، الذي منحها صلاحيات واسعة لفرض الرقابة على الأدوية والمنتجات الغذائية والكشف عن الأدوية المقلدة والخطرة.

منذ ذلك الحين، أصبحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية حجر الزاوية في حماية صحة المواطنين في الولايات المتحدة، حيث تطور دورها ليشمل تقييم سلامة الأدوية الجديدة والتأكد من صحة الادعاءات العلاجية للمستحضرات الطبية.

والآن؛ تواجه تلك الإدارة مستقبلًا غامضًا وتتأهب لموجة من التغييرات الجوهرية في السياسات الصحية مع تولي إدارة ترمب الثانية زمام الأمور، وسط مخاوف من اضطرابات كبيرة تؤثر على أداء الوكالة.

وقد حذر رئيس إدارة الغذاء والدواء الأميركية المنتهية ولايته روبرت كليف من أن هذه التغييرات قد تهدد الاستقرار والفعالية التي وصلت إليها الوكالة في السنوات الأخيرة.

فمن المتوقع أن يلعب روبرت كينيدي جونيور، وهو ناشط بيئي معادٍ للقاحات، ومرشح لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية في عصر ولاية ترمب الثانية، دورًا خطيرًا يتعلق بالسياسات الصحية؛ خاصة بعدما قال الرئيس المنتخب إنه سيسمح لكينيدي بالتحكم في مجموعة واسعة من الوكالات الصحية، بما في ذلك إدارة الدواء والغذاء الأميركية، وأعرب عن نيته تنفيذ تغييرات كبيرة في هذه الوكالات.

كينيدي، الذي يشتهر بتأييده نظريات مؤامرة صحية عدة، بدأ بالفعل بمراجعة السير الذاتية واقتراح أسماء لتولي المناصب العليا في القطاع الصحي. وقد أثارت هذه التحركات قلقًا واسع النطاق، حيث يخشى خبراء الصحة أن تؤدي رؤيته غير التقليدية إلى تعطيل النظام الصحي بدلاً من إصلاحه.

في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وبعد انسحابه من السباق الرئاسي المستقل لدعم دونالد ترمب، صرح كينيدي في تجمع شعبي قائلاً: "نحن نخون أطفالنا بالسماح للصناعات الغذائية بتسميمهم". ويأتي هذا التصريح كجزء من حملة طويلة الأمد أطلقها كينيدي ضد ما يعتبره مكونات غذائية ضارة تساهم في تدهور صحة الأميركيين.

يشتهر كينيدي بتبنيه نظريات علمية غير مثبتة، مثل ادعائه أن اللقاحات تتسبب بالتوحد، وأن تقنيات الواي فاي تتسبب بالسرطان

يضع روبرت كينيدي جونيور نصب عينيه تغيير الطريقة التي يأكل ويشرب بها الأميركيون مستهدفًا مكونات يرى أنها تتسبب بضرر كبير في صحة المواطنين، مثل الأصباغ الصناعية الموجودة في حبوب الإفطار "فروت لوبس" والزيوت النباتية المستخدمة في تصنيع قطع الدجاج المقلية.

وإذا أراد كينيدي استهداف الأطعمة السريعة والمواد الضارة، فإن أولى خطواته ستكون إعادة تشكيل اللوائح الغذائية الفيديرالية، وهو أمر ستترتب عليه مواجهة معارضة شرسة من صناعة الأغذية الكبرى، التي لطالما كان لها تأثير قوي على السياسات الصحية والغذائية في البلاد.

 

شخصية مثيرة للجدال

لكن كينيدي ذاته شخصية مثيرة للجدال، إذ يشتهر بتبنيه نظريات علمية غير مثبتة، مثل ادعائه أن اللقاحات تتسبب بالتوحد، وأن تقنيات الواي فاي تتسبب بالسرطان؛ مما جعل تعيينه لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية محل جدال واسع، خاصة أن المنصب يتطلب تأكيد مجلس الشيوخ.

لكن؛ على الرغم من الجدال المحيط به، تحظى بعض أفكار كينيدي حول إصلاح إدارة الغذاء والدواء بدعم من خبراء الصحة والمشرعين وحتى بعض المستهلكين القلقين في شأن الوضع الحالي للصناعة الغذائية.

وفي إطار حملته الرامية إلى إصلاح النظام الصحي في الولايات المتحدة، وضع كينيدي، الذي كان في السابق منتمياً الى الحزب الديمقراطي، رؤية شاملة تحت شعار "جعل أميركا صحية مرة أخرى"، وقدم أفكارا عدة لمحاربة الأمراض المزمنة، مركزا على التخلص من الأطعمة المعالجة بشكل مفرط، التي تحتوي على الدهون المضافة، والنشويات، والسكريات، مثل البيتزا المجمدة، ورقائق البطاطس، وحبوب الإفطار السكرية، التي يرتبط تناولها بمشاكل صحية خطيرة مثل السرطان، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري.

وكان كينيدي أحد أبرز منتقدي الأطعمة غير الصحية التي يتم تقديمها الى الأطفال في المدارس. حيث وصف الأجيال الحالية بأنها "تسبح في حساء سام" بسبب تناول هذه الأطعمة. وبذلك، قدم نفسه كمدافع عن صحة الأجيال القادمة، مؤكدًا ضرورة إصلاح نظام التغذية المدرسية باعتباره خطوة أساسية نحو تحسين صحة الأميركيين.

وفي إطار برنامجه الصحي، سيكون لكينيدي دور في الإشراف على إدارة الغذاء والدواء الأميركية التي تضم أكثر من 18000 موظف.

ورغم أن هذه الوكالة مسؤولة عن ضمان سلامة الأدوية وسلامة الإمدادات الغذائية في البلاد، فقد تعرضت لانتقادات شديدة في السنوات الأخيرة من بعض المشرعين والمجموعات الاستهلاكية التي اتهمتها بعدم الشفافية وقلة الإجراءات الحاسمة في شأن سلامة الغذاء.

 

أزمات تلو أزمات

ففي جلسة استماع عقدتها لجنة الرقابة والمساءلة في مجلس النواب الأميركي، إبريل/نيسان الماضي، تحت عنوان "مراقبة إدارة الغذاء والدواء الأميركية"، تم استجواب المفوض روبرت كالف عن مجموعة من القضايا التي تشهدها إدارة الغذاء والدواء في الفترة الأخيرة. وتناول النقاش سبل ضمان قيام الوكالة بدورها التنظيمي في مراقبة صناعات الغذاء والدواء، مع التركيز على الأولوية التي يجب أن تُعطى لضمان السلامة والفعالية، بالإضافة إلى تحفيز الابتكار في هذه المجالات.

تسببت إدارة الغذاء والدواء في أزمة حليب الأطفال عام 2022، حيث تأخرت في الاستجابة للأزمة التي أثرت على العائلات الأميركية، مما أدى إلى نقص حاد في حليب الأطفال

وشهدت إدارة الغذاء والدواء في عهد إدارة بايدن العديد من الأزمات المتتالية مثل نقص حليب الأطفال، ونقص الأدوية الأساسية، والأغذية غير الآمنة، والمنتجات التبغية الصينية غير المشروعة.

كما تسببت إدارة الغذاء والدواء في أزمة حليب الأطفال عام 2022، حيث تأخرت في الاستجابة للأزمة التي أثرت على العائلات الأميركية، مما أدى إلى نقص حاد في حليب الأطفال، بما في ذلك الحليب المتخصص؛ كما أظهرت الوثائق التي قدمتها رئيسة اللجنة الفرعية للصحّة والخدمات المالية ليزا ماكلاين أثناء تلك الجلسة أن الإدارة كانت على علم بأزمة حليب الأطفال قبل ثلاثة أشهر من اتخاذ أي إجراء لحل المشكلة في مايو/أيار 2022.

وسمحت الوكالة بانتشار منتجات تبغ غير قانونية وغير منظمة من الصين في السوق الأمبركية ولم تعد إدارة الغذاء والدواء إلى مستويات التفتيش المعتادة على المصانع الأجنبية للمستحضرات الصيدلانية، مما عرض سلامة المنتجات الآتية من هذه المصانع للخطر.

وخلال الجلسة، أكد كالف أن إدارة الغذاء والدواء في حاجة إلى تحسين سرعة التفتيش في المصانع الأجنبية وتبني تقنيات جديدة للمتابعة الدقيقة للمنتجات في الأسواق العالمية. كما دعا أعضاء اللجنة إلى تشجيع التصنيع المحلي للأدوية الأساسية، ومعالجة المشكلة من الناحية الأمنية والاقتصادية.

 

مطرقة هدم

لذا؛ وعد كينيدي بتغيير جذري في الوكالة، قائلاً إنه ينوي استخدام "مطرقة هدم" لإصلاح هذه الهيئة، وفصل الموظفين الذين يعتبرهم جزءًا من "نظام فاسد". كما أكد أن "هناك أقساما كاملة، مثل قسم التغذية في إدارة الغذاء والدواء، يجب أن تختفي، لأنها لا تقوم بعملها".

AFP
المرشح الرئاسي المستقل روبرت كينيدي جونيور يجيب عن أسئلة وسائل الإعلام بعد تجمع انتخابي.

وتشمل أهداف كينيدي الأخرى القضاء على الأصباغ الغذائية المضافة، مثل "الأحمر رقم 3"، والمواد المضافة الأخرى التي تم حظرها في العديد من البلدان بسبب أخطارها الصحية. وقد أثار كينيدي قلقًا من أن الأميركيين يتم تسميمهم بشكل غير واعٍ من خلال منتجات مثل زيت الكانولا وزيت عباد الشمس، التي يتم استخدامها في الأطعمة السريعة.

لم يتوقف كينيدي عند الأطعمة فقط؛ بل قام أيضًا بتسليط الضوء على قضايا صحية أخرى مثيرة للجدال. فقد دعا إلى حظر الفلورايد في مياه الشرب، زاعمًا أنه يجب إزالته تمامًا من إمدادات المياه في الولايات المتحدة. كما أكد أهمية الحليب الخام، على الرغم من الأخطار الصحية المرتبطة بتلوثه البكتيري، مشيرًا إلى فوائده الصحية المحتملة.

بينما يسعى روبرت كينيدي جونيور إلى إعادة تشكيل النظام الغذائي في الولايات المتحدة، يواجه دعمه الواسع لبعض السياسات معارضة من خبراء الصحة العامة. رغم ذلك، هناك جوانب من خطته حظيت بتأييد إيجابي من بعض المختصين، خصوصًا تلك المتعلقة بمكافحة الأطعمة المعالجة بشكل مفرط، في حين تم انتقاد بعض الاقتراحات الأخرى باعتبارها غير مدعومة علميًا أو حتى ضارة.

ويتفق العديد من خبراء الصحة العامة على أن الهدف الذي طرحه كينيدي في شأن محاربة الأطعمة المعالجة بشكل مفرط، يمثل خطوة إيجابية خاصة أن الأطعمة المعالجة التي تحتوي على كميات كبيرة من الدهون، والسكريات، والنشويات تُستهلك بشكل أكبر في الولايات المتحدة، مقارنة بالعديد من البلدان الأخرى، مما يساهم في زيادة معدلات الإصابة بأمراض مثل السرطان وأمراض القلب والسكري.

دعا كينيدي إلى السماح بتناول الحليب الخام غير المبستر، وهو ما يتعارض مع الأبحاث العلمية

أما بالنسبة الى قضية إزالة بعض الإضافات والأصباغ الغذائية، مثل "الأحمر رقم 3" - الذي تم حظره في ولاية كاليفورنيا بسبب المخاوف من كونه مسرطنًا - فقد حصل كينيدي على دعم من بعض الخبراء على الرغم من رفض إدارة الغذاء والدواء الأميركية لمزاعم كينيدي حول المقارنة بين الأطعمة المضافة في الولايات المتحدة وتلك المحظورة في الاتحاد الأوروبي.

إلا أن بعض اقتراحات كينيدي قوبلت بانتقادات شديدة. على سبيل المثل، دعا كينيدي إلى السماح بتناول الحليب الخام غير المبستر، وهو ما يتعارض مع الأبحاث العلمية التي تُظهر أن الحليب غير المبستر يمكن أن يحتوي على بكتيريا ضارة قد تتسبب بأمراض خطيرة، بل وقد تؤدي إلى الوفاة في بعض الحالات.

أما في ما يتعلق بمقترح كينيدي بإزالة الفلورايد من مياه الشرب، فقد تم انتقاده بشدة أيضًا إذ أن الفلورايد في مستوياته المنخفضة الموجودة في المياه قد أثبت فعاليته في تحسين صحة الأسنان.

 

إصلاحات غير واقعية

تشكل إصلاحات السياسة الغذائية جزءًا أساسيًا من نقاش الصحة العامة في الولايات المتحدة، لكن بعض الخبراء يشيرون إلى أن هذه الإصلاحات قد تكون غير واقعية سياسيًا وبيروقراطيًا. فقد اعتبرت بعض الآراء أن مقترحات كينيدي المتعلقة بمكافحة الأطعمة المعالجة بشكل مفرط قد تواجه تحديات ضخمة من حيث التنفيذ، نظرًا الى معارضة صناعة الغذاء الكبرى وتعقيدات النظام السياسي.

بالإضافة إلى القيود البيروقراطية، يمكن أن يواجه كينيدي معارضة سياسية شديدة من صناعة الأغذية الكبرى ومن الصعب تنفيذها دون تغييرات جذرية في السياسات والبنية التحتية للقطاع الغذائي في الولايات المتحدة. كما من المتوقع أن يواجه كينيدي معارضة شديدة من الشركات التي تعتمد على استخدام المبيدات الحشرية والكائنات المعدلة وراثيًا، حيث يروج كينيدي لإيقاف استخدامها. وأشار مسؤولو إدارة الغذاء والدواء السابقون إلى أن الشركات ستعترض بشدة على هذه المقترحات، خاصة أن هذه الصناعات تتمتع بقدرة كبيرة على التأثير في السياسات الحكومية.

يرى مؤيدو كينيدي أن إجراءاته قد تكون ضرورية لضخ دماء جديدة في المؤسسات الصحية الفيديرالية التي تراها بعض الأطراف متأخرة أو متواطئة مع مصالح الشركات الكبرى

بدأت الاعتراضات بالفعل حتى قبل تعيينه، فقد التقى العديد من مجموعات صناعة الأغذية مع المشرعين لمناقشة مخاوفها ي فشأن سياسات كينيدي. حتى أن أحد التحديات الكبرى التي يواجهها كينيدي هو تعارض أفكاره مع موقف الرئيس المنتخب ترمب الذي يعتبر من محبي الأطعمة السريعة الى درجة أنه عمل على تخفيف القيود الصحية المفروضة على وجبات المدارس خلال فترته الأولى. يشير بعض الخبراء إلى أن بعض مقترحات كينيدي قد لا تتماشى مع أولويات الإدارة الجديدة، التي تفضل تقليل اللوائح التنظيمية.

ورغم هذه التحديات، يرى البعض أن الحديث عن منع الأطعمة المعالجة بشكل مفرط هو خطوة مهمة نحو تحسين الصحة العامة في الولايات المتحدة، حتى وإن كان من الصعب تحقيقها على المستوى السياسي. فحتى إذا كان من المستحيل سياسيًا منع الأطعمة المعالجة بشكل مفرط، فإن النقاش حول هذا الموضوع يجب أن يستمر، لأنه يتعلق بصحة الأمة أكثر من الأرباح التجارية.

من بين أبرز السياسات التي اقترحها كينيدي، ما أشار إليه في بعض تصريحاته في شأن الطرد المزعوم لعدد من العاملين في الوكالات الصحية الحكومية، وخاصة إدارة الغذاء والدواء، التي أثارت جدالاً كبيراً في الأوساط السياسية والصحية، حيث يرى البعض أن مثل هذه الإجراءات قد تكون مبالغا فيها.

ففكرة الطرد الجماعي لموظفين في الوكالات الحكومية قد تثير تساؤلات حول الكفاءة التنظيمية وفعالية النظام الحكومي. فإدارة الغذاء والدواء، كإحدى الهيئات الفيديرالية الأساسية في الولايات المتحدة، تعتمد على فريق من المتخصصين في مجالات متعددة لضمان سلامة الغذاء والدواء في البلاد. من هنا، فإن التأثير الناتج من سياسة كهذه قد يكون بعيد المدى، إذ يمكن أن يؤدي إلى إضعاف قدرة الوكالة على أداء مهامها بشكل فعال في الوقت الذي يزداد فيه الطلب على ضمان سلامة المستهلكين.

ومن جهة أخرى، يرى مؤيدو كينيدي أن إجراءاته قد تكون ضرورية لضخ دماء جديدة في المؤسسات الصحية الفيديرالية التي تراها بعض الأطراف متأخرة أو متواطئة مع مصالح الشركات الكبرى، وخاصة في قطاع الغذاء والدواء. هذا النقاش يعكس التحديات الكبيرة التي قد يواجهها كينيدي في تنفيذ إصلاحاته، خاصة أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى مقاومة داخلية قوية من الموظفين الحاليين، بالإضافة إلى احتمال تعرضه لانتقادات سياسية واسعة قد تأتي من العديد من الأطراف، بما في ذلك من داخل حزبه أو من بعض الجماعات المدافعة عن حقوق العاملين.

 

الطرد الجماعي

إذا ما تم تنفيذ رؤية كينيدي للإصلاح، فإنها ستحدث تحولاً كبيراً في طريقة إدارة عمل إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن تؤثر هذه السياسات بشكل مباشر على الأداء العام للوكالة، سواء من خلال إعادة هيكلة واسعة للموظفين أو من خلال تغيير ملامح عمل الوكالة بشكل جذري.

رويترز
ميلر مينش، 4 سنوات، يتلقى لقاحًا ضد مرض فيروس كورونا (كوفيد-19) للأطفال.

أحد التأثيرات المباشرة المحتملة لهذه السياسات سيكون على مستوى القوى العاملة في الوكالة. ففكرة الإقالة الجماعية لموظفين في الوكالة قد تؤدي إلى تغيير في الكوادر المتخصصة، مما قد يؤدي إلى فترة من التذبذب في أدائها. فإذا تم طرد عدد كبير من العاملين في مجالات حيوية، مثل تقييم الأدوية أو مراقبة سلامة الغذاء، فقد يؤدي ذلك إلى نقص في الخبرات الفنية اللازمة لاتخاذ القرارات المعقدة، مما قد يؤثر سلبًا في قدرتها على التعامل مع الأزمات الصحية المحتملة أو مراقبة الصناعات الغذائية والدوائية بشكل فعال.

أي تغيرات جذرية قد تخلق شكوكًا حول قدرة الوكالة على القيام بمسؤولياتها بشكل فعال في مراقبة الأدوية والغذاء على المستوى العالمي

كما يمكن أن يؤدي تقليص عدد الموظفين إلى حالة من عدم الاستقرار داخل الوكالة، مما قد يعرقل العمليات اليومية ويؤخر تنفيذ السياسات الصحية. وبالنسبة الى إدارة الغذاء والدواء، التي تراقب سلامة الأدوية والمواد الغذائية في الولايات المتحدة، فإن هذا التأثير ستكون له تداعيات كبيرة على صحة المواطنين وسلامتهم.

من ناحية أخرى، يرى البعض أن هذه الرؤية قد تكون بداية لمرحلة جديدة في تاريخ الوكالة. ففي حال تم تنفيذ الإصلاحات بنجاح، مع ضمان أن يتم اختيار بدلاء أكفاء، فإن ذلك قد يساعد في إعادة هيكلة الوكالة بما يتناسب مع التحديات الحالية في قطاع الغذاء والدواء. ومن الممكن أن تساهم هذه التغييرات في تحسين كفاءة عمل الوكالة، خاصة إذا تم استبدال الموظفين الذين يُعتقد أنهم لم يكونوا على مستوى التحديات أو كان لهم تأثير على القرارات بما يتماشى مع مصالح صناعية.

لكن في الوقت نفسه، قد تؤدي هذه السياسات إلى تعزيز الدور الذي تلعبه جماعات الضغط الخاصة بالشركات الكبرى في عملية صناعة القرار داخل الوكالة، وهو ما قد يضر بالاستقلالية التي يفترض أن تتمتع بها هذه الهيئة الفيديرالية. وبالتالي، فإن ما يبدو كإصلاح قد يتحول إلى حالة من الاضطراب الداخلي في الوكالة، مما يزيد تعقيد المهام الموكلة إليها ويجعل من الصعب الحفاظ على مستوى عالٍ من الشفافية والحياد في عملها.

وقد تؤثر هذه التغييرات في سمعة إدارة الغذاء والدواء على الصعيد الدولي؛ كونها واحدة من الهيئات الفيديرالية الأكثر تأثيرًا في العالم، فإن أي تغيرات جذرية قد تخلق شكوكًا حول قدرة الوكالة على القيام بمسؤولياتها بشكل فعال في مراقبة الأدوية والغذاء على المستوى العالمي. قد يؤدي ذلك إلى تقليل الثقة الدولية في القرارات التي تصدر عن هذه الوكالة، وهو ما قد تكون له آثار على التجارة الدولية، خاصة في مجال الأدوية والتكنولوجيا الطبية.

كما أن إحدى النقاط الأساسية التي قد تطرأ في حال تنفيذ سياسة كينيدي، هي تعزيز الرقابة على المنتجات الغذائية. إذا تمت الموافقة على تطبيق معايير أكثر تشددًا على المواد المضافة للأطعمة، مثل الألوان الصناعية أو الزيوت النباتية المعالجة، فإن الشركات العالمية المنتجة للأغذية قد تجد نفسها مضطرة إلى إعادة تقييم مكوناتها وطرق التصنيع. سيكون لهذا تأثير كبير على الشركات الكبرى مثل "نيسل" و"بيبسيكو" و"كوكا كولا"، التي تعتمد بشكل كبير على استخدام المواد المضافة والأطعمة المصنعة، مما قد يتطلب منها الاستثمار في تقنيات جديدة أو تعديل مكوناتها لامتثالها للمعايير الجديدة.

من ناحية أخرى، قد تؤثر هذه السياسات في صناعة الأدوية العالمية. إذا قررت إدارة الغذاء والدواء اتخاذ إجراءات أكثر صرامة في شأن تنظيم الأدوية أو فرض معايير أكثر تشددًا على الأدوية المصنعة، فإن الشركات العالمية في قطاع الأدوية قد تجد نفسها مضطرة لإجراء تعديلات على منتجاتها لتتماشى مع السياسات الجديدة، مما قد يؤدي إلى زيادة التكاليف أو تأخير دخول الأدوية الجديدة إلى الأسواق.

في المقابل، قد يفتح هذا المجال لفرص جديدة للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تتخصص في إنتاج الأغذية الصحية أو الأدوية الطبيعية، مما قد يعزز الابتكار ويخلق فرصًا جديدة للنمو في أسواق مختلفة. كما يمكن أن يؤدي تشديد الرقابة إلى تحسين الجودة في المنتجات الغذائية والطبية، وبالتالي قد تتحسن صحة المستهلكين في نهاية المطاف.

إذا تم تنفيذ سياسات كينيدي المتعلقة بالإصلاحات في إدارة الغذاء والدواء، فإن ذلك قد يؤدي إلى تحسين الرقابة الصحية في بعض المجالات، خاصة في ما يتعلق بالمضافات الغذائية. وهناك دعم واسع بين خبراء الصحة لضرورة تقليل المواد الكيميائية والإضافات الضارة في الأطعمة، مثل الألوان الصناعية والزيوت النباتية المهدرجة، التي ترتبط بالعديد من الأمراض المزمنة مثل السرطان وأمراض القلب. وبالتالي، فإن تقليل استخدام هذه المواد قد يساهم في تحسين الصحة العامة وتقليل انتشار الأمراض المرتبطة بالغذاء.

قد تتطلب بعض الإصلاحات تعديل آلية التوظيف داخل الوكالة، لضمان أن الأشخاص في المناصب القيادية على دراية كافية بأحدث التطورات في مجالات الصحة العامة والطب الحديث

ومع ذلك، قد تحمل هذه السياسات أيضًا بعض الأخطار التي قد تؤدي إلى تفاقم المشاكل الصحية في حالة عدم إدارة التغييرات بعناية. على سبيل المثل، الاقتراحات التي تشمل فرض قيود على الأطعمة المعلبة أو الأطعمة السريعة قد تؤدي إلى تداعيات اقتصادية كبيرة على صناعات ضخمة مثل صناعة الوجبات السريعة. وإذا لم يتم توفير بدائل صحية بأسعار معقولة، فقد تجد بعض الفئات الاجتماعية، خاصة من ذوي الدخل المنخفض، أنفسها غير قادرة على الوصول إلى الأطعمة الصحية المطلوبة، مما قد يؤدي إلى تفاقم التفاوتات الصحية.

وقد يؤدي التركيز على القضايا المعينة مثل الزيوت النباتية أو المواد المضافة إلى تحركات قد تضر بالصناعات الطبية، حيث يمكن أن تزداد التكاليف التنظيمية أو تتأخر بعض العلاجات المبتكرة بسبب الإجراءات الأكثر تشددًا التي قد تفرضها إدارة الغذاء والدواء. وقد تتفاقم مشاكل صحة الفقراء إذا لم يتم تضمين برامج توعية وتحسين وصول الفئات الضعيفة إلى الغذاء الصحي.

 

صعوبات دولية

من منظور العلاقات الدولية، ستكون لسياسات كينيدي المقترحة آثار ملموسة على التعاون بين الولايات المتحدة والدول الأخرى، خاصة في المجالات التجارية والصحية كون إدارة الغذاء والدواء الأميركية هي الهيئة المعنية بمراقبة الأغذية والأدوية في الولايات المتحدة، فإن القرارات التي تتخذها يكون لها تأثير كبير على تصدير واستيراد المنتجات بين الدول. إذا تم تنفيذ سياسات أكثر تشددًا على الأطعمة والأدوية، فقد تجد العديد من الدول نفسها في موقف صعب، حيث يتعين عليها تعديل معاييرها لتتماشى مع المعايير الأميركية الجديدة.

على سبيل المثل، قد تواجه الشركات الأوروبية، التي تستخدم مواد مضافة أو ألوان غذائية تم حظرها في الولايات المتحدة، صعوبة في تصدير منتجاتها إلى الأسواق الأميركية. يمكن أن يؤدي ذلك إلى توترات تجارية بين الولايات المتحدة ودول أخرى، خاصة في حال تبني سياسة أكثر تحفظًا تجاه المواد المضافة أو المواد الغذائية.

تواجه إدارة الغذاء والدواء الأميركية تحديات صحية معقدة تتطلب استجابة سريعة وفعالة، خاصة مع تفشي الأمراض الوبائية مثل جائحة كوفيد-19، فضلاً عن الابتكارات في العلاجات الطبية. في مواجهة هذه التحديات، تلعب الإدارة دورًا حيويًا في تنظيم الأدوية واللقاحات والعلاجات الطبية الجديدة، وكذلك في ضمان سلامة الأغذية والمنتجات البيئية.

في ما يتعلق بالأمراض الوبائية، واجهت إدارة الدواء والغذاء مهمة شاقة في تسريع عمليات الموافقة على اللقاحات والعلاجات في وقت قياسي خلال جائحة كوفيد-19. من خلال ما يسمى بإجراءات الطوارئ، سمحت الوكالة باستخدام اللقاحات والعلاجات المؤقتة التي أظهرت فعالية وأمانًا في مواجهة الفيروس. وهذا لا يعنى فقط تسريع العمليات، بل أيضًا ضرورة الحفاظ على أعلى معايير السلامة والفعالية. ولكن في المستقبل، ستواجه الإدارة -تحت رقابة كينيدي- تحديات إضافية في تنظيم الأدوية واللقاحات المتطورة، مثل العلاجات الجينية والعلاج بالخلايا الجذعية، مما يتطلب تحديث وتوسيع قدراتها التنظيمية.

أما في ما يتعلق بالعلاجات الجديدة، فإن الفهم المتزايد للأمراض المزمنة والعلاجات المتقدمة يفرض على وكالة الغذاء والدواء تعزيز قدرتها على التحقق من فعالية الأدوية الجديدة التي تُطور باستمرار. ستحتاج الوكالة إلى تحسين كيفية إدارة الابتكار في المجالات الطبية مع ضمان أن الأدوية والعلاجات التي تصل إلى السوق آمنة وفعالة.

ظهر بوضوح أن تولي كينيدي منصب وزير الصحة والخدمات الإنسانية قد يثير تحديات كبيرة على مستوى الصحة العامة في الولايات المتحدة، خاصة مع مواقفه المثيرة للجدال حول اللقاحات

من أجل تجديد الثقة في إدارة الغذاء والدواء وتعزيز الشفافية والمساءلة، هناك حاجة ماسة إلى إصلاحات تشمل العديد من جوانب عمل الوكالة. إذ يجب تحسين عملية اتخاذ القرارات داخل الوكالة لضمان أن تكون مبنية على الأدلة العلمية الصلبة بعيدًا من أي تأثيرات خارجية قد تضر بالمصلحة العامة. إصلاحات مثل تحسين آليات المساءلة وإجراءات الشفافية المتعلقة بمراجعة الأدوية واللقاحات، ستكون أساسية لإعادة بناء الثقة العامة.

شاترستوك
طبيب يمسك بخاخ النالوكسون في يده.

كما يتطلب الوضع الحالي تعزيز التعاون بين مختلف الهيئات الصحية والباحثين من أجل التوصل إلى حلول فعالة لأزمات الصحة العامة مثل الأوبئة. يجب أن تكون هناك سياسة واضحة تضمن أن وكالة الغذاء والدواء الأميركية تتبنى طرقًا مرنة وفعالة في استجابتها للتحديات الجديدة دون التنازل عن معايير الأمان. كذلك، من الضروري أن تعزز الشفافية في ما يخص القرارات السياسية والتنظيمية التي تصنعها الوكالة، بما يشمل نشر بيانات الأبحاث والمراجعات العلمية التي تستند إليها.

قد يتطلب بعض الإصلاحات تعديل آلية التوظيف داخل الوكالة، لضمان أن الأشخاص في المناصب القيادية على دراية كافية بأحدث التطورات في مجالات الصحة العامة والطب الحديث. كما أن برامج التدريب والتطوير المستمر للمسؤولين ستكون ضرورية لتحديث مهاراتهم بما يتماشى مع الابتكارات الصحية.

 

نهج مختلف

في العصر الحديث، أصبح دور وكالة الغذاء والدواء في ضمان سلامة الأغذية والأدوية أكثر أهمية من أي وقت مضى. مع تنوع المنتجات الغذائية والعلاجية في الأسواق العالمية، يتعين على الوكالة التكيف مع هذه التغيرات من خلال تحديث لوائحها وأساليبها الرقابية. فالإدارة مسؤولة عن التأكد من أن الأطعمة التي يتم بيعها في الولايات المتحدة لا تشكل خطرًا على الصحة العامة من خلال فحص المكونات والمضافات والمواد الملوثة في المواد الغذائية.

حتى الآن؛ لم يتضح دور كينيدي ومدى تأثيره على إدارة الغذاء والدواء، لكن عادةً ما تتبنى الإدارات الجمهورية نهجًا أكثر تقييدًا في التنظيم والإنفاذ، مما يؤدي غالبًا إلى تقليص الإجراءات القانونية وتخفيف القيود التنظيمية.

فعلى سبيل المثل، في نهاية ولاية ترمب السابقة، حاولت إدارة الغذاء والدواء إعادة تصنيف 91 جهازًا طبيًا بما في ذلك القفازات، والعباءات الجراحية، وأجهزة التنفس، وأجهزة التنفس الصناعي، من كونها تتطلب الموافقة المبدئية إلى إمكان تسويقها بدون موافقة إدارة الغذاء والدواء، بالإضافة إلى محاولتها توسيع عدد الأدوية غير المعتمدة التي يمكن تسويقها بدون موافقة إدارة الغذاء والدواء.

لكن؛ يبدو أن نهج تخفيف القيود لن يحدث. فقد ظهر بوضوح أن تولي كينيدي منصب وزير الصحة والخدمات الإنسانية قد يثير تحديات كبيرة على مستوى الصحة العامة في الولايات المتحدة، خاصة مع مواقفه المثيرة للجدال حول اللقاحات، بما في ذلك التشكيك في فعالية اللقاحات ضد الحصبة وكوفيد-19، والتي قد تؤدي إلى تراجع في معدلات التطعيم، مما يهدد بزيادة تفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها، وقد تكون أيضًا لها تداعيات خطيرة على سمعة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها وإدارة الغذاء والدواء في حال تبني سياسات تشكك في العلم الطبي المتفق عليه.

font change

مقالات ذات صلة