على مدى عقود، انتهج النظام السوري سياسات ديموغرافية تستهدف تغيير التركيبة السكانية للمدن الكبرى مثل دمشق وحمص، بهدف تفكيك النسيج الاجتماعي وإضعاف الهوية الوطنية. هذه السياسات، التي تم تنفيذها تحت ستار مشاريع عمرانية، كانت جزءًا من خطة لإحكام السيطرة الأمنية والسياسية. ومع سقوط النظام، أصبحت آثار هذه السياسات تشكل تحديًا طويل الأمد يجب معالجته بحكمة للحفاظ على وحدة المجتمع السوري.
أحياء جديدة بأهداف سياسية
ركز النظام على إنشاء أحياء جديدة في المدن الكبرى لتغيير التركيبة السكانية بما يخدم مصالحه السياسية والأمنية. هذه الأحياء لم تكن مجرد مشاريع إسكان، بل أدوات لتغيير ديموغرافيا المناطق ذات الطبيعة المعارضة.
دمشق: تفكيك الطابع العريق
بدأت عمليات التغيير الجغرافي في دمشق، العاصمة التي كانت تُعتبر رمزًا للتنوع الثقافي والاجتماعي في سوريا، منذ تولي حافظ الأسد للسلطة.
حي مزة 86
تم إنشاء هذا الحي بجوار حي المزة الدمشقي الراقي، الذي كان يتميز بتجانسه الاجتماعي. وقد استهدف النظام المنطقة بتوطين سكان موالين له، مما أدى إلى تغيير تركيبة الحي وتحويله إلى نقطة نفوذ أمني وسياسي.
تنظيم كفرسوسة
تم إنشاؤه بجوار حي الميدان الدمشقي، وهو أحد الأحياء العريقة ذات التاريخ الاجتماعي المتماسك. الهدف كان تفكيك هذا التماسك الاجتماعي وإضعاف الطابع المعارض للحي.
عش الورور
يقع الحي العشوائي بالقرب من أحياء معروفة بمواقفها المعارضة مثل برزة والقابون. واستُخدم الحي لتوطين مجموعات موالية للنظام، مما جعله حاجزًا ديموغرافيًا وأمنيًا يهدف إلى تقليص تأثير المعارضة.
السومرية
أُقيم هذا الحي على أطراف دمشق بالقرب من قدسيا، وتم تصميمه ليكون مركزًا لتوطين فئات موالية للنظام بهدف تعزيز السيطرة على المداخل الغربية للعاصمة.