من واقع أنه يعتبر نفسه منتميا إلى جيل لا يهتم بالتاريخ، يعود الروائي الجزائري عبد الوهاب عيساوي إلى منابع التاريخ المتنوعة، ليجيب عن أسئلة لا تزال تتكرّر رغم مرور آلاف السنين. واعتمد في ذلك على تاريخ متخيل وعلى الكثير من الوثائق التاريخية، ونسج أحداث معظم رواياته التي أهلته للحصول على عدد كبير من الجوائز من بينها "الجائزة العالمية للرواية العربية" (البوكر) عام 2020 عن روايته "الديوان الإسبرطي"، و"جائزة كتارا" للرواية غير المنشورة عن روايته "سفر أعمال المنسيين" عام 2017.
أما عن التفاصيل التي تقف وراء كتابته للأحداث الروائية فيقول عيساوي في حديثه الى "المجلة": "كثيرا ما كُتب التاريخ العربي بأقلام المستشرقين أو المنتصرين، مما يجعل الرواية أداة لإبراز صوت المهزومين وتوثيق تجاربهم".
- ما الجديد في روايتك "عقدة ستالين" الصادرة أخيرا عن "دار مسكلياني"؟
إنها رواية مختلفة، تتميز بسخرية سوداء من الحياة التي نعيشها، على لسان شاب بدوي. الرواية سيرة لهذه الشاب، لكنها في الوقت نفسه سيرة لجيل بأكمله، بكل خيباته وأحلامه وأوهامه ومستقبله الغامض.
منظور ملحمي
- تقول إن الهدف الأساس من التاريخ هو البحث عن الأسئلة الراهنة داخل فضاءاتها الأولى، هلا شرحت أكثر؟
ليست هناك جدوى من إعادة كتابة التاريخ روائيا بالمفهوم التقليدي الذي كان يركّز على الدرس التاريخي، على غرار ما كتبه جرجي زيدان وغيره، إذ صار التاريخ بالنسبة إلى الكاتب المعاصر رؤية وليس حدثا فقط، بمعنى أن الاشتغال يكون على الخطابات والأنساق الثقافية وليس على الحكايات في شكلها المباشر، فهو يبحث عن التأسيسات الأولى للمفاهيم الراهنة التي لا تمكن مقاربتها إلا بالعودة إلى منابعها الأولى، فقد يلجأ الكاتب إلى العودة إلى أي عصر ليقرأ فيه سيرورة فكرة ما، وخاصة في التاريخ العربي الذي ظل يعيد نفسه منذ البدايات الأولى لظهور الإسلام، وتباين القراءات المتعددة للتاريخ جعل الحاضر على هذه الصورة.